المنشورات

من دولة الرفاه إلى دولة المنافسة

يقترح القسم السابق، وبشدة، أن عهد الدولة القومية كأداة فعالة في صنع السياسات هو أبعد ما يكون من النهاية. ففي الواقع، ومن المؤكد تقريبا، أن الدولة تستهلك اليوم حصة من الناتج المحلي الإجمالي العولمي اكبر من أي مرحلة سابقة في تاريخها. إلا أنه سيكون من الخطأ أن نستدل من مثل هذه الأدلة التي تم استعراضها في القسم السابق، أن الدولة القومية غير مفيدة البتة بالعولمة، وأن العولمة لم يكن لها أي دور في تحول الدولة المعاصر، وقد كان لدى منظري العلاقات الدولية أيضا كثير مما يقولونه هنا. فقد أشار فيليب ج. تشيرني (Philip G
Cemy تحديدا، وفي سلسلة من المداخلات المهنة (29)، إلى دور العولمة في ما عبر عنه بالانتقال من حقبة دولة الرفاه (welfare state) إلى حقبة دولة المنافسة (competition state) في الديمقراطيات الليبرالية المتقدمة. وقد أوجزنا محاجته في قسم الكتاب المنتقى الذي نستعرضه لاحقا، كما نستعرضه بتفصيل أكبر هنا كدراسة
إن الحوار بشأن احتمال دولة الرفاه في حقبة العولمة هو حوار حاسم النظرية العلاقات الدولية لأسباب رئيسة ثلاثة. أولا، وكما رأينا، فإن
حوار العولمة الخاص بنظرية العلاقات الدولية يضع الواقعيين والواقعيين الجدد في مواجهة العولمين. وكما رأينا ايضا، فإن الواقعيين والواقعيين الجدد يشددون على استمرارية سيادة الدولة القومية واستقلاليتها في صنع السياسات، بينما يرى العولميون أن كلتيهما السيادة والاستقلالية قد تعرضتا جوهريا للخطر من جانب العولمة. والنقطة الرئيسة هنا هي أنه ليس هناك اختبار مباشر لمدى سيادة الدولة وقدرتها على صنع السياسات اكبر من قدرتها على توفير الرفاه لمواطنيها. وعلى هذا النحو، فإن مسألة مستقبل دولة الرفاه، وتحديدا تقويم أطروحة أن دور الدولة باعتبارها ضامنا أو داعما لرفاه مواطنيها قد تم إخضاعه لدورها في تعزيز المنافسة، هي مسألة جوهرية لنظرية العلاقات الدولية.
ثانيا، إن هذه ليست مسألة سيادة الدولة أو مسألة تتعلق بقدرة الدولة على دعم مواطنيها فحسب، لكنها أيضا، ويشكل حاسم بالنسبة إلى نظرية العلاقات الدولية، مسألة تتعلق بالقوة النسبية والنفوذ النسبي للجهات المعنية من الدول وغير الدول، ولا سيما الشركات عبر الوطنية أو عبر القومية. فإذا كان تشيرني محقا في تحديده لبروز دولة المنافسة التي تخضع جميع المقتضيات السياساتية الأخرى لتلك التي تعنى بتعزيز تنافسية الاقتصاد القومي في بيئة عولمية، فإذا لن نعدو الدولة اليوم أكثر من وسيلة للتعبير عن مصالح رأس المال. وإلى الحد الذي يكون فيه هذا الأمر مقبولا، ينبغي المنظري العلاقات الدولية بالتأكيد، عندئذ، أن يكونوا معنيين في المقام الأول بتلك المصالح، وليس بمصالح الدولة. ونكرر التأكيد بأن مضامين ذلك لنظرية العلاقات الدولية المتمركزة حول الدولة ذات نتائج محتملة كبيرة، ومخاطر الحوار كبيرة بلا شك.
أخيرا، وكما أشرنا سابقا، فإن منظري العلاقات الدولية، أمثال إيان كلارك (10) (lan Clark) وفيليب ج، تشيرني، قد ساهموا بالكثير في فهمنا التطور الدولة، ومحاجة تشيرني بشان بروز دولة المنافسة في سياق العولمة هي محاجة شائقة ومثيرة للاهتمام على وجه التحديد. وفي ما يلي ملخص المحاجة جدال تشيرني (في القسم الذي يستعرض دراسة الحالة) ومناقشة المضامينه في السياق العالمي في يومنا هذا. تاواني دارد
ببرج نشيني
الدولة. ومحاكة 

المقالة المنتقاة
مقالة فيليب تشيرني بعنوان "مفارقات دولة المنافسة: ديناميات العولمة السياسية»، مجلة الحكومة والمعارضة (27)
إن المساهمة الرائدة التي قدمها تشيرني تبدا، كما عديد من المساهمات التي سبقتها، من الافتراض أنه في حقبة من التكامل الاقتصادي المتصاعد (أو العولمة) تصبح المنافسة مركزية للأداء الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى. ومع ازدياد تدفقات الاستثمار والتجارة، توضع الاقتصادات الوطنية، وعلى نحو متزايد، في مواجهة بعضها مع بعض ضمن صراع تنافسي حاد لم يسبق له مثيل. وتلك الاقتصادات التي هي إما غير تنافسية بطبيعتها، وإما تفرض عليها دولها قيودا تنظيمية مرهقة ومستويات غير ضرورية من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، ستفقد قوتها، إلا إذا قامت بإصلاح ممارساتها بحيث تفرض تدقيقا تنافسيا متشددا على جميع أشكال تدخلات الدولة. ويقترح تشيرني أن أي تدقيق من هذا النوع يكشف عن أن دولة الرفاه هي ترف لحقبة قد ولت، وصحيح أنها مرغوب فيها معياريا وفقا الشروطها الخاصة، لكنها عبء على التنافسية لا يمكن استدامته ولم يعد في الإمكان الآن تحمل تكاليفه في حقبة العولمة.
والمحاجة هنا بسيطة، وهي على الأرجح مألوفة. فعندما يواجه المستثمرون المتحركون [المتنقلون بخيار بين الأنظمة التشريعية الوطنية، فسيختار هؤلاء المستثمرون الذين يسعون إلى تضخيم أرباحهم، بيئات ذات أنظمة تشريعية مخففة التنظيم الاقتصادي تتميز بمستويات منخفضة من الضرائب التي تفرض على الشركات والأشخاص، وسيفضلونها على البيئات ذات الأنظمة التشريعية متشددة التنظيم الاقتصادي التي تتميز بمستويات مرتفعة من الضرائب المفروضة على الشركات والأفراد. وإذا سارت الأمور حسبما هو متوقع، فسيقوم هؤلاء بنقل نشاطهم الإنتاجي من اقتصادات دول الرفاه المثقلة بالأعباء إلى تلك الملتزمة أكثر بالحرية في آليات السوق. وبقيامهم بذلك، سيساعدون في استدعاء انتهاء عصر دولة الرفاه في الديمقراطيات الليبرالية المتقدمة. ويرى تشيرني أن هنالك شكلا جديدا للدولة - دولة المنافسة - في تطور، وأنه سيحل محل دولة الرفاه. وفي حين كانت الأولوية الأولى لدولة الرفاه دعم رفاه مواطنيها من خلال عزل
عناصر رئيسة للحياة الاقتصادية عن قوى السوق»، فإن الاستراتيجية الرئيسة لدولة المنافسة هي استراتيجية تسويقية (marketisation) من أجل جعل النشاط الاقتصادي الموضوع ضمن المجال القومي ... أكثر تنافسية من الناحية الدولية وعبر القومية» (2). ويتابع تشيرني بأن دولة المنافسة في دولة الحد الأدني (بالنسبة إلى وظائف ومهام الحكومة أو دولة اختزالية (تختزل مهام الدولة ووظائفها عندما تقارن بدولة | الرفاه السالفة لها. وهي تعزز المرونة والدينامية في الاقتصاد من خلال سلسلة من التدخلات الاقتصادية الجزئية) الدقيقة (عادة على جانب العرض) (supply - side)، والمصممة نموذجا لتحفيز الممارسات التنافسية). وبقيامها بذلك، فإنها تقاوم الميل «الكينزي» °•) (Keynesian) للتحكم بالطلب ضمن الاقتصاد ككل. كما أنها تضع التنافسية فوق كل:
ادامه -
(29) المصدر نفسه، ص 258 - 259. (0) اقتصاد جانب العرض (
Supply - Side Economics) الذي يعرف أيضا باسم Reaganomics اي الاقتصاد الريغاني نسبة إلى الرئيس الأميركي رونالد ريغان (Ronald Reagan)، أو باصطلاح Trickle
- down Policy أي سياسة الرشوح إلى الأسفل، والذي يشير إلى رشوح الأثر الاقتصادي إلى الأسفل بطريقة غير مباشرة، أي إن المزايا المالية التي تمنحها الحكومة للأعمال التجارية الكبيرة مترشح في المقابل إلى الأسفل فتفيد الأعمال الصغيرة المترجمة
(oo) الاقتصاد الكينزي، او النظرية الكيرية، مجموعة مدارس فكرية اقتصادية كلية مبنية على افكار الاقتصادي جون مينارد كبتر (John Maynard Keynes) في القرن العشرين، وهذه النظرية تقبل تدخل الحكومة في الاقتصاد لتحقيق التوازن في الدولة [المترجمة الأولويات الأخرى للحكومة، خضع السياسات الاجتماعية وسياسات سوق العمل إلى سياسات تعزيز اقتصاد مرن قادر على التكيف بسرعة في ظل الضغوط المتغيرة المفروضة عليه من السوق التجارية العولمية. أخيرا، فإنها تعزز الرفاه فقط إلى الحد الذي يساهم به هذا الأمر بوضوح في مرونة الاقتصاد ككل، وفي إنتاجيته، وفوق كل شيء في تنافسيته.
إن التصور النموذجي الذي يقدمه نشيرني لدولة المنافسة نحت ظروف العولمة هو تصور مقنع وبالطبع يبدو أنه يصف، وباسلوب ممتاز، المسار الإصلاحي الذي تشرع فيه ديمقراطيات ليبرالية عديدة متقدمة حاليا. إلا أنه لا يتطابق مع البرهان الذي تم أخذه في الحسبان في القسم السابق، حتي وإن كان يصف جيدا تطور دولة المنافسة، فهل يمكنه بصدقية أن يصف بروزها؟ ويمكن هنا توضيح عدد من النقاط المفيدة
أولا، يعتمد تشيرني في الواقع على تصور مفاهيمي بسيط نوعا ما بشان محددات التنافسية في اقتصاد عالمي مفتوح او متكامل. وعلاوة على ذلك، فهو تصور يمكن القول عنه إنه في تناقض متزايد مع الدليل الإمبيريقي المتوفر. ويفترض تشيرني أنه يجب على التنافسية أن تقاس فحسب (أو بالطبع في المقام الأول من حيث التكلفة التي يمكن مقابلها للعمل التجاري أو للاقتصاد أن يزود سلعة ما للسوق. وتاليا، فإن جميع أشكال الضرائب وجميع القيود التنظيمية هي أعباء على التنافسية، حيث إنها تزيد من تكاليف الإنتاج (أو في الأقل، تزيد التكاليف التي يتحملها العمل التجاري في عملية الإنتاج). وعندما يتم صوغها بهذه الطريقة، يصبح من غير الصعب مطلقا علينا أن نرى كيف ولماذا قد ثري دولة الرفاه عبئا على التنافسية. لكن التكاليف ليست هي المحدد الوحيد، أو حتى يمكن القول إنها ليست المحدد الرئيس لاختبارات المستهلك في سوق تجارية معقدة، فجودة البضائع المعروضة، وأداؤها، وأصلها، هي أمور بالقدر ذاته من الأهمية، حتى إنه يمكن القول إنها أكبر أهمية من تكلفتها. علاوة على ذلك، وبشكل عام، فإن الاقتصادات التي تتميز بالمستويات الأعلى من الإنفاق على الرفاه الاجتماعي تميل إلى التنافس في الأسواق التي تتسم بالحساسية للأسعار أقل من حساسيتها للجودة. فكما يؤكد السويديون، فإن المستهلكين لا يشترون سيارات صاب (SAAB) وفولفو (Volvo) لأنها رخيصة. والمراد هنا هو أننا إذا اعترفنا بأن هنالك، بالنسبة إلى التنافسية في الأسواق الدولية، ما هو أهم من تقليص التكلفة، فسيصبح عندئذ التدقيق التنافسي لدولة الرفاه أكثر تعقيدا بكثير مما يفترضة تشيرني. فالمستويات المرتفعة من الرفاه المجتمعي، وعلى الرغم من أنها باهظة الثمن من حيث ارتفاع تكاليف العمالة الأخرى من غير الأجور (
non - wage habour costs)، فإنها قد ترتبط بقوى عاملة سليمة ومخلصة، ذات علاقات صناعية [علانات موظفين] (industrial relations) تعاونية وغير عدائية، وذات مستويات مرتفعة من رؤوس الأموال البشرية (human capital) والابتكارات المنتجاتية product) (innovation، وذات مستويات محلية مرتفعة من طلب المستهلكين، والتي قد ثري جميعها بأنها ترتبط ارتباطا إيجابيا بالأداء الاقتصادي.
ثانيا، يفترض أنه لهذا السبب يستمر الاستثمار الأجنبي المباشر، وبمستويات متفاوتة، بالانجذاب نحو أكبر المنفقين كليا على الرفاه في الاقتصاد العالمي، وهو السبب الذي يجعل مستويات التكامل التجاري ترتبط إيجابا وليس سلبا بإنفاق الدولة والإنفاق على الرفاه. باختصار، فليس هنالك إلا أدلة قليلة تثبت صحة فرضية أن دولة الرفاه هي في الواقع استنزاف للتنافسية
وهذه نقاط حاسمة، حيث إنها تقترح بأن المفاضلة التي يفترضها تشيرني ببساطة بين الإنفاق على الرفاه/ رفاه مواطني الدولة، من جانب، والأداء الاقتصادي في حقبة من الاعتمادية الاقتصادية المتبادلة، من الجانب الآخر، هي مفاضلة خيالية وليست حقيقية. ونتيجة لذلك، فقد تكون قدرة الدولة على رعاية رفاه مواطنيها أقل عرضة للتأكل بسبب العولمة مما افترضنا، أو بالطبع مما افترضت تلك المفاضلة. علاوة على ذلك، وحيث إن هذه هي الحال، فعلى الأغلب أن ما يدفع تطوير الدولة اليوم هو المصلحة المتصورة للجهات الفاعلة السياسية في تطوير کيانات تنافسية شبيهة بالدولة، وليست الحاجة إلى رؤوس الأموال في حد ذاتها.
ثالثا، وكما بدأت المناقشة آنفا بالإشارة مسبقا، فإن تمييز تشيرني المزدوج بين دولة الرفاه التي تقتل المنافسة من جهة، ودولة المنافسة التي تعزز المنافسة من جهة أخرى، هو تمييز خام ومبسط بشكل زائد عن اللزوم. فالواقع بالتأكيد هو أن دولة الرفاه يمكن إصلاحها - وإلى حد ما يجري إصلاحها - من أجل زيادة مساهمتها المحتملة في التنافسية الدولية، لكن من الضروري عدم إغفال المساهمة الكبيرة التي يجادل بان دولة الرفاه كانت قد قدمتها للتنافسية باستمرار. وبالتأكيد، فقد كانت دول الرفاه الشمال أوروبية التي هي نموذج في الإنفاق العام المرتفع، وطوال حقبة ما بعد الحرب، من بين أقوى الاقتصادات في العالم. وقد سارت دولة الرفاه دائما جنبا إلى جنب مع الانفتاح الاقتصادي، وليس هنالك دليل يثبت أن علاقة المنفعة التبادلية تلك هي اليوم في حالة تأكل. وهذه ايضا نقطة مهمة. فهي ذگرنا بضرورة أن يأخذ منظرو العلاقات الدولية في الحسبان العلاقة بين المصالح السياسية والمصالح الاقتصادية، والتي كانت تاريخيا علاقة متنوعة لكنها ايضا دائمة الأهمية، وذلك عند فهمهم لتطور النظام. وعلى الرغم من أن الدولة لم تنجح غالبا في جذب انتباه كثير من منظري العلاقات الدولية، فإنها مارست دائما دورا حاسما في تحديد الاحتمالات الاقتصادية المحلية، ويمكن القول في هذا الخصوص، وعلى نحو مثير اللجدل، إن حقبة العولمة ليست استثناء على ذلك.
رابعا، إن تصور تشيرني لتطور دولة المنافسة يفترض وجود اقتصاد عالمي متكامل كليا، كما أنه يعزو السببية إلى هذا الاقتصاد. وكما يشير القسم السابق، فإن ذلك الافتراض هو في الواقع افتراض ذو إشكالية كبيرة على نحو متزايد. فالاقتصادات الأوروبية التي كانت رائدة في تطوير دولة الرفاه، والتي لا تزال أغلبية دول الرفاه المتقدمة موجودة فيها، هي اقتصادات متكاملة إقليميا بشكل أوثق من أي وقت مضى. لكن استنادا إلى هذه الحقيقة، يمكن جدلا القول إن هذه الاقتصادات أقل تعرضا لضغوط السعي إلى الميزة التنافسية competitive) (advantage في الاقتصاد العولمي. فمحددات التنافسية بالنسبة إليها هي إقليمية على نحو متزايد من حيث طابعها، وبالطبع فهي من حيث طابعها، أقل عولمية من أي مرحلة أخرى في حقبة ما بعد الحرب.
أخيرا، فمهما يكن تصور تشيرني لتطور دولة المنافسة دقيقا من الناحية الوصفية، إلا أنه لا يعطي أي تفسير موثوق لهذا التطور؛ أي عزو السببية إلى مفهوم غير متبلور إلى حد ما عن العولمة، وعلى نحو مبهم تقريبا. واقرب ما نصل إليه لوجود آلية التقرير صحة هذا الادعاء هو الاحتكام إلى عملية داروينية جديدة (
neo - Darwinian process) من الانتقاء الطبيعي، حيث الميزة التنافسية التي يوفرها تطور دولة المنافسة هي التي تضمن محاكاتها (أي الوصول إلى أقرب شكل لدولة المنافسة، إلا أن المشكلة في هذا هي أنه ليس هنالك دليل حقيقي يوحي أن دول المنافسة هي أكثر تنافسية عولميا من دول الرفاه التي يزعم أنها حلت محلها، وطالما أن الأمر كذلك، إذا فالحجة التي تقول إننا قد شهدنا تغييرا جذريا حاسما في توازن القوى النسبي بين الدولة ورأس المال، هي حجة غير مقنعة. وإجمالا، فالمرجح هو أنه في غياب الدليل المقنع بطريقة أو بأخرى المدى تفوق دولة المنافسة أو عدمه، فقد تم تقديم سلسلة من الإصلاحات الليبرالية الجديدة عموما وترويجها على أنها محددات للرخاء الاقتصادي، وقد تم تطبيقها على هذا النحو. في هذا الصدد، فإن انتشار الكيانات التنافسية الشبيهة بالدولة ليس تأكيدا لأطروحة تشيرني بقدر ما هو مؤشر على تأثير عديد من الافتراضات التي بنيت عليها أطروحته.
وإذا كان الأمر كذلك بالفعل، فإن جزءا كبيرا من استقلالية الدولة في صنع السياسات وقدرتها على رعاية احتياجات مواطنيها يبقى على حاله؛ مع أن مسألة ما إذا كان يتوقع منه أن يبقى على حاله أم لا، قد تكون مسألة أخرى مختلفة. 


الاستنتاج
لقد غطى هذا الفصل قدرا لا بأس به من موضوعات النقاش. غير أن استنتاجاته يمكن أن تصاغ ببساطة نسبيا. فكما رأينا، غالبا ما قدم العولمة بصفتها تحديا جوهريا لحقل العلاقات الدولية ذاته، مشككة في مدى ملاءمة التركيز المستمر على العلاقات بين الأمم [الدول وفي الأهمية المعاصرة لهذا التركيز. إلا أنه، وكما يظهر أي تقويم تفاؤلي للدليل الإمبيريقي على العولمة، فإن المستوى الحالي من الاعتمادية المتبادلة ضمن المنظومة العالمية، وعلى الرغم من كبره، لا يتوافق بسهولة مع الأبدال الأقوى لأطروحة العولمة. كما أن مصطلح العولمة ليس بالضرورة وصفا دقيقا للواقع الحالي وللتوجهات المعاصرة. وبناء عليه، ففي حين أن هنالك كثيرا مما يمكن جنيه من التركيز على عمليات الاعتمادية المتبادلة عبر القومية والحوكمة العولمية، فهناك رؤي جوهرية يمكن الحصول عليها من التركيز الأكثر تقليدية على الدولة بصفتها الجهة الفاعلة الرئيسة، أو حتى الوحيدة، على الساحتين المحلية والدولية. وفي النهاية، فإن آيا من هذين الترکيزين لا يستبعد أحدهما الآخر. وما دام الأمر على هذا الحال، فإن الحديث عن ما بعد العلاقات الدولية هو أمر سابق لأوانه بعض
الشي


أسئلة
1. ما هي العولمة؟
2. هل العولمة مفيدة لنا؟
3. إلى أي مدى تقوم العولمة بإضعاف الواقعية والواقعية الجديدة، إن كانت تقوم بذلك فعلا؟
4. هل العولمة وتخصص العلاقات الدولية متنافران؟
5. ما هي درجة الحدة (intensivity) ودرجة الشمولية (extensivity) التي يجب أن
تكون عليها العمليات قبل أن نتمكن، وعلى نحو مزض، من الإشارة إليها بكونها معولمة؟ 

،، ما المقصود بالتشكيل الثلاثي (triadization)، وهل هو حاصل؟. هل العولمة (globalization) والأقلمة (regionalization) توجهان متعاديان أم إن
أحدهما يعزز الآخر على نحو تبادلي؟. أعط تقويما لحجة التشككيين ضد أطروحة العولمة. 9. هل هنالك مستقبل لدولة الرفاه في حقبة من العولمة؟ 10. ما هي دولة المنافسة، وكيف يمكنها أن تعطي ميزة تنافسية لاقتصاد وطني و في حقبة من العولمة؟ 11. هل العولمة مطابقة للتداول الديمقراطي؟ 12. هل الدولة ضحية للعولمة، أم هي فاعلة لها، أم إنها الاثنان معا؟
مزيد من القراءات (باللغة الإنكليزية]
Versus . Buzan, Barry, David He and Anthony McGrew, Realism
Review of International Studies: vol. 24, 0, 3, 1998, pp. 387 Cosmopolitanism 398.
باري بوزان، ودايفد هلد، وأنطوني مكغرو (1998)، «الواقعية مقابل الكوزموبوليتانية، مجلة الدراسات الدولية.
تداول مذهل حول نتائج العولمة بالنسبة إلى نظرية العلاقات الدولية بين مدافع عن واقعية (متحفظة) والمؤيد الرئيس للكوزموبوليتانية.
Cerny, Philip G. «Paradoxes of the Competition State: The Dynamics of Political Globalisation.» Government and Opposition: vol. 32, No. 1, 1997, pp. 251 - 274.
فيليب تشيرني (1997)، «مفارقات دولة المنافسة: ديناميات العولمة السياسية، مجلة الحكومة والمعارضة.
تعبير واضح و مشر للأطروحة المؤثرة المتعلقة ب (دولة المنافسة والتي قدمها تشيرني. 

Clark, lan, Globalisarion and International Relations Theory Oxford: Oxford University Press, 1999
إيان كلارك (1999)، العولمة ونظرية العلاقات الدولية.
تقويم ممتاز، ودقيق، وحصيف لمضامين العولمة بالنسبة إلى نظرية العلاقات الدولية.
Held, David. Cosmopolitanism: Globalisation Tamed 2.» Review of 1 International Studies: vol. 29, no. 4, 2003. pp. 465 - 4 80.
دايفد هلد (2003)، «الكوزموبوليتانية: العولمة المروضة؟»، مجلة الدراسات الدولية.
تعبير واضح و مشر للموقف الكوزموبوليتاني من جانب مؤيدها الرئيس.
Youngs, Gillian. International Relations in a Global Age: A Conceptual o Challenge, Cambridge, MA: Polity Press, 1999.
غيليان يونغ (1999)، العلاقات الدولية في عصر عولمي: تحد مفاهيمي.
نقد مقنع، وربما يكون نقدا مبالا به بعض الشيء، لمحدوديات نظرية العلاقات الدولية المتمركزة حول الدولة في عصر من العولمة.
مواقع إلكترونية مهمة باللغة الإنكليزية] |
: دليل العولمة (Globalization Guide). مصدر يزود الطلبة بمعلومات عن العولمة، ح
http : / / www . globalisationguide . org
> • الموقع الإلكتروني للعولمة (The Globalization Website). مصدر يزود الطلبة والباحثين بتجميع للحوارات المتعلقة بنتائج العولمة،. http
: / / www >
Sociology.emory.edu/globalization
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضافية الشائقة، <
http : / / www . oxfordtextbooks . co . ukforc / dunne 2 e














مصادر و المراجع :

١- نظرية العلاقات الدولية

المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث

المترجم: ديما الخضرا

الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت

الطبعة: الأولى

تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید