المنشورات
اختلاط
1 - التعريف:
الاختلاط: اجتماع الشيء إلى الشيء، جاء في لسان العرب: وأَخْلاطٌ من الناس وخَلِيطٌ وخُلَيْطَى وخُلَّيْطَى: أَي أَوْباشٌ مجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون. والخَلِطُ: المُخْتَلِطُ بالناس المُتَحَبِّبُ، يكون للذي يَتَمَلَّقُهم ويَتَحَبَّبُ إِليهم، ويكون للذي يُلْقي نساءَه ومتاعه بين الناس، والأُنثى خَلِطةٌ(1).
ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذا المعنى.
والمقصود هنا: اختلاط الرجال بالنساء على الوجه المحرم شرعا.
2 - حكم اختلاط الرجال بالنساء:
يختلف حكم اختلاط الرجال بالنساء بحسب موافقته لقواعد الشريعة أو عدم موافقته ، فيحرم الاختلاط إذا كان فيه:
أ - الخلوة بالأجنبية، والنظر إليها بشهوة.
ب - تبذل المرأة وعدم احتشامها.
والأسواق، فالاختلاط الذي يؤدي إلى مثل هذه الأمور يكون محراً، لمخالفته لقواعد الشريعة. قال تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور 30-31]
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً } [الأحزاب 53].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان } ، روه ابن حبان في صحيحه.(1) .
3 - من أضرار الاختلاط:
قال ابن القيم رحمه الله: ( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر, وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة, كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة , واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام , والطواعين المتصلة.
ولما اختلط البغايا بعسكر موسى , وفشت فيهم الفاحشة: أرسل الله إليهم الطاعون , فمات في يوم واحد سبعون ألفا , والقصة مشهورة في كتب التفاسير. فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا , بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال , والمشي بينهم متبرجات متجملات , ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية - قبل الدين - لكانوا أشد شيء منعا لذلك )(2).
قلت: رحم الله ابن القيم ما أجمل كلامه هذا وأصدقه ، وكيف لو رآى حال أهل زماننا ، فماذا سيقول عنهم ؟ والله المستعان.
4 - عقوبة الاختلاط:
عقوبة الاختلاط عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي ، قال ابن القيم رحمه الله: (ويجب عليه - أي ولي الأمر - منع النساء من الخروج متزينات متجملات, ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات , كالثياب الواسعة والرقاق, ومنعهن من حديث الرجال , في الطرقات , ومنع الرجال من ذلك ؛ وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة - إذا تجملت وتزينت وخرجت - ثيابها بحبر ونحوه, فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب , وهذا من أدنى عقوبتهن المالية.
وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها, ولا سيما إذا خرجت متجملة, بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية , والله سائل ولي الأمر عن ذلك. وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال , والاختلاط بهم في الطريق. فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك(1).
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
25 يناير 2025
تعليقات (0)