المنشورات

إنكار

1 - التعريف:-
الإنكار لغة: الجُحُودُ. قال ابن فارس: النون والكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف المعرفة التي يَسكُن إليها القَلب. ونَكِرَ الشّيءَ وأنكَره: لم يَقْبَلْه قلبُه ولم يعترِفْ به لسانُه(1).
أما في اصطلاح الفقهاء فيطلق الإنكار على الجحود وعلى تغيير المنكر.
2 - بم يتحقق الإنكار ؟
يتحقق الإنكار بالنطق، ويشترط في النطق أن يكون صريحا بحيث لا يحتمل إلا الإنكار، كأن يقول في إنكاره: أنا لم أسرق، أو لم أشرب الخمر، لأن هذا لا يحتمل إلا الإنكار، بخلاف ما لو قال: أنا لم أسرق اليوم، أو قال: أنا لم أسرق ذهبا، لاحتمال أنه سرق بالأمس، أو سرق مالا غير الذهب، وكذلك لو قال: أنا لم أشرب العرق المسكر، لاحتمال أنه شرب مسكرا غير العرق.
3 - حكم المُنْكِر:-
المُنكِر لا يخلو حاله من أمرين، فإما أن ينكر حقاً يتعلق بالعباد، وإما أن ينكر حقاً يتعلق بالله.
فإن كان من النوع الأول فيسري عليه ما يسري على الدعاوى في الأموال بحيث يكلف المدعي بالبينة، فإن لم يكن له بينه فاليمين على المنكر.
وأما إن كان المنكر ينكر شيئا يتعلق بحقوق الله المحضة، فلا يستحلف؛ ولكن ينظر في حاله فإن كان من أرباب الفسق والسوابق فإنه يتهم ويعزر حتى مع إنكاره، وإن كان من أهل الصلاح والاستقامة خلي سبيله.
4 - التعريض للمتهم بالإنكار في الحدود:- يرى بعض الفقهاء: أن من أقر لدى الحاكم ابتداء، أو بعد دعوى بما يستوجب عقوبة لحق الله تعالى ، كالزنى والسرقة ، فإنه يستحب للحاكم أن يعرض له بالرجوع عن الإقرار ، واحتجوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لماعز لما أقر بالزنى: ( لعلك قبلت ، أو غمزت، أو نظرت)(1)، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي أقر بالسرقة: ( ما أخالك سرقت )(2).
وبعضهم قال: لا بأس بتلقين المقر صراحة، لما روى البيهقي عن حماد عن إبراهيم قال: أتي أبو مسعود الأنصاري بامرأة سرقت جملا، فقال: أسرقتِ ؟ قولي لا. وعن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اطردوا المعترفين، قال سفيان : يعني المعترفين بالحدود(3).
5 - الإنكار بعد الإقرار:-
من أقر بحق ثم رجع عن إقراره، وأنكر جميع ما أقر به فإما أن يكون إقراره في الحدود التي هي حق لله تعالى، أو في غير ذلك مما هو حقوق للعباد.
فإن كان إقراره فيما هو حق لله تعالى، كالحدود، فقال بعض الفقهاء لا يلزمه حكم إقراره، بل إذا رجع وأنكر السبب أو أكذب نفسه، أو أنكر إقراره به، أو أكذب الشهود - أي شهود الإقرار - سقط الحد، فلم يقم عليه ؛ ولو كان رجوعه أثناء إقامة الحد سقط باقيه؛ لأن الرجوع خبر محتمل للصدق، كالإقرار، وليس أحد يكذبه فيه، فتتحقق الشبهة في الإقرار، بخلاف ما فيه حق العبد وهو القصاص وحد القذف ؛ لوجود من يكذبه لو أنكر. وقال بعضهم: إن الحد إذا ثبت بالإقرار لم يسقط بإنكاره أو الرجوع عنه.
أما الإنكار بعد الإقرار بحقوق العباد، وحقوق الله تعالى التي لا تدرأ بالشبهة، فلا يقبل منه الإنكار بعد إقراره بهذا. 

جاء في كشاف القناع: ( ولا يقبل رجوع المقر عن إقراره لتعلق حق المقر له بالمقر به، إلا فيما كان حدا لله تعالى، فيقبل رجوعه عنه كما تقدم في مواضعه لأن الحد يدرأ بالشبهة، وأما حقوق الآدميين وحقوق الله التي لا تدرأ بالشبهات كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوعه، أي المقر عنها، أي عن الإقرار بها)(1). 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید