المنشورات

بغاة

1 - التعريف : -
البَغْي في اللغة : الظلم والجور، يقال: بَغَى عليه يَبْغِي بَغْياً: عَلاَ، وظَلَمَ، وَعَدَلَ عن الحَقِّ، واسْتَطَالَ، وكذَبَ، والجمع: بُغَاةٌ، ومنه الفرقة الباغية لأنها عدلت عن الحق(1).
وفي اصطلاح الفقهاء: أهل البغي طائفة من المسلمين يخرجون على الإمام ولهم قوة وشوكة ومنعة ويخالفون بعض أحكام المسلمين بالتأويل ويظهرون على بلدة من البلاد(2). قال ابن قدامة: ( وهم الخارجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه، فعلى المسلمين معونة إمامهم في دفعهم بأسهل ما يندفعون به)(3).
قلت: والبغاة في العصر الحاضر هم الذين يخرجون على الإمام محاولين قلب نظام الحكم في الدولة.
2 - شروط تحقق جريمة البغي : -
يتحقق البغي بما يلي:
أ - أن يكون الخارجون على الإمام جماعة من المسلمين لهم شوكة، وخرجوا عليه بغير حق لإرادة خلعه بتأويل فاسد ؛ فلو خرج عليه أهل الذمة لكانوا حربيين لا بغاة ؛ ولو خرجت عليه طائفة من المسلمين بغير تأويل ولا طلب إمرة لكانوا قطاع طريق.
ب - أن يكون الناس قد اجتمعوا على إمام وصاروا به آمنين، والطرقات به آمنة ; لأنه إذا لم يكن كذلك يكون عاجزا , أو جائرا ظالما يجوز الخروج عليه وعزله , إن لم يلزم منه فتنة، وإلا فالصبر أولى من التعرض لإفساد ذات البين.
ج - أن يكون الخروج على سبيل المغالبة, أي بإظهار القهر؛ وقيل: بالمقاتلة; وذلك لأن من يعصي الإمام لا على سبيل المغالبة لا يكون من البغاة, فمن خرج عن طاعة الإمام من غير إظهار القهر لا يكون باغيا.
د - وصرح الشافعية باشتراط أن يكون للخارجين مطاع فيهم، يصدرون عن رأيه, وإن لم يكن إماما منصوبا ; إذ لا شوكة لمن لا مطاع لهم. وقيل: بل يشترط أن يكون لهم إمام منصوب منهم(4).
3 - حكم جريمة البغي: 

الخروج على الإمام حرام، وذلك لما فيه من شق عصا الطاعة، وتفريق أمر المسلمين. جاء في شرح منتهى الإرادات: ( وهم - البغاة - الخارجون على الإمام ولو غير عدل بتأويل سائغ ولهم شوكة ولو لم يكن فيهم مطاع، سموا بغاة لعدولهم عن الحق وما عليه أئمة المسلمين والأصل في قتالهم قوله تعالى: { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } [ الحجرات الآية 9 ] ، ولحديث : { من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه } رواه أحمد ومسلم(1). وعن ابن عباس مرفوعاً { من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فميتته ميتة جاهلية } متفق عليه(2)،
وقاتل علي رضي الله عنه أهل النهروان فلم ينكره أحد)(3).
4 - عقوبة البغاة:
إذا تحققت جريمة البغي بالشروط السابقة، ولم يجد مع البغاة النصح , ولم يستجيبوا للرجوع إلى طاعة الإمام والدخول في الجماعة جاز للمسلمين قتالهم درءا لتفريق الكلمة , وقتالهم يختلف عن قتال الكفار، فالمقصود به ردعهم لا قتلهم, ولهذا يُكف عن مدبرهم, ولا يُجهز على جريحهم, ولا تقتل أسراهم, ولا تغنم أموالهم, ولا تسبى ذراريهم, ولا يستعان عليهم بمشرك, ولا يوادعهم على مال, ولا تنصب عليهم الأسلحة الثقيلة, ولا تحرق مساكنهم , ولا يقطع شجرهم. وإذا تحيز البغاة إلى جهة مجتمعين , أو إلى جماعة ولم يمكن دفع شرهم إلا بالقتال , حل قتالهم حتى يتفرق جمعهم , ولو أمكن دفع شرهم بالحبس بعدما تأهبوا فُعل ذلك ; إذ جهادهم واجب بقدر ما يندفع به شرهم على ما سبق(4). 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید