المنشورات

تغيرات في الهيكل الاجتماعي الهيكل الاجتماعي والفكري

إن لدى التخصصات الأكاديمية هياكل اجتماعية وأخرى فكرية، وتتضمن الهياكل الاجتماعية مؤسسات تبدأ من تلك المنظمة الرسمية والكبيرة من التخصصات المجتمعة في كليات ضمن الجامعات، إلى تلك الأصغر، والتي غالبا ما تكون غير رسمية، كإجراءات التحكيم في كبرى المجلات الأكاديمية مثلا، وستركز المناقشة هنا على السؤال المركزي عن كيفية ارتباط الباحثين في ما بينهم داخل حقل معين، وملي اعتماد بعضهم على بعض، ومن خلال ذلك، كيف يتم التنسيق في ما بينهم وكيف يحكمونه. وهذا أمر مرکزي لأن من طبيعة العلم أن يكون بمنزلة علاقة بين الزملاء: «الحقول العلمية هي منظمة عمل معينة، وهي هيكل إنتاج الإبداع الفكري وتضبطه من خلال المنافسة للحصول على مكانة مرموقة عند جماهير المفكرين على المستويين القومي  والدولي بسبب المساهمات التي تخدم أهدافا جماعية (39). وهي تکاني الابتكار الفكري - حيث إن المعرفة الجديدة فقط هي التي تكون قابلة للنشر - وعلى الرغم من ذلك، ينبغي للمساهمات أن تتوافق مع المعايير والأولويات الجماعية إذا كانت ستعتبر مؤملة وعلمية» 29). وقد أصبح نظام النشر هو المؤسسة المركزية، وتاليا فإن المنافسة حول التأثير في الباحثين الآخرين وتوجيههم من خلال النشر أصبحت الية مركزية. وعلى عكس الوظائف التي يتم فيها إعطاؤك شهادة اعتماد مرة واحدة وإلى الأبد، فإن الاستقلالية الفردية لدى العلماء منخفضة جدا، لأنك تستمر في الاعتماد على الزملاء في المهنة من أجل الحصول على قبول واعتراف طوال مدة حياتك المهنية البحثية (20) والاعتراف هو الوسيلة المركزية، لكن الاعتراف من جانب زملاء معينين له قيمة أكبر من الاعتراف الذي يأتي من سواهم؛ فالسلطة تتركز بيد أولئك الذين يسيطرون على الغايات المعرفية والإجراءات المعرفية.
أما الهياكل الفكرية فهي تشتمل على الكيفية التي ترتبط من خلالها المعرفة المتعلقة بالتخصص بعضها مع بعضها الآخر، أي إلى أي حد تشتمل النظريات الشمولية أو النماذج المعيارية الشمولية على المساهمات المختلفة أو وحدها من خلال طرائق أو أساليب واضحة، وبالتالي ما هي درجة التبو المتاحة لممارسي المهنة ليتوقعوا إن كانت أعمالهم س حتسب إضافة جديدة وذات معنى (إن الهياكل الاجتماعية والهياكل الفكرية مترابطة بشكل وثيق، لكني سأقدمها في هذا الفصل على نحو منفصل وذلك بهدف الوضوح)
إن الاختلافات في ما بين العلوم ليست كما يفترض عادة، فهي لا تستمد من موضوع الدراسة الخاص بالتخصصات المختلفة، كما هو الحال بالنسبة إلى المقارنة المعيارية بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية / الإنسانية. إن التفسيرات التي تقول إن العالم الاجتماعي أكثر تعقيدا، أو إن الظواهر الطبيعية هي في طبيعتها أكثر ميكانيكية، وبالتالي فإن التنبؤ بها أسهل، هي ليست تفسيرات كافية. ومن التوضيحات الجيدة لهذا الأمر مثال الفرق بين الفيزياء والكيمياء في منتصف القرن العشرين. ففي الفيزياء، كان المرء في حاجة إلى معدات استثنائية ومكلفة، وكانت الاستنتاجات تصدر عن فئة قليلة من الأشخاص، بينما كانت المعدات في الكيمياء متوافرة في أقسام الجامعات. وتاليا، فقد أظهرت الكيمياء درجة أقل من الاهتمام بالوحدة النظرية لتوحيد النظريات)، كما أظهرت تنسيقا أقل بكثير، إضافة إلى أنه لم يتم ترتيب حقولها الفرعية في تسلسل هرمي واحد من حيث الأهمية (2). أما الفيزياء فقد كانت في حاجة إلى أن يكون في مقدورها أن تتخذ قرارات بشأن تخصيص الموارد، وأن تطور هيكلا اجتماعيا أشد صرامة، وليس هذا فحسب، وإنما أن تطور أيضا هيكلا فكريا تكون الحقول الفرعية فيه تابعة للنظرية العامة (هرمية. ويبين هذا المثال أن هذه ليست مسألة تتعلق ب كونها من العلوم الطبيعية؛ وإنما، بشكل أكبر بكثير، مساله ظروف محددة شكل تنظيم الحقل الدراسي، والذي بدوره يؤثر في نوع النتائج البحثية، وعلى نحو مماثل، فإن العلوم الاجتماعية، كعلم الاجتماع مثلا، وعلم السياسة، وعلم الاقتصاد، تختلف في هيكلها الداخلي، ولا بعكس ذلك بالضرورة موضوعها الدراسي، وإنما يختلف هيكلها الداخلي باعتباره ترتيبا قد تطور تاريخيا?
إن الهياكل التخصصية تتغير مع الوقت. ويخبرنا کريستيان کنودسن (20) (Christian Knudsen) بأن قصة الدراسات التنظيمية قد مرت بتشكيلات مختلفة جذا، ابتداء من موقف النموذج معياري منفرد في أواخر خمسينيات القرن العشرين إلى أواسط السبعينيات، وصولا إلى نوعين مختلفين من التشكيلات الأكثر تنوعا في العقود اللاحقة. وقد تم تفسير التحول من خلال النمو السريع للمجال ما قلل من شأن الهيمنة السابقة لبرنامج بحثي مسيطر وحيد. وغالبا ما يستخدم ويتلي (39) المثال المتعلق بمجال الطب الحيوي (bio
- medical field 0)، حيث كانت الزيادات الهائلة في التمويل تعني تجزئة التخصص، لأن الباحثين لم يعودوا مقيدين بالاعتماد على بضع قليل من حراس البوابات المسؤولين عن منح تمويل البحوث، بل كان في إمكانهم الحصول على التمويل من مصادر عدة مختلفة وبسهولة أكبر. ما هو إذا الهيكل الاجتماعي لتخصص العلاقات الدولية؟
أولا، الهيكل العولمى: إن تخصص العلاقات الدولية هو اعلم اجتماعي اميرکي، (10). فقد ولدت نظرية العلاقات الدولية الحديثة في الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية عندما أصبح تخصص العلاقات الدولية ولأول مرة تخصصا مقبولا على نطاق واسع. وكانت الحرب الباردة نعني تمويلا سخا، فأصبح المجتمع البحثي الأميركي هو الأكبر بلا منازع، وصار تاليا الأكثر جاذبية من حيث إمكان النجاح من خلاله. كما اعتبرت المجلات الأكاديمية الأميركية المجلات دولية رائدة، على الرغم من أنها عادة لم تنشر أكثر من 10 في المئة لباحثين من غير الجامعات الأميركية. وضمن هذا الوضع، كان في استطاعة الباحثين الأميركيين أن يتجاهلوا الأعمال التي نفذت خارج الولايات المتحدة الأميركية، وكان الأمر يعود إلى الآخرين في لفت انتباه الجامعات، والمجلات، والناشرين في الولايات المتحدة إلى أعمالهم، ما يعد هيمنة من خلال الإهمال. وقد شهدت الأعوام الأخيرة اهتماما متزايدا بهذا النمط وبالأصوات المهمشة، ابتداء من تلك التي هي أكثر حصافة كالمدرسة الإنكليزية (الفصل السابع)، إلى أولئك الباحثين الذين تم تقريبا إسكاتهم. وقد جرت مناقشات حول ما إذا كان ذلك فقط، ظلما اجتماعيا يكون فيه الباحثون غير الأميركيين وخصوصا غير الأوروبيين أقل حظا، أم إن هذا اختلاف نوعي، وإن تخصص العلاقات الدولية سيبدو بشكل مختلف لو أنه كتب من مكان آخر؟ ينبغي للمرء أن يدرك الاختلافات الكبيرة بين تخصص العلاقات الدولية، على سبيل المثال، في ألمانيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، واليابان (2)، وأن يدرك في الوقت نفسه الوجود المنتشر لتخصص العلاقات الدولية ذي الطراز الأميركي في كل أنحاء العالم. وأفضل طريقة لرؤية عالم تخصص العلاقات الدولية مي باعتباره خليطا من الأنظمة الأميركية / العولمية وتلك الوطنية / الإقليمية التي تمتلك درجات متباينة من الاستقلالية). أما المشهد الأميركي فهو وطني وكذلك عولمي مرکزي (تمن في مكانة جمعية الدراسات الدولية (1 SA) بوصفها منظمة شمال أميركية، إضافة إلى كونها في الواقع محفلا عولميا لتخصص العلاقات الدولية)، لكن على الرغم من أن هناك آخرين يرتبطون بهذا المشهد، فإنهم في الوقت نفسه يجرون عملياتهم على بيئات أخرى تعتمد على ما إذا كان موطنهم في الهند، أو في ألمانيا، أو في البرازيل، ولا يمكنني أن أخوض في التفاصيل المتعلقة بالآخرين. هنا. وتماشيا مع هذا الكتاب، فإنني أركز على التخصص الأميركي / العولمي، وأشير في بعض الأحيان فحسب، إلى محدوديات هذا النموذج ومشكلاته، لكنني لن أغلى الاختلافات بحد ذاتها (3)
تاليا، فإن المستوى الثاني التحليل الهيكل الاجتماعي هو أن نفهم الهيكل الاجتماعي لتخصص العلاقات الدولية أميركي التمرکز، ما مي مؤسساته، ودرجة تناسقه، وأشكال قوته؟ من الفئات الرئيسة هنا هي «الاعتماد  المتبادل» (1). وهذا الاعتماد المتبادل «يشير إلى اعتماد العلماء على مجموعات معينة من الزملاء من أجل تقديم مساهمات متخصصة وذات كفاءة في خدمة الأهداف الفكرية الجماعية، واكتساب سمعة مرموقة تؤدي إلى مكافآت مادية (10). وغالبا ما يقود الاعتماد المتبادل المتزايد إلى المنافسة المتزايدة، وإلى التعاون والتنسيق المتزايدين، وإلى حدود تنظيمية أقوى وهوية تنظيمية أقوي.
الدي تخصص العلاقات الدولية بعض الأعراض، الواضحة للاعتماد الاستراتيجي. لماذا؟ ولماذا يجب على باحثي تخصص العلاقات الدولية أن يكونوا معتمدين على زملائهم؟ اكلما زادت محدودية الوصول إلى الوسائل الضرورية للإنتاج والتوزيع الفكريين، زاد اعتماد العلماء على الضوابط التي تتحكم بمثل هذه القنوات، وزاد احتمال أن تصبح استراتيجيات أبحاثهم مترابطة وتنافسية، (2). وتعد هذه في بعض التخصصات مسألة تتعلق مباشرة بالموارد کالمعدات مثلا. لكن ليس هذا عادة ما هو الحال عليه في تخصص العلاقات الدولية، على الرغم من أن ثمة أهمية تتعلق بمن يتحكم (أو يقدم التوصيات) في المؤسسات الخاصة والمجالس البحثية (العامة) المختلفة. ويرى معظم الباحثين في التخصص أن الاعتماد هو مسألة تتعلق بشكل أكبر بالوصول إلى المؤسسات النشر التي تقبل وفيرا المنشورات [الإصدارات، الأمر الذي يؤثر بدوره في تخصيص الموارد
يعتمد الباحثون على أولئك الزملاء الذين يسيطرون على المنظمات التي تمنح المكانة المرموقة والذين بحدون معايير الكفاءة والأهمية، (2). ففي الحقول التي يمكنك فيها أن تساهم في عدد من المجالات المستقلة للمشکلات وأن تسعى إلى الحصول على مكانة مرموقة عند جماهير مختلفة من المفكرين من خلال نشر نتائج الأبحاث في مجلات مختلفة، يكون هذا الاعتماد أقل بكثير مما هو عليه في تخصصات أخرى فيزياء الجسيمات (particle physics) مثلا حيث شئل المجلات تسلسلا هرميا واضحا، وتعرف الجماهير بشكل واضح
إن لدي تخصص العلاقات الدولية هرمية من المجلات. وهنالك سوق كبيرة للمجلات الأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية، كما أن الباحثين الأكاديميين فاعلون بدرجة عالية. وتشكل الجامعات تسلسلا هرميا بطبيعة تنظيمها)، والطريق إلى ارتقاء أعلى السلم هو عبر الأعمال المنشورة، أي إن المجلات الرائدة هي أهم الحواجز، وهي حاجز مرتفع، لأن لدى المجلات الرائدة في العلوم الاجتماعية معدلات قبول متدنية قد تصل إلى نسبة تراوح بين 11 و 18 في المئة (بالمقارنة بمعدل 65 إلى 83 في المئة في العلوم الطبيعية) (1). في المقابل، فإن المنفذ إلى المعدات باهظة الثمن هو مورد شحيح في العلوم الطبيعية. وهذا يجعل تقويم [المتقدمين للعمل في المؤسسات ويجعل التعيين في المؤسسات والمعاهد الرائدة والثرية نسبيا في العلوم الطبيعية أكثر مركزية مقارنة بالتقويم على أساس النشر في المجلات الذي يحظى بأولوية مطلقة في معظم العلوم الاجتماعية. ومن السهل نسبيا في معظم العلوم الإنسانية وبعض العلوم الاجتماعية نشر مقالة في مجلة ما نظرا إلى تكاثر المجلات، لكن هناك تفهما متبادلا واضحا نسبيا بين الذاتيات المختلفة اللقيمة [التفاضلية للمجلات المتخصصة المختلفة ودور النشر (4). وتصبح المجلاث الرائدة مركزية بكل معنى الكلمة. وبناء عليه، فإن المفتاح الفهما الاعتماد الاستراتيجي المرتفع نسبيا لتخصص العلاقات الدولية على النشر في المجلات المتخصصة هو مركزية السيطرة على وسائل التوزيع الفكري.
إن المقالات التي تتحدث عن النظرية في حد ذاتها لا صئف في مرتبة اعلى من تلك الإمبيريقية التطبيقية، بل على العكس، هنالك إعياء من تزايد النظريات الجديدة أو نظريات التنظير الجديدة، وهنالك كلفة إضافية تحملها المجلات الأكاديمية في ما يتعلق بمسألة اختبار النظريات اليس أقلها مجلة التنظيم الدولي International Organization) التي غالبا ما تعد المجلة الأكاديمية الأبرز في تخصص العلاقات الدولية). غير أن المجلات يتم عادة تعريفها، وهيكلتها، وإلى حد ما التحكم بها من جانب النظرين؛ فإنك لا تصبح نجما إلا عندما تصنع نظرية. وإن أعلى الدرجات لمؤشر الاقتباس (إشارة الباحثين في ابحاثهم إلى أبحاث أخرى أو الاقتباس منها جميعها تخص منظرين آواضعي نظريات]. وهكذا، فإن المعركة في ما بين النظريات أو المنظرين حدد هيکل الحقل، لكن الممارسة التي تثيرها هذه المعركة هي ممارسة تتنافس فيها جميع الحقول الفرعية لنحظى بظهور لها في المجلات الرائدة. وهذا نقيض للوضع في علم الاقتصاد، حيث هنالك نظام مغلق تسيطر عليه النظرية البحتة (ولدي الاختصاصات المختلفة مجلاتها الخاصة بها، ولا يمكن عادة للمقالة ذات الطبيعة التطبيقية أن تحظى بالنشر في المجلات الرائدة إطلاقا).
إن النتيجة في تخصص العلاقات الدولية هي أنه تخصص ذو شريحتين. وللدخول في الشريحة الدنيا، ينبغي أن يتم قبولك بكونك مؤهلا في حقل فرعي. ومعظم الحقول الفرعية متساهلة نسبيا، ورب بالأعضاء الجدد، وهي ليست تنافسية بشكل عظيم. كما أنها هرمية، لكن هرمينها ليست مستقرة داخليا، لذلك ليس هنالك كثير للقتال عليه، أما المناصب العليا، فيتم الحصول عليها بالوصول إلى الشريحة العليا من خلال النشر في المجلات الرائدة في جميع النواحي؛ وهذا يعني إقناع أولئك الذين هم في المركز بوثاقة الصلة والجودة (وما زلت في حاجة إلى أن تثبت كفاءتك الاختصاصية لزملائك المختصين لأن بعضا منهم سيكون في أغلب الأحوال من المحكمين المقومين).
يعطي هذا الهيكل المحدد تفسيرا لميزة خاصة غالبا ما تتم ملاحظتها في تخصص العلاقات الدولية، وهي ولع التخصص با «الحوارات العظمي. وتضمن الحوارات أن يبقى المنظرون ذوي أهمية مركزية، لكن الدراسات الإمبيريقية مهمة (مقارنة بعلم الاقتصاد)). ومن دون الحوارات المتكررة ينقطع العمل الإمبيريقي وينحصر في تطبيق النظرية المقبولة وحسب. فالحوارات ممكنة - وضرورية - في الولايات المتحدة الأميركية بسبب السوق الوطنية الوحيدة الكبيرة. وقد خرجت مصادر التوظيف الحاسمة عن نطاق السيطرة المحلية وصعدت إلى مستوى مجال التخصص على المستوى القومي. ففي الإمكان التنافس في الولايات المتحدة على تعريف الحقل کاملا، أما في أوروبا وفي أماكن أخرى فمن الأسهل الاحتفاظ بالخصوصيات المحلية.
يجدر بنا أن نشير إلى أن تخصص العلاقات الدولية كان على مر التاريخ منسقا نسبيا، مقارنة بعلم الاجتماع مثلا الذي غلب عليه التنوع في انواع متعددة من علم الاجتماع، وكان لديه توافق أقل على هرمية المجلات، وتوافق أقل ايضا بين ما تم مناقشته في حقل فرعي وآخر. ولم يقم كثير من الرواد في علم الاجتماع بتأسيس أنفسهم من خلال نظريات التحويل المباشر بين حقل فرعي وآخر (theories of direct transferability)، وإنما من خلال الأعمال (الكتب) الإمبيريقية النموذجية تمثل القدوة بحسب ما يرون] التي قدمت، وبشكل ضمني فحسب، نموذجا معياريا للتخصص ككل. إذا، فالحوارات العظمي سيئة السمعة شغل في الواقع شكلا من الاتساق بالنسبة إلى تخصص العلاقات الدولية  التغير في الهيكل الاجتماعي
إذا تحولنا من الأمور الساكنة والستاتيكا إلى الأمور الدينامية المتحركة الديناميكا]، ما الذي يخبرنا إياه هذا النوع من التأويل عن التغيرات؟ وما هي العوامل التي يمكنها أن تخل بالهيكل؟ هذا بالطبع موضوع ضخم في حد ذاته، لكن دعونا ندرج بعض العوامل المرشحة القوية:
• إن الحدود الاجتماعية المحيطة بالتخصص مهنة ليس بسبب التفكك المحتمل للتخصص كمؤسسة، وإنما لأن التغيرات في رسم الحدود
حول الترتيب الداخلي (الهيكل) للتخصص. فهل تنحصر ممارسة السلطة في تخصص العلاقات الدولية فحسب بيد تخصص العلاقات الدولية (وهل تنحصر ممارسة السلطة في علم السياسة بيد علم السياسة فحسب)؟ لقد اظهرت الأعوام الأخيرة تحديين مختلفين نوعا ما، أحدهما هو موجة الاختيار العقلاني. وبما أن هذه حركة عابرة للتخصصات [يوظفها منظرون من التخصصات كافة، فهذا يعني أن الباحثين عبر التخصصات المختلفة وعبر التخصصات الفرعية لديهم وجهات نظر عمن ينبغي تعيينه، على سبيل المثال، في منصب لتخصص العلاقات الدولية في أحد الأقسام الأكاديمية
• اما ثاني تحد للحدود الاجتماعية فهو اتعددية جماهير المتلقين وتنوعهم» (2). ففي عدد من العلوم الإنسانية يكون لدى جماهير المتلقين غير المختصين آراء حادة، لذا فالمواقف ضمن التخصص يمكن بناؤها من خلال تحقيق نجاح مع هذه الجماهير. ولم يكن الأمر كذلك عادة بالنسبة إلى تخصص العلاقات الدولية؛ ففي إمكانك أن تصبح نجما في وسائل الإعلام، لكن ليس بالضرورة أن يكون لهذا أهمية من الناحية الأكاديمية، وعلى الرغم من ذلك، فقد بدات معايير التعيين، وبشكل متزايد، باشتمال التدريس والأداء العام (public performances) في وسائل الإعلام، وليس الأبحاث فحسب، وهذا أيضا ضعف قبضة النخبة التي تتحكم في المجلات الرائدة في التخصص. 

لها ارتباط عالم السياسات ليس
في ومن البارز أن مكانة [الشخص بالحوارات الأكاديمية الداخلية، ولا تنبع منها (وفي هذه الحالة لن يتغير هذا العامل الجديد كثيرا وسييفي المصدر النهائي للسلطة هو نفسه). ويمكن النظريات عادة أن تكون ناجحة جدا من الناحية الأكاديمية ومن دون تأثير في السياسات، كما أن الأبحاث المتعلقة بالسياسات تحدث، وبشكل متزايد، في مراكز الأبحاث والمؤسسات الفكرية من دون أن يكون لها مرسي في تخصص العلاقات الدولية (1). وتصبح ساحة الخبرات العامة مصدرا منفصلا للسلطة في التخصص على نحو متزايد.
طبيعة العلم • وثمة تغير عام يشد في الاتجاه نفسه، وهو تغيير في ومكانته، ويتعلق بالمجتمع المعرفة». وقد يظن المرء في البداية أن «مجتمع المعرفة» يعني مكانة أعلى للأكاديميين، لكن الأمر ليس كذلك. فقد أصبح العلم أهم بكثير من أن يترك للعلماء). وتصبح السياسة ذات طابع علمي، لكن العلم يصبح مسيا. فالتأثيرات الناجمة عن جزء كبير من العلم الطبيعي تحديدا (كالتعديلات الجينية على سبيل المثال) هي أهم بكثير من أن تترك للقرارات داخل العلوم. وبسبب المخاطر) وقيمة [نتائج أبحاث العلوم للمجتمع، لا يمكن العلم إلا أن يكون صوتا واحدا في القرارات المرتبطة بالعلم؛ فالأصوات الاقتصادية والسياسية تؤخذ في الحسبان أيضا في داخل عالم الأكاديميا.
أما العوامل الرئيسة المؤثرة في الهيكل الاجتماعي، في ما يتعلق بتخصص العلاقات الدولية، فتشير إلى تخفيف السيطرة المركزية، وتقليل التنسيق الذي يفرض بالقوة من خلال تضافر آليات المجلات الرائدة والمنظرين الرواد في الحوار المتبادل.
لا يوحي هذا النوع من المقاربات الهيكلية المؤسسية للتخصص أن على المرء أن يقبل كل شيء على أنه موضوع غير قابل للتغيير (أو أن يقبل بحتمية تغيير ما). فهنالك أسباب كثيرة للمجادلة حول الكيفية التي ترغب من خلالها في تغيير عالمنا الأكاديمي (كحركة البيريسترويكا مثلا) (99)، وقد تكون أكثر المجادلات فائدة هي تلك التي تركز على العملية أو الثقافة، أي تركز على نوع السلوك وأشكال التفاعل التي يجب علينا أن نغرسها کي نولد تخصصا أكثر إنتاجية وأكثر دقة في البحث (17)، بدلا من التركيز على الوصف المباشر لأوضاع نهائية أفضل، وعلى الرغم من ذلك، فإن جميع المقاربات الإصلاحية» من هذا النوع، وحتى المقاربات الثورية، تحقق عادة نتائج أفضل عندما يحلل دعاتها الوضع والظروف المحيطة أولا، لفهم نوع النظام الاجتماعي الذي يحاولون تغييره، بما في ذلك هياكله وعلاقات القوة فيه.
(96) البيريسٹر ريکا» (Perestroika) كانت ثورة في علم السياسة، ربما كان قادتها طلبة في الدراسات العليا، وقد بدات في عام 2000 من خلال رسالة مجهولة ارسلت عبر البريد الإلكتروني، كانت مولعة باسم الكبد بيريسترويكا، (Mr Ferestroika)، وكانت الرسالة تهاجم تحديدا سيطرة مقاربات الاختبار العقلاني والمقاربات الكلية وتهاجم الميزة التي تعطى لهذه المقاربات في المجلات وفي الهيكل الإداري للجمعية الأميركية للعلوم السياسية (American Political Science Asiation). ويمكن تبع جزء کير من الحوار في مجلة العلوم السياسية والاسة تغيرات في الهيكل الفكري؟ 









مصادر و المراجع :

١- نظرية العلاقات الدولية

المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث

المترجم: ديما الخضرا

الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت

الطبعة: الأولى

تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016

تعليقات (8)

مستخدم (2025-03-02 13:00:41)

555

مستخدم (2025-03-02 12:57:03)

555

مستخدم (2025-03-02 12:56:47)

555

مستخدم (2025-03-02 12:56:38)

555

مستخدم (2025-03-02 12:41:10)

555

مستخدم (2025-03-02 12:39:34)

555

مستخدم (2025-03-02 12:39:12)

555

مستخدم (2025-03-02 12:38:54)

555

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید