المنشورات

تجسس

1 - التعريف : -
التَّجَسُّسُ لغة : تتبع الأخبار وتجسسها ، يقال: جَسَّ الخَبَرَ وتَجَسَّسه: بحث عنه وفَحَصَ. ومنه الجاسوس ، لأنه يتتبع الأخبار ويفحص عن بواطن الأمور ، ثم استعير لنظر العين(1). قال ابن الأثير: ( التَّجَسُّسُ بالجيم: التَّفْتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يُقال في الشَّرّ. والجَاسُوس: صاحب سرّ الشَّرّ. والنَّامُوسُ: صاحب سر الخير. وقيل التَّجَسُّس بالجيم أن يَطْلُبَه لغيره، وبالحاء أن يَطْلُبَه لنَفْسِه. وقيل بالجيم: البَحثُ عن العَوْرَات، وبالحاء: الاسْتِماع، وقيل معناهما واحدٌ في تَطَلُّب معرفة الأخبار )(2).
وفي الاصطلاح: لا يخرج معناه عن المعنى اللغوي.
2 - تحريم التجسس على عورات الناس: -
التجسس محرم بالكتاب والسنة، قال تعالى: { وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [الحجرات 12] ؛ وروى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : ( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا )(3).
وروى أبو داود عن معاوية رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)(4).
3 - التجسس على مرتكبي الجرائم والمخالفات والإبلاغ عنهم: متابعة المجاهرين بالمعاصي ومرتكبي الجرائم وتقديمهم للعدالة لا شك في وجوبها، لكن إذا كان مرتكب الجريمة أو المعصية مستترا في داره ولم يجاهر بفعله فقد بين العلماء حكمه ومن ذلك ما قاله محمد القرشي بقوله: ( فأما ما لم يظهر من المحظورات فليس للمحتسب أن يبحث عنها، ولا أن يهتك الأستار حذرا من الاستتار بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم { من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه } (1). ومن شرط المنكر الذي ينكره المحتسب أن يكون ظاهرا فكل من ستر معصية في داره, وأغلق بابه لا يجوز له أن يتجسس عليه إلا أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها مثل من يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها فيجوز له مثل هذه الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف، والبحث حذرا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم, وارتكاب المحظورات.
الثاني: ما خرج عن هذا الحد , وقصر عن هذه الرتبة لا يجوز التجسس عليه, ولا كشف الأستار عنه, حكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على قوم يتعاقرون على شراب, ويوقدون في الأخصاص(2) فقال: نهيتكم عن المعاقرة فعاقرتم, ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم فقالوا: نهاك الله عن التجسس فتجسست,وعن الدخول بغير إذن فدخلت ؛ فقال هاتين بهاتين، وانصرف, ولم يتعرض لهم, فإن سمع المحتسب أصوات ملاه منكرة من دار تظاهر أهلها بأصواتها أنكرها خارج الدار, ولم يهجم عليها بالدخول ; لأن المنكر ظاهر, وليس له أن يكشف عما سواه )(3).
4 - عقوبة التجسس :
الجاسوس إن كان حربياً فهو مباح الدم يقتل على أي حال بإجماع الفقهاء. 

أما إن كان ذمياً أو مستأمناً أو مسلماً، فقد اختلف الفقهاء في قتله ؛ وأختار بعض فقهاء المالكية والحنابلة أنه يقتل(1). وفي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر , فجلس عند بعض أصحابه يتحدث , ثم انفتل , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { اطلبوه واقتلوه } فسبقتهم إليه فقتلته , فنفلني سلبه(2). ومعلوم أن الجاسوس يقتل تعزيراً، فالأمر في قتله متروك للإمام فمتى ما رآى أن المصلحة في قتله فعل. 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید