المنشورات
اختلاس
1 - التعريف:
الاختلاس والخلس في اللغة: أخذ الشيء مخادعة عن غفلة ؛ وقيل الاختلاس أسرع من الخلس، وقيل الاختلاس هو الاستلاب. قال ابن فارس(1): الخاء واللام والسين: أصلٌ واحد، وهو الاختطاف والالتماع، يقال اختلَسْتُ الشَّيءَ، وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الخُلْسَة". وقال ابن منظور(2): الخَلْسُ: الأَخذ في نَهْزَةٍ ومُخاتلة؛ خَلَسَه يَخْلِسُه خَلْساً، وخَلَسَه إِياه، فهو خالِسٌ و خَلاَّس. وقال الخليل(3): الخَلْسُ والاختلاسُ: أخذ الشَّيْء مُكابَرَةً، تقول: اختلستُه اختلاساً واجتذاباً.
ويعرفه الفقهاء الاختلاس بأنه: أخذه المال بحضرة صاحبه على غفلة منه, وفرار آخذه بسرعة(4). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( المختلس الذي يجتذب الشيء , فيعلم به قبل أخذه )(5).
2 - محل الاختلاس: -
الاختلاس يقع على المال العام ، وعلى المال الخاص.
3 - حكم الاختلاس: -
اختلاس الأموال سواء كانت عامة أو خاصة محرم، لأنه أكل لأموال الناس بغير وجه حق، وجميع أدلة تحريم السرقة تنطبق على اختلاس الأموال.
وقد ورد النص في قرار سمو وزير الداخلية رقم (1245) وتاريخ 23/7/1423هـ على أن: اختلاس الأموال الحكومية، أو الاختلاس من المؤسسات التي تساهم بها الدولة، أو الشركات أو البنوك، أو المصارف. يُعد من الجرائم الكبيرة.
4 - عقوبة المختلس: - الاختلاس إما أن يقع على مال عام ( أموال الدولة ) أو على مال خاص ؛ فإن كان المُخْتَلَسُ مالاً عاماً فقد حددت المادة التاسعة من نظام وظائف مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/77 وتاريخ 23/10/1395 هـ عقوبة المختلس بالنص التالي: ( استثناء من أحكام المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/11/1377هـ يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات أو بغرامة لا تزيد عن مائة ألف ريال أو بكليهما معا، كل موظف يشمله هذا النظام ويثبت ارتكابه لجرم الاختلاس أو التبديد أو التصرف بغير وجه شرعي في أموال الدولة العامة أو الأعيان أو الطوابع أو الأوراق ذات القيمة المسلمة إليه، كما يعاقب بنفس العقوبة من اشترك أو تواطأ معه على ارتكاب إحدى تلك الجرائم، سواء كان موظفا أو غير موظف بالإضافة إلى إلزامهم بإعادة الأموال والأعيان والطوابع والأوراق ذات القيمة المختلسة أو المبددة أو المفقودة أو ما يعادل قيمتها ويتم الفصل في هذه الجرائم طبقا لنظام تأديب الموظفين ).
أما إن كان الاختلاس قد وقع على مال خاص فهو من باب السرقة، لكن لا قطع فيه وعقوبته تعزيرية يقدرها القاضي ؛ لما رواه أبو داود وغيره عن جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ( ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع)(1). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ( وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم وترك قطع المختلس، والمنتهب والغاصب، فمن تمام حكمة الشارع أيضا، فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه فإنه ينقب الدور ويهتك الحرز ويكسر القفل، ولا يمكن لصاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضا، وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسراق، بخلاف المنتهب، والمختلس، فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه ويخلصوا حق المظلوم أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه وغيره، فلا يخلو من نوع تفريط يمكن به المختلس من اختلاسه، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ لا يمكنه الاختلاس فليس كالسارق بل هو بالخائن أشبه، وأيضا فالمختلس إنما يأخذ المال من غير حرز مثله غالبا فإنه الذي يغافلك ويختلس متاعك، في حال تخليك عنه وغفلتك عن حفظه، وهذا يمكن الاحتراز منه غالبا فهو كالمنتهب وأما الغاصب فالأمر فيه ظاهر، وهو أولى بعدم القطع من المنتهب، ولكن يسوغ كف عدوان هؤلاء بالضرب، والنكال، والسجن الطويل، والعقوبة بأخذ المال )(2).
ومن هذا يتبين أن عقوبة المختلس، ليست حدية، بل هي تعزيرية، يرجع في تقديرها للقاضي، وعلى المختلس ضمان ما اختلسه من مال.
5 - الجهة القضائية المختصة بنظر قضايا الاختلاس:- يختص ديوان المظالم بنظر قضايا اختلاس الأموال العامة، نصت على ذلك المادة ( 8 ) من نظام ديوان المظالم المبينة لاختصاص الديوان حيث جاء في الفقرة (و) منها النص التالي: ( الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب جرائم التزوير المنصوص عليها نظاماً، والجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة، والجرائم المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/11/77هـ والجرائم المنصوص عليها في نظام مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 77 وتاريخ 23/10/95هـ ).
أما اختلاس الأموال الخاصة فتختص بنظره المحاكم الشرعية، وعقوبته كما سبق عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
25 يناير 2025
تعليقات (0)