المنشورات

أرش

1 - التعريف:-
من معاني الأرْشُ في اللغة: كما جاء في القاموس: الدِّيَةُ، والخَدْشُ، وطَلَبُ الأرْشِ، والرِشْوَةُ ، وما نَقَصَ العَيْبُ من الثَّوْبِ ، لأنَّهُ سَبَبٌ للأَرْشِ ، والخُصُومَةُ(1). وفي لسان العرب: الأَرْش من الجراحات: ما ليس له قدر معلوم ، وقيل:هو دِيَةُ الجراحات(2).
وفي الاصطلاح: هو المال الواجب في الجناية على ما دون النفس ، وقد يطلق على بدل النفس ، وهو الدية(3).
2 - أنواع الأرش:
أ - الأرش المقدر:
قال الكاساني: ( وأما الذي يجب فيه أرش مقدر ففي كل اثنين من البدن فيهما كمال الدية في أحدهما نصف الدية من إحدى العينين واليدين والرجلين والأذنين والحاجبين إذا لم تنبت والشفتين والأنثيين والثديين والحلمتين لما روي أنه عليه الصلاة والسلام كتب في كتاب عمرو بن حزم: { وفي العينين الدية وفي إحداهما نصف الدية وفي اليدين الدية وفي إحداهما نصف الدية } ; ولأن كل الدية عند قطع العضوين يقسم عليهما فيكون في أحدهما النصف ; لأن وجوب الكل في العضوين لتفويت كل المنفعة المقصودة من العضوين، والفائت بقطع أحدهما النصف فيجب فيه نصف الدية، ويستوي فيه اليمين واليسار لأن الحديث لا يوجب الفصل بينهما، وسواء ذهب بالجناية على العين نور البصر دون الشحمة أو ذهب البصر مع الشحمة لأن المقصود من العين البصر، والشحمة فيه تابعة. وكذا العليا والسفلى من الشفتين سواء عند عامة الصحابة رضوان الله تعالى عنهم )(4).
ب - الأرش غير المقدر قال الكاساني: ( وأما الذي يجب فيه أرش غير مقدر وهو المسمى بالحكومة فالكلام فيه في مواضع: في بيان الجنايات التي تجب فيها الحكومة، وفي تفسير الحكومة. أما الأول فالأصل فيه أن ما لا قصاص فيه من الجنايات على ما دون النفس وليس له أرش مقدر ففيه الحكومة ; لأن الأصل في الجناية الواردة على محل معصوم اعتبارها بإيجاب الجابر أو الزاجر ما أمكن إذا عرف هذا فنقول: في كسر العظام كلها حكومة عدل إلا السن خاصة لأن استيفاء القصاص بصفة المماثلة فيما سوى السن متعذر، ولم يرد الشرع فيه بأرش مقدر فتجب الحكومة، وأمكن استيفاء المثل في السن، والشرع ورد فيها بأرش مقدر أيضا فلم تجب فيها الحكومة. وفي لسان الأخرس والعين القائمة الذاهب نورها والسن السوداء القائمة واليد الشلاء والرجل الشلاء وذكر الخصي والعنين - حكومة عدل لأنه لا قصاص في هذه الأشياء، وليس فيها أرش مقدر أيضا ; لأن المقصود هاهنا المنفعة، ولا منفعة فيها ولا زينة أيضا لأن العين القائمة الذاهب نورها لا جمال فيها عند من يعرفها على أن المقصود من هذه الأشياء المنفعة، ومعنى الزينة فيها تابع فلا يتقدر الأرش لأجله. وفي الإصبع والسن الزائدة حكومة عدل لأنه لا قصاص فيها، وليس لها أرش مقدر أيضا لانعدام المنفعة والزينة لكنها جزء من النفس، وأجزاء النفس مضمونة مع عدم المنفعة والزينة لما ذكرنا )(1).
3 - تأثير الجنس والديانة على الأرش:
أ - أرش جراح المرأة الحرة:
قال البهوتي(2): ( ويساوي جراحها، أي المرأة جراحه، أي الرجل من أهل ديتها كيف كانا فيما دون ثلث ديته فإذا بلغته ، أي الثلث ، أو زادت ، عليه صارت على النصف ؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها } رواه النسائي(3). 

ب - أرش جراح غير المسلم:
قال ابن قدامة عن أهل الكتاب: ( وجراحاتهم من دياتهم كجراح المسلمين من دياتهم، وتغلظ دياتهم باجتماع الحرمات، عند من يرى تغليظ ديات المسلمين، بها كتغليظ ديات المسلمين. قال حرب: قلت لأبي عبد الله: فإن قتل ذميا في الحرم ؟ قال: يزاد أيضا على قدره، كما يزاد على المسلم. وقال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: جنى على مجوسي في عينه وفي يده ؟ قال: يكون بحساب ديته، كما أن المسلم يؤخذ بالحساب، فكذلك هذا. قيل: قطع يده ؟ قال: بالنصف من ديته )(1).
وقال عن دية المجوسي: ( ودية المجوسي ثمانمائة درهم، ونساؤهم على النصف، وهذا قول أكثر أهل العلم ) وذكر رحمه الله، أن الإجماع انعقد على ذلك، ثم قال عن نسائهم وأروش جراحاتهم: ( ونساؤهم على النصف من دياتهم بإجماع ؛ وجراح كل واحد معتبرة من ديته )(2).
4 - نص حديث عمرو بن حزم في الديات: 
روى النسائي بسنده عن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وإن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار )(1).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( وقال ابن عبد البر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد ; لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة )(2). 















مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید