المنشورات
تبغ
1 - التعريف :
التَّبغ بتاء مفتوحة: لم يرد ذكره في معاجم اللغة القديمة، فهو لفظ أجنبي دخل العربية دون تغيير ، وأقره مجمع اللغة العربية بالقاهرة. وهو نبات من الفصيلة الباذنجانية يستعمل تدخينا وسعوطا ومضغا ، ومنه نوع يزرع للزينة (1).
وفي الاصطلاح : التبغ نبات يتخذ منه دخان يشرب عن طريق المص، ويسمى هذا الدخان التتن أو التنباك.
2 - حكم التبغ:
اختلف العلماء في حكم الدخان - التبغ - فقال بعضهم بتحريمه، وهو الصواب، وقال بعضهم بكراهيته، وقال بعضهم بإباحته، ويلاحظ أن الذين قالوا بالكراهية أو بالإباحة، اشترطوا ألا يكون مضرا، ولأن الدخان ثبتت مضرته طبيا فهو حرام ، وقد ذكر الشيخ محمد بن أحمد عليش كلاما نفيسا في ذلك فقال: (وغالب مستعملي الدخان لا يحفظ به صحة حاصلة ولا يجلب به صحة زائلة بل للتلذذ والتفكه وهذه أمارة الإسطال بلا إشكال ولو لم يكن في استعماله إلا تسويد الثياب والأبدان وكراهة الريح والأنتان لكان زاجرا للعاقل عنه خصوصا مع ذهابه بذلك الخبث إلى المحافل والجماعة للصلوات. وتأمل يا أخي شاربيه وهو يخرج من أفواههم وأنوفهم كأهل النار ومن يهلكون آخر الزمان من الأشرار فقد ورد في الأثر أنه يكون في آخر الزمان دخان يملأ الأرض يقيم أربعين يوما فأما المؤمن فيصيبه منه مثل الزكام وأما الكافر فيخرج من فمه وأنفه وأذنيه وعينيه وباقي منافذه حتى يصير رأس أحدهم كعجل حنيذ أي مشوي ولا ينبغي لأحد أن يتشبه بأهل النار ولا أن يستعمل ما هو من نوع عذاب ولا ما هو من ملابس أهل العذاب كخاتم حديد أو نحاس ففي الحديث { أنهما حلية أهل النار } وكالاستتار في الصلاة بحجر واحد وكالزنار والغيار والصلاة إلى النار وكره النبي صلى الله عليه وسلم الطعام الحار ، وقال صلى الله عليه وسلم: { إن الله - سبحانه وتعالى - لم يطعمنا نارا } ولو لم يكن فيه إلا إحياء سنة الكفار الذين أخرجوه من أرضهم لأرض الإسلام للإضرار فقد أخبرني بعض مخالطي الإنكليز أنهم ما جلبوه لبلاد الإسلام إلا بعد إجماع أطبائهم على منعهم من ملازمته وأمرهم بالاقتصار على اليسير الذي لا يضر لتشريحهم رجلا مات باحتراق كبده وهو ملازمه فوجدوه ساريا في عروقه وعصبه ومسودا مخ عظامه وقلبه مثل سفنجة يابسة وفيه ثقب مختلفة صغرى وكبرى وكبده مشوية فمنعوهم من مداومته وأمروهم ببيعه للمسلمين لإضرارهم فلو لم يكن فيه إلا هذا لكان باعثا للعاقل على اجتنابه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ومن وقع في الشبهات كان كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه } (1). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك } (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { الإثم ما حاك في الصدر أو حاك في النفس } (3) ولا شك أن استعمال الدخان مما أراب وأوقع الاضطراب ولو سئل الفقهاء الذين قالوا السفه الموجب للحجر تبذير المال في اللذات والشهوات عن ملازم استعمال الدخان لما توقفوا في وجوب الحجر عليه وسفهه ثم انظر إلى ما ترتب على إضاعة الأموال فيه من التضييق على الفقراء والمساكين وحرمانهم من الصدقة عليهم بشيء مما أفسده الدخان على المترفهين به وسماحة أنفسهم بدفعها للكفار المحاربين أعداء الدين ومنعها من الإعانة بها على مصالح المسلمين وسد خلة المحتاجين، وهذا من أسباب التحريم ولا يرتاب فيما قررناه ذو دين ولا صاحب صدق متين فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وسنلتقي مع من خالفنا يوم الدين يوم يقوم الناس لرب العالمين يوم تبلى السرائر، وتظهر المخبآت للأبصار والبصائر وتواترت الأخبار بأن التجر فيه مقرون بالخسارة ومما جربه أهله أن شاربه لا ينفك عن الكدر والحزن وسوء الخلق وأخذا لهم بنفسه ما دام أثره معه وأنه يورث الجبن والخور والنسيان )(1).
3 - متى ظهر التبغ ؟
أول من أحدثه بأرض المغرب رجل يهودي يزعمونه حكيما له فيه نظم، ونثر، وذكر لهم فيه منافع عدة، وزاد عليه أرباب البطالة كثيرا، وأول من أخرجه لبلاد السودان المجوس، ثم جلب إلى مصر، والحجاز، واليمن، والهند، وغالب أقطار الإسلام )(2).
4 - أضرار التبغ الصحية:
إن الدخان السلبي غير المباشر للتبغ عبارة عن مزيج من آلاف المواد الكيمائية، على الأقل (40) مادة منها موجودة في الدخان ثبت أنها تسبب السرطان، يحتوي دخان التبغ أيضاً على كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون، وهو غاز يكبح قدرة الدم على حمل الأوكسجين لخلايا الجسم بما فيها الأعضاء الحيوية مثل القلب والمخ، بالإضافة إلى المواد الأخرى التي تؤدي إلى أمراض القلب و السكتة.
ووفقاً للتقرير الصادر عام 1977م عن وكالة حماية البيئة بكاليفورنيا، فإن معدل الوفيات المقدر بسبب التبغ بين غير المدخنين في كاليفورنيا يتراوح بين 147 إلى 251 حالة لكل مليون من عدد السكان، وإذا طبق المعدل نفسه على الاتحاد الأوروبي فسيكون حصيلة ذلك ما معدله سنوياً بين 55000 إلى 94000 ضحية سنوية بسبب التدخين السلبي غير المباشر، وفي الصين، سيتسبب المعدل نفسه في عدد وفيات مذهلة تتراوح بين 185000 إلى 317000 حالة وفاة سنوياً.
إن التعرض للتدخين السلبي غير المباشر يمكن أن يسبب كلا من التأثيرات الفورية والتأثيرات بعيدة المدى على صحة الإنسان: فالتأثيرات الفورية تشمل: التهاب العيون، والأنف، والحلق والرئتين، غير المدخنين، الذين لديهم حساسية بشكل عام للآثار السامة لدخان التبغ أكثر من المدخنين، قد يعانون من حالات الصداع والغثيان والدوار. والتدخين غير المباشر يفرض إجهاداً إضافياً على القلب ويؤثر على قدرة الجسم على امتصاص والاستفادة من الأوكسجين. أما التأثير الصحي بعيد المدى من جراء التدخين السلبي غير المباشر فهو: تزايد الإصابة بالسرطان وأمراض القلب بعد سنوات من التعرض للدخان. أما بالنسبة لمن يعانون من نوبات الربو فإن دخان التبغ مع ذلك يمكن أن يسبب لهم خطراً فورياً بتحفيز وتفجير النوبات، غالبية مرضى الربو يعانون من أعراض تتراوح بين الضيق في التنفس إلى الاختناق الحاد بسبب التعرض لدخان المدخنين(1).
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
25 يناير 2025
تعليقات (0)