المنشورات
بصمات
1 - التعريف:
البصمة في اللغة: من بَصَمَ يَبْصِمُ بَصْماً، أي ختم بطرف إصبعه، والبصم: فوت ما بين طرف الخنصر إلى البنصر، والبصمة: أثر الختم بالإصبع(1).
وفي الاصطلاح الجنائي: هي الانطباعات أو العلامات التي تتركها رؤوس الأنامل عند ملامستها أحد السطوح المصقولة سواء أكانت ظاهرة أم خفية، وهذه الانطباعات صور طبق الأصل لأشكال الخطوط الحلمية التي تكسو جلد أصابع الكفين والقدمين.
2 - حجية البصمات في الشريعة الإسلامية:
لم يتكلم الفقهاء عن البصمات لأنها لم تكن معروفة في عهدهم، فعلم البصمات علم حديث ظهر في غير بلاد المسلمين، بالرغم من ورود الإشارة إليه في القرآن الكريم، في قوله تعالى : { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } [القيامة الآية 4] ؛ والبنان طرف الأصبع.
قال الدكتور/ محمد حجازي: ( والبنان وما فيه من سلاميات ومفاصل، ودقة في الوضع والتركيب، وما في أطرافه التي تختلف بصماتها في كل فرد عن الآخر دليل على كمال القدرة بل يدل على أن القادر على ذلك هو بلا شك قادر على جمع العظام وإحياء الموتى )(2).
وقد ثبت في هذا العصر بما لا يدع مجالا للشك أن البصمات من أدق ما يمكن التعرف به على الأشخاص ذلك لأن الخالق جل جلاله أعطى لكل شخص بصمة لا يمكن أن تنطبق على بصمة غيره من البشر، وهذه البصمة لا تتغير مع مراحل العمر، بل ثبت علميا أنها منذ الشهر الحملي الرابع ثابتة إلى نهاية العمر، فهي بذلك تكون من أدق طرق الإثبات، ومن أوضح الحجج والبراهين، فتكون بذلك وسيلة من وسائل إثبات الحق في الشريعة الإسلامية، لأن البينة في الشريعة الإسلامية لم تقصر على نوع معين، بل هي كل ما يظهر الحق ويبينه.
قال ابن القيم رحمه الله: ( ولم تأت البينة قط في القرآن مرادا بها الشاهدان وإنما أتت مرادا بها الحجة والدليل والبرهان، مفردة مجموعة وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: { البينة على المدعي } المراد به: أن عليه بيان ما يصحح دعواه ليحكم له، والشاهدان من البينة ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها، لدلالة الحال على صدق المدعي. فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد، والبينة والدلالة والحجة والبرهان والآية والتبصرة والعلامة والأمارة: متقاربة في المعنى)(1). وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في مادة: قرينة.
3 - الأماكن التي توجد عليها البصمات في مسرح الجريمة:
أماكن وجود آثار البصمات هي: الأشياء التي يمكن أن يلمسها المجرم وقت ارتكابه الجريمة مثل: زجاج النوافذ التي دخل منها، أو الأبواب أو المكاتب وأدراجها، أو الصندوق الذي فتحه، أو الأدوات التي كان يحملها واستخدمها في الحادث وتركها، وغير ذلك ؛ لذا يجب على المحقق ألا يلمس أي شيء في مكان الحادث حتى يصل خبير البصمات ويتعرف على أماكن وجودها لرفعها وفحصها(2).
4 - حالات البصمات في مسرح الجريمة:
تكون آثار البصمات في مسرح الجريمة على ثلاثة أنواع رئيسية هي:
أ - البصمات الخفية ( المستترة ): وهي: البصمة التي تطبع على أي سطح نتيجة ملامسة اليد لها، وذلك بواسطة العرق الذي يفرز من الغدد العرقية الموجودة في باطن اليدين، وهذا النوع من الآثار لا يُرى بالعين المجردة، ويستخدم في إظهارها وسائل خاصة مثل: الطرق الميكانيكية للتعفير بالمساحيق أو وسائل كيميائية بالإضافة إلى الأشعة غير المرئية وأشعة الليزر.
ب - البصمات الظاهرة: وهي: البصمة التي تشاهد بالعين المجردة بوضوح، وتُطبع عن طريق ملامسة اليد لأي مادة ملوثة مثل الشحوم أو الدماء أو التراب، وغيرها، ويتم رفعها بالتصوير المباشر.
ج - البصمات الغائرة ( المطبوعة ): وهي البصمات التي تحدث نتيجة الملامسة أو الضغط على مادة طرية أو لينة مثل الصلصال أو الجلود وغيرها، ويلاحظ عادة في هذه الطبعة أن الخطوط الحلمية تظهر وكأنها أخاديد نتيجة ضغط الأصبع على المادة اللينة(1).
5 - أهمية البصمات وأوجه دلالتها:
تعتبر البصمات من أهم الأدلة المادية المتخلفة عن الجاني، وذلك لأن دلالة أثر البصمة تتميز بقيمة إثباتية قاطعة لما تستند إليه من أساس علمي ولها من الدلالات الفنية في مجال التحقيق الجنائي الكثير، وعلى سبيل المثال ما يلي:
1 - تعتبر وسيلة لتحقيق شخصية صاحبها وتحديد ذاته على وجه اليقين.
2 - تعتبر وسيلة للتعرف على الأشخاص في ظروف معينة، كالتعرف على المواليد والوفيات.
3 - منع وقوع بعض الجرائم كالتزوير والغش.
4 - منع اشتغال المجرمين في بعض الوظائف التي تتطلب، النزاهة والأمانة.
5 - معرفة الأجانب المبعدين، ويحاولون العودة بأسماء مستعارة.
6 - كشف سجل المتهم لبيان ما عليه من جرائم وما نوعها(2).
6 - البصمة الجينية ( بصمة الحامض النوويDNA )
أدى اكتشاف البصمة الجينية في عام ( 1984م ) بواسطة البروفيسور (Alice Jeffrey) إلى طفرة حقيقية في مجال تحقيق الذاتية للشخص اعتمادا على الحامض النووي، حيث وجد هذا العالم أن الناس يختلفون عن بعضهم البعض في مواقع محددة على الحامض النووي، وهذا الاختلاف لا يمكن أن يتشابه فيه اثنان إطلاقا، والاستثناء الوحيد هو في حالة التوائم فقط، والتي تكون من بويضة واحدة وحيوان منوي واحد، وقد سمى هذا بصمة الحامض النووي.
ويعرف هذا الحامض بالحامض النووي الرايبوزي منقوص الأكسجين Deoxyribonucleic) ) ويرمز له بالحروف ( DNA ) وتظهر أهمية بصمة هذا الحامض في التحقيق الجنائي، إذ يمكن التعرف بواسطتها على المجرمين المشتبه بهم في كثير من الجرائم كالقتل والاغتصاب والسرقة وغيرها، وذلك عن طريق آثارهم ومخلفاتهم البيولوجية في مسرح الحادث مثل: الدماء والشعر والأنسجة، حيث نستطيع تحديد بصمة الحامض النووي من هذه المخلفات والآثار ومطابقتها مع بصمة الحامض النووي المأخوذة من المشتبه فيه(1).
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
25 يناير 2025
تعليقات (0)