إن صورة عدم وجود حوار عظيم منفرد يؤطر الحفل کاملا اليوم هي صورة تعززها فصول هذا الكتاب. كما أن صورة الحوارات تتغير فصلا بعد آخر. ويبدو أننا نشهد تطورات منفصلة ضمن كل «عائلة. وكان بعضهم (بمن فيهم أنا) قد لخص الموقف سابقا بأنه حقبة تنغلق فيها جميع النظريات على نفسها، ويجري فيها النقاش في ما بين الفروع المتنافسة لكل نظرية. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه صورة نمطية ومعممة بشكل كبير.
والنظريات هي تيارات واسعة ومتوازية، لكن نشاطها الداخلي يختلف. فهنالك اختلاف في كيفية اندماج النظريات بعضها مع بعضها الآخر، وكيفية تفاعل المشاركين، ومدى استنادهم إلى التيارات الأخرى. ويستند الاستطلاع الموجز التالي إلى الفصول السابقة (ولذلك فهو لا يعطي توثيقا او مصادر منفصلة). وأبدأ بالنظريات التي تعرف الحوار الرئيس في ما بينها. وبعدها بقليل أتحول إلى النظريات الفصول الباقية:
• الواقعية البنيوية (structural realism) [الواقعية الجديدة البنيوية نسبة إلى البنية أو الهيكل، الواقعية الهيكلية مهيكلة مبنية من خلال النظريات المتنافسة المندرجة ضمن النظرية ذاتها. وتقع الحوارات الرئيسة بين الواقعية الهجومية والواقعية الدفاعية (وأشكال أخرى مطورة عن الواقعية الجديدة، کالواقعية الكلاسيكية الجديدة (neoclassical realismn)، والواقعية بعد الكلاسيكية (postclassical realism)). أما النوع النموذجي من الدراسات، فإنه لا يستخدم الأساليب الكمية أو النمذجة المعترف بها (formal modeling)، وإنما يستخدم دراسات لحالات تاريخية كي يستكشف المسائل النظرية العامة شديدة التجريد، والمتعلقة بالعلاقات السببية بين المتغيرات الرئيسة القليلة (91). ولان الواقعية البنيوية هي جوهر الدراسات الأمنية الأميركية، فإن هذا الشكل في طريقة عرض البحث يميز ايضا محاولات النظريات الأخرى في اقتحام الدراسات الأمنية الخاصة بالتيار السائد، مثل جزء من أدبيات السلام الديمقراطي والبنائية الناعمة (' son eonstructivism) التي تفهم على انها المتغيرات أفكارية».
• الليبرالية الجديدة (neoliberalism) لديها نمط مختلف تماما. فالمقالة النموذجية في مجلة التنظيم الدولي، لا نوظف النظرية العامة (كما تفعل المقالة الواقعية البنيوية (الهيكلية])، لكنها تبني على نظرية معينة أو نموذج معين من نظرية التنظيم أو علم الاقتصاد. ومن ثم يتم اختبارها أو استكشافها من خلال حالة أو أكثر في تخصص العلاقات الدولية، كما هو ملخص في الفصل السادس من هذا الكتاب وفي کتاب مورافتشيك (9). ويمكن المرء على نحو تفاؤلي أن يقول إن البرنامج البحثي يضيف متغيرات كثيرة في بناء ينضج بشكل متواصل. إلا أن هنالك شكا في ما إذا كان هذا برفي فعلا إلى أن يكون برنامجا بحثا بالمعنى اللاكاتوسي (نسبة إلى الفيلسوف إمري كاتوس Imre Lakatos)]، فهو في الأقل ليس برنامجا بحثيا اتقدميا، سيتطلب أن تكون النظريات المختلفة مستمدة من النواة الأساسية نفسها وأن تطور عليها). فالليبرالية الجديدة ليست تلك النظرية التي تنتشر من نواة مشتركة وتم الفجوات المختلفة، بحيث شکل بناء مشتركا، فهي أقرب ما تكون إلى عائلة من المحاولات المتشابهة الأفكار التي لا تسهل مطابقتها، أو جمعها، أو تركيمها، وتشترك هذه العائلة الكبيرة في ما بينها بمنظور حول المؤسسات والاختبار العقلاني، لكنه ليس إطارا مودا. وليس لدي الليبراليين الجدد حوار عظيم داخلي كالحوار الموجود في ما بين الواقعيين البنيويين، لكن لديهم حنا بالعمل على نظريات متوسطة المدى ذات افتراضات أولية مشتركة
• نظرية الاختبار العقلاني المتشددة (hard rational choice) هي غائبة عن هذا الكتاب، فيبدو أنها قد فقدت بعضا من مركزيتها السابقة - بالمقارنة، على وجه الخصوص، بأيام حوار المكاسب النسبية مقابل المكاسب المطلقة - ووجدت مكانها في أوضاع فرعية مختلفة، كما أنها قامت أقل بكثير مما كانت عليه بصفتها مشروع بحث مو ?ا، ربما لأن جوهر التطورات النظرية هو خارج التخصص - في علم الاقتصاد - ما يجعل من الصعب عليها أن تظل متماسكة بوصفها نظرية في العلاقات الدولية.
• البنائية (constructivism) تتميز أولا وقبل كل شيء بالحوار بين الدرجات المختلفة للبنائية، وبعض الحوارات مع الأجزاء الأكثر تقبلا للمقاربة في المؤسسة الرسمية (مع الليبراليين الجدد)، وبعض الحوارات مع المنظرين بعد البنيويين. وهنالك حوار أقل بكثير من حقبة أواخر الثمانينيات إلى أوائل التسعينيات بين الأطراف المتناقضة، حوار العقلانية مقابل التأملية الذي تميز غالبا بتركيز على الواقعية الجديدة لكونها النظرية العقلانية النموذجية. كما أن جزءا كبيرا من الأعمال البنائية الناعمة قد نشر في مجلات رائدة حيث اتبع نمطا يشبه ذلك الذي تم تبيينه آنفا بالنسبة إلى الليبرالية الجديدة (2)، ليس من خلال تطوير نظرية جوهرية واحدة (ربما لأن البنائية ليست نظرية علاقات دولية وإنما نظرية شارحة) (meta - theory))، بل من خلال الاستناد إلى نظريات مختلفة متوسطة المدى، عادة من علم الاجتماع، أو نظرية التنظيم، من أجل تقديم آليات محددة غير موجودة عند البنائية في حد ذاتها).
• ما بعد البنيوية (poststructuralism) ظهر ميلا مستغربا نوعا ما (علي الرغم من دعوة كامبل الترحيبية بالتجريديات) إلى التعاطي بشكل أساس مع موضوعات محددة (كالمجاعة، والهجرة، ومفهوم الاستثنائية (exceptionalism))، ومشاركة أقل في الحوارات النظرية العامة، سواء في حوارات مقابل المؤسسة الرسمية، أو في الحوارات الداخلية. وينطبق هذا الأمر تحديدا على المنظرين بعد البنيويين البريطانيين الذين يهيمنون على هذا الجزء من التخصص.
• النظرية النسوية (feminism)، والنظرية النقدية (critical theory)، والماركسية الجديدة (neo - Marxism)، تميل إلى اتباع نمط النظرية بعد البنيوية، وهي تميل تاليا إلى إبقاء فئة «التأملية، قائمة إلى حد ما. وتضع هذه النظريات نفسها في موضع يقابل المؤسسة الرسمية (establishment)، لكن لديها إيمانا أقل بفرصة جذب انتباه أي أحد هناك، لذلك فإن ما يستثمر في أي من الحوارات العظمي هو أقل. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا هو المكان الذي يتم فيه منهجيا استدعاء الحوار الرابع. وكتبرير لأهمية الأعمال الراديكالية، وكتفسير له، يستمر اعتبار العيوب في أبحاث الاتجاه السائد بكونها آخرية (Othered) (مرتبطة بالآخر
يبقى النمط الكلي منسجما مع التنبؤ الذي قذفه والناتج من الاستطلاع الأخير للتخصص؛ فالحوار الرابع في تحول إلى صلة، إلى سلسلة من الحوارات التي تدور على طول المحور نفسه. واللافت للنظر هو أن لدينا على محور العقلانية - التأملية، حوارات عدة متشابهة نسبيا وموجودة على نقاط مختلفة. فعلى سبيل المثال، من الواضح أن هنالك حوارات ناشطة ضمن البنائية بين الاتجاه السائد في البنائية والبنائيين المعتدلين (مجلة التنظيم الدولي ومجلة الأمن الدولي، وكذلك بين البنائين التقليديين والبنائيين المتسقين (consistent constructivists) (الفصل التاسع)، إضافة إلى حوارات مستمرة حول مساهمة فندت في البنائية.
وقد لاحظ آندرو أبوت (44) كم من الحوارات في العلوم الاجتماعية تظهر نمطا کسيرا (fractal patem)، أي تشابها ذاتياء (self
- similarity). فقد تبنى الحوار حول البنائية الشكل نفسه، وهو يتكرر في أي خطوة على طول المحور. ويمكن أي موقف أن تتم مهاجمته من جانب بنائية أكثر تطرفا، أو من جانب بنائية مادية أكثر بملء قلبها. ولصوغها بصورة أكثر کسيرية، فإن الحوار نفسه يعود إلى الظهور في كل موقف.
وتماشيا مع تنبؤ عامي 1996 - 1997، لا يوجد لدينا محور جديد (فالخط له النقاط النهائية نفسها والموقع نفسه)، وقد تحول النمط من كونه حوارا إلى الشكل 15 - 2 بعد منتصف التسعينيات
الاختبار العقلانية
المؤسساتية
البنائية
حذ الملل
التفكيكية
لا
- حد اللية
المملر Ole Woever
, The Rise and Fall of the Interpradigm Dhale in : Steve Smith , Ke
Booth and Marysia Zalewski, eds., International Theory: Positivism and Beyond (Cambridge, MA: Cambridge University Press, 1996), p. 169.
ک ونه متصلة (مجالا استمراريا بين طرفي نقيض، وهو هنا صلة التأملية مقابل العقلانية]؛ فالانقسام الثنائي التأملية مقابل العقلانية) قد تغير إلى نطاق من الاحتمالات، لكنها معرفة بالمصطلحات نفسها. والمقالة المهمة التي قدمها
جيمس فيرون (James Fearon) وألكسندر فندت بعنوان «العقلانية مقابل البنائية: وجهة نظر تشككية (7) (Rationalism vs
Constructivism : A Sceptical View) هي في هذا الخصوص عرض من أعراض هذا التطور، وهي أيضا تدخل إرشادي يين كيف يمضي المرء في هذه المجالات التي تم فتحها حديئا. باختصار، نحن نؤمن بأن الإطار الأكثر نفعا ل «العقلانية مقابل البنائية، هو إطار براغماتي، يعاملهما بوصفها عدسات تحليلية للنظر إلى الواقع الاجتماعي ... وهذا بحث على اقتراح استنتاجي، وهو أن تتم رؤية القضية العقلانية - البنائية ليس بوصفها ولتوضيح موقفنا في تتبع أصول الحوارات، فنحن ما زلنا نسعى وراء الحوار الرابع). ولا تزال التوجهات تعمل من خلال الفئات المستمدة من الحوار الرابع بالطريقة التي شهدتها الفصول معظمها في الكتاب الحالي. وليس هنالك حوار فاعل وقوي كما كان في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، لكن الفئات ما زالت موجودة لكونها المعالم الرئيسة في المشهد. ونحن لسنا في حقبة من الانقطاع الكامل، ولا في حقبة حوار خامس. فكل من الواقعيين الجدد والليبراليين الجدد يتبع نمط الاسترشاد الخاص به، ويقضي وقتا قليلا في الخوض عليا في الحوار الرابع، حتى إنهم لا يثيرون حوارات في ما بينهم. إلا أن الليبراليين الجدد والواقعيين الجدد يصوغون حوارات داخلية تحاكي محور حوارهم الأول الكلاسيكي، أما الحوار الواقعي الداخلي فهو يتبع المحور الكلاسيكي في مواجهة الليبراليين: الواقعية الدفاعية أقرب إلى الليبرالية من الواقعية الهجومية. كما أن الحوار الليبرالي الجديد يمتد على طول المحور الكلاسيكي في مواجهة الواقعيين: القوة مقابل المؤسسات (وهذا واضح جدا في الفصل السادس). كما أن هذا الحوار المتشابه ذاتيا» (self
- similar) أو اکسيري (fractal)، حيث يمكنك في أي مرحلة أن تأخذ حوارا بين تأويل أكثر صرامة في الواقعية السياسية (Realpolitik) وآخر أقل صرامة.
وقد يكون التأويل التفاؤلي هو أن كل برنامج بحثي بحاول وعلى نحو متواز أن يحسن نفسه على أمثل وجه من خلال حوار داخلي، وإننا نحضر للاستنتاج الأكبر الذي يتم فيه قياس جميع النظريات. وهذا ليس بالأمر المرجح. فوجهة النظر هذه تبالغ في الأهمية التي تعطيها للتوازي المتعلق بالتقدم الذي يحدث في داخل كل نظرية، وتفترض وجود اتفاق لا وجود له على معايير التقويم. وعلى الأرجح أن هذا النمط يعني اتساقا أقل، واتفاقا أقل.
وثمة تأويل بديل أخير قد يكون ممكنا، وهو أن التنوع موقت، لأن هنالك نظرية واحدة على وشك أن تفوز، فكل نظرية هي إلى حد ما متسقة داخليا نسبيا، لذلك فإن استطعنا أن نتحكم بالكل، سيكون لدينا الساق. أما المرشح الأقوى الوحيد للفوز فهو نظرية الاختيار العقلاني. لكن هنالك اعتراضات ثلاثة على الزعم بأنها تسيطر على المجال. فهي أولا مسيطرة فقط في الولايات المتحدة، وليس في أوروبا، ولا في باقي أنحاء العالم (4) وثانيا، هي تواجه مقاومة متصلبة تماما وربما متزايدة في موطنها، في الولايات المتحدة الأميركية، وثالثا - وربما يكون هذا الأمر مدفوعا بالتكنولوجيا - يبدو أن الدراسات الكمية ذات العدد الكبير من المشاهدات large
- N quantitative) (studies (حيث (8) هي المعامل الرياضي الذي يدل على عدد المشاهدات في عينة الدراسة قد أصبحت مؤخرا في الشكل المأمون المفضل للأطروحات العلمية، كما أنها أحرزت تقدما كما في مجلات الاتجاه السائد، متنافسة على المكانة العلمية نفسها ذات الأساس المنهجي في التخصم.
إذا لم يبق لدينا بعدها سوى إعطاء تشخيص للدرجة الأقل من التكامل، فلماذا حدث ذلك؟ هل هو بسبب الواقع؟ أم بسبب التعقيد؟ أم بسبب انتهاء الحرب الباردة، أم بسبب الحرب على الإرهاب»، أم بسبب العولمة؟ أم بسبب تفكك الحدود التخصصية؟ ربما ليس لأي سبب من هذه الأسباب. اکژر بان هذه هي الأغلوطة الواقعية التي تفترض أن التخصص يعكس موضوعها. أما التفسير السوسيولوجي فهو سيعود إلى العوامل التي نوقشت آنفا، وهي:
• التأثير المثير للسخرية الناجم عن محاولة نظرية الاختبار العقلاني السيطرة، ما أضعف حدود نظم التحكم
• تسييس المعرفة بشكل عام، ما يؤدي إلى تنوع أشكال الرقابة.
• التسويقية التي تزيد وثاقة العلاقة بأنواع مختلفة من الميادين وتؤدي تاليا إلى وجود معايير مهنية متعددة: ليس الأبحاث المنشورة في المجلات الرئيسة وفي دور النشر الرئيسة وحسب، وإنما أيضا في التدريس وظهورها العام public)
visibility)
إذا نظرنا إلى الفصول الأخرى في هذا الكتاب، سنرى أن معظم الرسم الضمني والصريح الذي يحدد التخصص يتخذ شكل مقارنة نفسه بجميع أجزاء نظرية العلاقات الدولية الحديثة، وهو نوع من عدم الرضى عن الشكل
1 - 15 بأسره (الحوار الرابع). وهؤلاء غير الراضين إما أنهم يشددون على قيمة المقاربات الكلاسيكية الأكثر ديمومة كالواقعية الكلاسيكية أو الليبرالية الكلاسيكية أو النظرية السياسية أو النظرية الماركسية؛ وإما أنهم يرون حركة موقتة تتجاوز هذه التشكيلة وتذهب إلى داخل النظرية بعد الدولية. post)
international theory كما هو الحال بالنسبة إلى النظرية بعد الاستعمارية، ونظرية العولمة، والنظرية الخضراء. فهل سيؤجد الحوار الخامس في هذا النمط
الناشي؟
هنالك مرشح أخير ممكن للنمط المستقبلي وهو الصراع على دور النظرية وخصائصها، وعلى الرغم من أن سلسلة الحركات والحركات المضادة، المبينة آنفا، قد أثارها کن والتز (Ken Waltz) في كتابه الريادي الصادر في عام 1979، مطالبا بدور أقوى بكثير للنظرية باعتبارها متميزة عن علاقات الارتباط (correlation) وعن «القوانين» (1)، فقد تراجع الاتجاه السائد إلى نظرة أكثر إمبيريقية، وبه استقرائية للنظرية (72). وعندما يحدث في الوقت نفسه أن يضعف حوار النظرية، كما هو مبين في هذا الفصل، فإن عددا أقل من الباحثين الجدد يدخلون الحقل بصفتهم المنظرين، وأصبحت الحالة الاعتيادية الجديدة عملا ذا عدد كبير من المشاهدات (large - N). أما إطلاق مجلة جديدة في عام 2009، معرفة بكونها النظرية الدولية، ومسماة بذلك الاسم - عبر التصنيفات المختلفة السابقة - فقد يشير إلى موضوع مود أو واجهة مودة، وهو تبني الأعمال النظرية
مقابل التعلم المبني على الاستقراء (induction)، والمتميز بأسلوب الارتباط بين المتغيرات (correlation
- style)?
الاستنتاج
ما الذي نفعله؟ وكيف هو أداؤنا؟ لقد أجريت، بناء على الفصول السابقة، جرا لمكان وجود تخصص العلاقات الدولية، وما هو عليه، والكيفية التي هو عليها اليوم. وبقيامي بذلك أستخدم بعض النظريات من علم اجتماع العلوم (sociology of science) ک ي أحصل على المسافة البعيدة اللازمة، وحتى لا أكتب مقالة أخرى في الدفاع عن نظرية علاقات دولية معينة، أو مقالة تقع ضمن نظرية ما في العلاقات الدولية. وتتم تقدمة هذا الكتاب من خلال جدال حول ضرورة النظرية من أجل فهم المسائل السياسية ذات الصلة. والمثير للاهتمام هو أن هذا الزعم قريب من أن يكون إجماعا داخل التخصص، فهو يتفق على كلتا النقطتين التاليتين:
• لا ينبغي لنا أن نتعاطي مع تخصص العلاقات الدولية بوصفه هدفا في حد ذاته. فيجب على تخصص العلاقات الدولية أن يكون ذا صلة وثيقة بالحياة بمعني ما، ليس بالضرورة بكونها «مستشار الأميرة بالمعنى الكلاسيکي الجوهري للمعرفة الإمبيريقية المفيدة التي يستند إليها صناع السياسات؛ فقد تكون أيضا المقاربة السياسية بعد البنيوية لمناقشة الممارسات الأكاديمية وقد قام ستيفن والت (Steven Wal)، بصفته واقعا جديدا، بمهاجمة نظرية الاختبار العقلاني في الدراسات الأمنية، وذلك أساتها لأنها ليست مفيدة
• يجب علينا ألا نتخلى عن النظرية لأجل الوثاقة المباشرة، لأن تخصص العلاقات الدولية من دون النظرية (أو المنهجية) ليس مفيدا فعلا على المدى البعيد. وهنالك نقاشات حادة بين المقاربات التي تركز على المشكلات وتلك التي تركز على المنهجية، لكن هذا لا علاقة له بكونها ذات طابع نظري أم لا؛ لكنه، وبدرجة أكبر، مسألة نسلسلات مختلفة للنظرية، وللمنهجية، وللقضية وفقا النظريات شارحة متعددة، ونرى في بعض الأحيان مطالبات تدعو التخصص إلى أن يكون أقل نخبوية، وأن يكون مفيدا بطريقة أكثر مباشرة، لكن في أغلب
التخصص هذه المقايضة). ويتم تسهيل تجنبها من خلال الأحيان يرفض تقسيم العمل حيث إن مراكز الأبحاث الفكرية، مثل معهد المشروع الأميرکي (American Enterprise Institute) في واشنطن، أو المعهد الملكي للعلاقات الدولية (the Royal Institute of Intenational Affairs) في لندن، تمرکز حصريا على السياسات المباشرة بينما تركز الجامعات على الدراسات النظرية إن المثل الأعلى في التخصص هو وثاقة الصلة بالمجتمع من خلال
الطبيعية، النظرية. وهذا يستبعد الطريق الذي اتبعه كثير من التخصصات والإنسانية، والاجتماعية في التعامل مع التخصص بوصفه غاية في حد ذاتها. وغالبا ما بدات التخصصات بكونها مرتبطة بدور عملي معين، لكنها تطورت تدريجا كونها جوابا عن تساؤلاتها الخاصة بها، مثل الدراسات الأدبية أو فيزياء الجسيمات (70). لكن لا ينطبق هذا الأمر على تخصص العلاقات الدولية، إذ ثمة شعور عام بان الموضوع الرئيس أهم من أن ينطبق عليه ذلك؛ أي إن ما يبرر تخصص العلاقات الدولية في النهاية هو شدة خطورة فضاياه سيشعر كثير من الطلبة فتراء هذا الكتاب بالاستياء بسبب كمية النظريات، لكن سيكون أمرا مضللا أن نبني حوارا مع النظرية وضدها. وربما يكون ثمة سؤال أكثر أهمية: هل أداؤنا في النظرية يتحسن؟ عادة ما تتم مناقشة هذا الأمر من حيث كونه تقدما (حقيقيا أو مجرد اتراكم، اللمعلومات). اومن المؤشرات الجيدة على أن الحقل غير تراکمي هو أن يكون لديه حوار حول ما إذا كانت التراكمية ممكنة أم لا» (2). وعادة، فإن هذا الحوار المتعلق بالتقدم في تخصص العلاقات الدولية يقع في الفخ، ذلك لأنه يقارن على نحو سلبي بعملية التراكم التي تحدث في العلوم الطبيعية. إلا أن ستيفان فوكس (Stephan Fuchs) كان من بين عديدين حاجوا بأن الاختصاصات المختلفة ذات الهياكل المختلفة تتغير من خلال عمليات مختلفة. فبعض المؤشرات المرتبطة بالتقدم، - وهي المجال بحثي، تحتدم فيه المنافسة بشراسة على وجه الخصوص - ليست مؤشرا على التقدم في حد ذاته، لكنها مؤشر على نوع محدد مرتبط بالعلوم الطبيعية. ولا يرجح أن تصبح العلوم الاجتماعية من هذا النوع من العلوم ذات الإجماع الكبير والاكتشافات السريعة (29)، وذلك ليس لأنه لن يكون هنالك اکتشافات، أو أنه سيكون هنالك نقص في التجارب العملية الإمبيريقية، أو جدل أيديولوجي زائد، بل لأن العلم الحديث منذ غاليليو (Galileo) قد أصبح منظما حول ممارسة تكييف التكنولوجيات أو اختراعها لأغراض البحث (79). وبما أن المعدات الجديدة ليست جوهرية للعلوم الاجتماعية، فمن غير المرجح أن تتبع نمط التقدم نفسه.
هذا لا يعني عدم وجود تطورا بالمعنى العام. لكن التخصص لا بخشي من عدم إمكان إصدار أي لحكم، ومن ألا يتم اعتبار أي شيء بكونه أفضل من أي شيء آخر، إلا من خلال المعايير المضللة الخاصة بالعلوم الطبيعية (ومن خلال تصنيف كل ما هو خارج العلوم الطبيعية بكونه يقع ضمن النسبوية (relativism) واعتبار أن كل شيء مباح) (60). ونحن في التطبيق العملي، تقوم كل الوقت وتقدره - کالوقت الذي نقضيه في غرفة الصف، وعلى طاولة الامتحان، وفي تقويم الأبحاث لغاية النشر في المجلات، وفي الاستماع إلى محاضرة - حيث إن جميع الخيارات تهدف إلى تحسين الوضع من منظورنا. وطبيعيا، فإننا غالبا ما تحرز تقدما وفقا للمعايير السارية في يومنا هذا (وليس بالضرورة أن يكون تقدما يرى من منظور زميل يقوم بما قام به قبل خمسين أو سبعين عاما) وإنما
هو تقذمنا نحن
ولكونه تخصصا يافعا، فإن المستويات دائمة النمو التي تتفكر في المفكرين السالفين، نتج مقا متزايدا ورقيا وفكريا ليس أقلها ما يتعلق بالتأمل الفكري الذاتي (self - reflection). وينمو التأمل في الذات من ناحيتين، من ناحية النظرية الشارحة (1)، من خلال اختبارات الذات المبنية على علم اجتماع العلوم، ومن الناحية السياسية (2). إن تخصص العلاقات الدولية يفهم ذاته بشكل متزايد، وهذا يفيدنا كثيرا في فهم العالم، لأنه وكما ظهر دراسات الحالات في الفصول السابقة)، يمكن جميع النظريات أن تخبرنا عن «العالم الواقعيه ل «العلاقات الدولية». والتحدي في تخصص متنوع كتخصص العلاقات الدولية، لا يكمن في اكتساب المعرفة، وإنما في كيفية فهم تعدديتها، وهذا لا يكون ممكنا إلا إذا فهمنا العالم وفهمنا العمليات التي من خلالها وصلنا إلى فهم العالم. ومن خلال معرفتنا للكيفية التي حصلنا من خلالها على المعرفة، فإننا نعرف المزيد عما نعرفه،
اسئلة .. لماذا لا يموت التخصص أو يتغير إذا غير موضوعه الرئيس شكله في
العالم الواقعي؟ 2. عندما تصبح هنالك موضوعات كثيرة غير متلائمة مع حدود تخصص
متميز، ألا ينبغي لنا أن نرى أنفسنا في الوحدات متداخلة التخصصات التي
عرف بالأشياء التي ندرسها؟ وماذا ستكون إيجابيات ذلك وسلبياته؟ د. ما هي أهم الموارد التي يجب التحكم بها من أجل أن يكون لدينا تأثير
ضمن تخصص العلاقات الدولية؟ 4. يذكر الفصل ثلاثة عوامل مؤثر تغيرها في الهيكل الاجتماعي للتخصص.
هل يمكنك التفكير في تغيرات أخرى فعلية أو محتملة، إما في المجتمع ككل، وإما في المؤسسة الأكاديمية، قد تغير التخصص، وفي أي اتجاه قد
تغيره؟ د. ما هي الإيجابيات والسلبيات الرئيسة لرؤية التخصص من حيث الحوارات
العظمي،؟ 6. ما هو السبب الذي جعل رواية الحوارات العظمي مؤثرة بشدة في تخصص
العلاقات الدولية؟، إذا ما سيكون هنالك حوار خامس في تخصص العلاقات الدولية، ما الذي
سيبدو عليه هذا الحوار برأيك؟
مزيد من القراءات (باللغة الإنكليزية
Carlsnoes, Walter, Thomas Risse and Beth A. Simmons (eds.). Handbook : of International Relations. London: Sage Publication, 2002.
والتر کارلسناس، وبيث سيمونز (2002)، دليل العلاقات الدولية.
نظرة عامة وشاملة للتخصص تحتوي على مقالات تغطي النظريات، ومجالات القضايا، والمفاهيم، والنظرية الشارحة. وينجح الكتاب جيدا وعلى نحو لافت في تغطية الحوارات الأميركية والأوروبية على حد سواء. وعند البحث عن أي حقل معين، فعلى الأغلب أن المقالة ستكون كنا دفيئا من المراجع والأفكار لمزيد من الأبحاث، لكن غالبا ما تكون هذه الأفكار متراصة في مقالة موجزة.
Friedrichs, Jorg. European Approaches to International Relations Theory: - A House with Many Mansions. London: Routledge, 2004.
يورغ فريدريش (2004)، مقاربات أوروبية لنظرية العلاقات الدولية: منزل من قصور عدة.
يحتوي هذا الكتاب القصير والطموح على تقرير عن تخصص العلاقات الدولية الإيطالي، والفرنسي، والاسكندنافي، كما يحتوي على تأويل لهذه التخصصات من حيث علاقتها بالولايات المتحدة الأميركية بوصفها علاقة بين المركز والمحيط، ويحتوي أيضا على مناقشة لدروس عن الاستراتيجيات التي يجب تبنيها من أجل تخصص علاقات دولية أوروبي مرخد بشكل أكبر، هذا إضافة إلى احتوائه على موضوعات أخرى.
Jordan, Richard et al], One Discipline or Many?: 2008 TRIP Survey of International Relations Faculty in Ten Countries.» Reves Center and Arts and Sciences, College of William and Mary (Williamsburg, VA): February 2009,
ريتشارد جوردان، ودانيال مالينياك، وإيمي أوكس، وسوزان بيترسون (2009)، «تخصص واحد أم تخصصات عدة؟ استطلاع عام 2008 لمشروع التدريس، والبحث، والسياسة الدولية (TRIP) حول أعضاء هيئة تدريس تخصص العلاقات الدولية في عشر دوله.
دراسة استطلاعية أجاب فيها 2724 باحثا في تخصص العلاقات الدولية عن أسئلة تتعلق بنظرياتهم، ومجالات اختصاصهم، والمنهجيات، وتصنيف المجلات ورب الباحثين، وغيرها الكثير، بما في ذلك وجهات النظر حول بعض القضايا المتعلقة بالسياسات. ويغطي هذا الجزء الثالث من سلسلة من الاستطلاعات عشر دول، لكنه متعمق بشكل أكبر في الولايات المتحدة الأميركية وكندا.
Katznelson, In and Helen Y Milner (eds). Political Science: State of the Discipline, New York and London: Nonton Books, 2002,
آيرا کاتزنلسون، وهيلين ميلنر (2002)، علم السياسة: حالة التخصص.
أحدث كتاب «متنفذه برعاية الجمعية الأميركية للعلوم السياسية American) (Political Science Association، يعطي نظرة عامة مكثفة كتلك التي يقدمها النص السابق (لكن لعلم السياسية بأسره)، إلا أن المثير للاهتمام هو أن الكتاب بحاول أن يتجنب هيكل الحقل الفرعي (sub - field) ويعرف الحقول التي تتقاطع، على سبيل المثال الانقسام بين تخصص العلاقات الدولية والسياسة المقارنة.
Puchala, Donald J. (ed.). Visions of International Relations: Assessing on : Academic Field, Columbia: University of South Carolina Press, 2002.
دونالد بوتشالا (2002)، رؤى في تخصص العلاقات الدولية: تقويم الحقل أكاديمي.
ثمانية باحثين بارزين من مقاربات مختلفة تماما يقومون الحقل ويقدمون رؤاهم للتخصص.
: International Relations و
Sterling - Folket , Jennifer (ed .) . Making sense
Theory Boulder, CO Lynne Rienner, 2006.
جنيفر ستيرلنغ فوکر (2006)، جعل نظرية العلاقات الدولية ذات معنى.
جميع نظريات العلاقات الدولية الرئيسة تعطي تفسيرا ممنطقا ل كوسوفوه أزمة كوسوفو وندخل الناتو في عامي 1998 - 1999)، والكتاب هو مناسبة ممتازة للطلبة كي يروا (ويقارنوا) النظريات وهي تعمل. تمرين فريد ومفيد.
Tickner, Arlene B. Seeing IR Differently: Notes from the Third World.» : Millennium: Journal of International Studies: vol. 32, no. 2, 2003, pp. 295 - 324,
آرلين تيکنر (2003)، «رؤية تخصص العلاقات الدولية بطريقة مختلفة: ملاحظات من العالم الثالث، الألفية: مجلة الدراسات الدولية.
مقالة نوائية تعيد تفحص الفئات الرئيسية، بما فيها الحرب والصراع، والدولة، والسيادة والاستقلالية، والوطنية، حيث تظهر قيمة منظور العالم الثالث.
Tickner, Arlene B, and O. Waver (eds.). International Relations Scholarship - around the World. London: Routledge, 2009, Vol. 1,
آرلين تيکنر، وأوليه وايفر (2009)، بحوث العلاقات الدولية حول العالم.
استطلاع لحالة تخصص العلاقات الدولية في جميع أنحاء العالم وتفسير لها، ما يحدد ما هي التوترات والصعوبات الصوغ رؤى جديدة في تخصص العلاقات الدولية من المحيط.
قم بزيارة مركز المصادر الإلكتروني المرافق لهذا الكتاب للمزيد من المواد الإضافية الشائقة، </
http : / / www . oxfordtextbooks . co . uklore / dunne 2
مصادر و المراجع :
١- نظرية العلاقات الدولية
المؤلف: تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث
المترجم: ديما الخضرا
الناشر: المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات - بيروت
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: كانون الثاني - يناير 2016
تعليقات (8)
555
555
555
555
555
555
555
555