المنشورات

تأديب

1 - التعريف : -
التأدِيبُ في اللغة له معان منها : التهذيب، والتعليم، والمعاقبة، يقال: أَدَّبَ الغُلامَ: أي هذَّبَه، وأدَّبَ فلانا على ذنبِه عاقبه(1).
وفي الاصطلاح: الضرب والوعيد والتعنيف(2).
2 - من له حق التأديب : -
أ - يقوم بالتأديب من له حق الولاية العامة:
وهذا يتمثل في الإمام ونوابه، فلهم الحق في تأديب من ارتكب محظورا ليس فيه حد ، مع الاختلاف بين الفقهاء في الوجوب عليهم وعدمه.
ب - الولي بالولاية الخاصة :
للولي الخاص أبا كان أو جدا أو وصيا ، أو قيما من قبل القاضي، حق التأديب لحديث : { مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع } (3).
قال ابن مفلح: ( قال ابن الجوزي في كتاب السر المصون: معاشرة الولد باللطف والتأديب والتعليم، وإذا احتيج إلى ضربه ضُرِبْ، ويُحمل على أحسن الأخلاق ويجنب سيئها، فإذا كبر فالحذر منه، ولا يطلعه على كل الأسرار، ومن الغلط ترك تزويجه إذا بلغ، فإنك تدري ما هو فيه بما كنت فيه، فصنه عن الزلل عاجلا، خصوصا البنات، وإياك أن تزوج البنت بشيخ أو شخص مكروه )(4).
ج - للمعلم تأديب التلميذ:
قال ابن قدامة: ( وللمعلم ضرب الصبيان للتأديب ؛ قال الأثرم: سئل أحمد، عن ضرب المعلم الصبيان قال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإذا كان صغيرا لا يعقل فلا يضربه )(5).
د - تأديب الزوج لزوجته:
للزوج تأديب زوجته فيما يتصل بالحقوق الزوجية، لقوله تعالى: { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } [النساء 34] ، وهذا متفق عليه بين الفقهاء . 

وعن تأديب الزوجة على ترك فرائض الله قال ابن قدامة: ( وله تأديبها على ترك فرائض الله؛ وسأل إسماعيل بن سعيد أحمد عما يجوز ضرب المرأة عليه، قال: على ترك فرائض الله؛ وقال في الرجل له امرأة لا تصلي: يضربها ضربا رفيقا غير مبرح؛ وقال علي رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } [سورة التحريم 6] قال: علموهم أدبوهم ؛ وروى أبو محمد الخلال، بإسناده عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { رحم الله امرأ علق في بيته سوطا يؤدب أهله } ؛ فإن لم تصل فقد قال أحمد: أخشى أن لا يحل لرجل أن يقيم مع امرأة لا تصلي، ولا تغتسل من جنابة، ولا تتعلم القرآن. قال أحمد في الرجل يضرب امرأته: لا ينبغي لأحد أن يسأله ولا أبوها، لم ضربها؟ والأصل في هذا ما روى الأشعث ، عن عمر ، أنه قال يا أشعث ، احفظ عني شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا تسألن رجلا فيما ضرب امرأته } ، رواه أبو داود(1) ؛ ولأنه قد يضربها لأجل الفراش، فإن أخبر بذلك استحيا، وإن أخبر بغيره كذب)(2).
3 - طرق التأديب والتدرج فيها : -
تختلف طرق التأديب باختلاف من له التأديب ومن عليه التأديب ؛ فطرق تأديب الإمام لمن يستحق من الرعية غير محصورة ولا مقدرة شرعا ، فيترك لاجتهاده في سلوك الأصلح لتحصيل الغرض من التأديب، لاختلاف ذلك باختلاف الجاني والجناية ، وعليه أن يراعي التدرج اللائق بالحال والقدر كما يراعي دفع الصائل ، فلا يرقى إلى مرتبة وهو يرى ما دونها كافيا و مؤثرا. 

أما الولي بالولاية الخاصة، كالأب، والوصي، والولي، والمعلم، فيبدأ بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات بالقول ، ثم الوعيد ، ثم التعنيف، ثم الضرب ، إن لم تجد الطرق المذكورة قبله، ولا يضرب الصبي لترك الصلاة إلا إذا بلغ عشر سنين، لحديث: { مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع } (1).
وتؤدب الزوجة، بالوعظ، والهجر، فإن لم يجد ذلك فبالضرب غير المبرح لقوله تعالى: { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } [ النساء 34 ] ويشترط بعض الفقهاء ألا يزيد الضرب عن عشرة أسواط(2).
4 - هلاك المؤدََّب بسبب التأديب : -
جاء في كشاف القناع: ( ومن أدب ولده أو أدب امرأته في النشوز أو أدب المعلم صبيه أو أدب السلطان رعيته، ولم يسرف الأب أو الزوج أو المعلم أو السلطان، فأفضى التأديب إلى تلفه أي المُؤدَّب لم يضمن المؤدِّب لأنه مأذون فيه شرعا فلم يضمن ما تلف به كالحد، وإن أسرف في التأديب بأن زاد فوق المعتاد، أو زاد على ما يحصل به المقصود أو ضرب من لا عقل له من صبي غير مميز وغيره كمجنون ومعتوه ضمن، لأنه غير مأذون في ذلك شرعا )(3). 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید