المنشورات

استنشاق

1 - التعريف:-
الاستنشاق: من النشق: وهو إدخال الشيء عن طريق الأنف.
قال الخليل: النَّشْقُ: صَبُّ سَعُوطٍ في الأنف، وأنشَقْتُه الدَّواء. وأنشَقْتُه قُطْنَةً مُحْرَقةً أي أَدْنَيْتُها من أنْفِه ليدخُلَ ريحُها في أنْفِه وخَياشيمِه. والنَّشُوقُ اسمُ كلِّ دَواءٍ يُنْشَقُ، واستنشَقْتُه أي تَشَمَّمْتُه(1).
ويخصه الفقهاء بإدخال الماء في الأنف.
والمقصود به هنا: هو استنشاق المواد والمذيبات الطيارة، كاستنشاق الغراء (الباتكس) واستنشاق مواد الطلاء ( البوية )، ونحو ذلك بقصد السكر.
2 - أنواع المذيبات الطيارة:
من أشهر المذيبات الطيارة التي يستنشقها فئة من الناس اليوم ما يلي:
أ - مواد الطلاء ( البوية ): وهي مواد مركبة تركيبا كيميائيا تستخدم في طلاء الجدران والخشب والأحذية، ولها أنواع كثيرة.
ب - البنزين: وهو مادة بترولية سريعة الاشتعال، يستخدم كوقود للسيارات، وبعض المحركات.
ج - الغراء ( الباتكس ) : وهو مادة لزجة تستخدم في لصق الورق وغيره، وهو بذلك مشابه لمادة الصمغ التي تسيل من بعض الأشجار، وتتجمد عليها وتذوب في الماء، وتستخدم لأغراض لصق الورق وغيره، لكن غراء الباتكس يكون مركبا تركيبا كيميائيا من عدة مواد لها تأثير عند استنشاقها على خلايا المخ.
د - الجوارب المنتنة والصراصير الميتة: يقوم بعضهم بجمعها واستنشاقها.
3 - حكم الاستنشاق:- 

الاستنشاق ثبت طبيا أنه مضر بالصحة، لأنه يتلف خلايا المخ، ويذهب العقل، ويورث الإدمان، ويؤدي إلى هلاك النفس، فإذا كان هذا حاله فإنه محرم بعموم الكتاب والسنة، قال تعالى: { وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } . { البقرة آية 195 } . وقال تعالى: { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } . { النساء آية 29 } . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً )(1).
وروى مسلم، وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة )(2).
ولا شك أن استنشاق الغراء والبنزين وسائر المذيبات الطيارة يسكر ويذهب العقل، فهو خمر.
4 - ظاهرة الاستنشاق: 

ظهر مؤخرا بين صفوف فئة من الناس العاطلين ، ما يسمى باستنشاق مواد الطلاء (البوية) والغراء (الباتكس) والبنزين، والجوارب المنتنة وهم يفعلون ذلك بقصد المتعة والسكر، ويلجأون إلى هذه الأشياء نظراً لتوفرها بالأسواق ورخص ثمنها، وعندما يتم استنشاق شيء من هذه المذيبات يذهب العقل، ويتصرف الشخص تصرفات لا يعيها ، ومع خطورة الخمر والمخدرات، فإن استنشاق المذيبات الطيارة، يكون أشد خطرا منها، لأن هذه المذيبات الطيارة تكون جميع مكوناتها مركبة تركيبا كيميائيا ، مما يجعلها أسرع في إتلاف خلايا المخ، ولهذا تجد أن الشخص الذي يستنشق هذه المذيبات، ويدمن عليها دائما يعيش في هلع واضطرابات نفسية وعدم تركيز، نتيجة استنشاق هذه المذيبات.
5 - كيفية إثبات جريمة الاستنشاق:-
تثبت جريمة الاستنشاق بما تثبت به جريمة شرب الخمر، فهي تثبت بالإقرار، والشهادة، والاستشمام.
6 - عقوبة الاستنشاق:-
عقوبة الاستنشاق عقوبة تعزيرية يرجع تقديرها للقاضي ، وقد جاء في تعميم سمو وزير الداخلية رقم 16س/183 وتاريخ 12/1/1407هـ التوجيه بإحالة من يستنشق الغراء والبنزين إلى المحكمة للنظر في معاقبتهم شرعا، لعدم انطباق العقوبات الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 11 لعام 1374هـ عليهم.
والذي أراه أن يعامل مستنشق المذيبات الطيارة الذي يقبض عليه وهو يقود سيارة تحت تأثير ما قام به من استنشاق معاملة من قبض عليه وهو يقود سيارة أثناء سكره، فتثبت إدانته شرعا، ويحال للجهة المختصة لمجازاته نظاما على ذلك، لأن ذهاب العقل بالاستنشاق أشد منه بشرب المسكر. 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید