المنشورات

تحقيق

1 - التعريف:
التحقيق في اللغة: من الحق، وهو الأمر الثابت يقينا؛ والمحقق: هو الذي يتحقق من ثبوت الأمر ؛ جاء في لسان العرب: حَقَّه يَحُقُّه حقّاً وأَحَقَّه، كلاهما: أَثبته وصار عنده حقّاً لا يشكُّ فيه. وأَحقَّه: صيره حقّاً. وحقَّه وحَقَّقه: صدَّقه؛ وقال ابن دريد: صدَّق قائلَه. وحقَّق الرجلُ إِذا قال هذا الشيء هو الحقُّ كقولك صدَّق. ويقال: أَحقَقْت الأَمر إِحقاقاً إِذا أَحكمته وصَحَّحته؛ وأَنشد:
قد كنتُ أَوْعَزْتُ إِلى العَلاء بأَن يُحِقَّ وذَمَ الدِّلاء
وحَقَّ الأَمَرُ يَحُقُّه حَقّاً وأَحقَّه: كان منه على يقين ؛ تقول: حَقَقْت الأَمر وأَحْقَقْته إِذا كنت على يقين منه. ويقال: ما لي فيك حقٌّ ولا حِقاقٌ أَي خُصومة(1).
والتحقيق في الاصطلاح عرفه الجرجاني: بأنه إثبات المسألة بدليلها(2).
وأما التحقيق الجنائي الذي نحن بصدد الحديث عنه فهو: الوسيلة التي يمكن عن طريقها التوصل لمعرفة مرتكب الجريمة وظروف ارتكابها أو المشتركين فيها(3).
أو هو: مجموعة الإجراءات التي تباشرها السلطة المختصة ، قبل المحاكمة بقصد الوصول إلى الحقيقة عن طريق التثبت من الأدلة القائمة على ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى فاعل معين.
2 - نبذة مختصرة عن تطور التحقيق الجنائي عبر العصور:
* أولا: مرحلة ما قبل الإسلام
عرف التحقيق الجنائي لدى المصريين القدامى، وكانت الوسيلة الأساسية في التحقيق، هي تعذيب المتهم والاعترافات المتولدة عنه، ولجأوا إلي المعاينة عند اللزوم، وعرفوا القبض على الجناة وتحليفهم اليمين، وتفتيشهم، وحمل المتهم على تمثيل الواقعة التي ارتكبها في مكان وقوعها، وفي النهاية كان الحاكم يقدم النتائج التي اهتدى إليها بنفسه. 

أما الصينيون القدامى فإنهم يعتمدون في التحقيق، على مظاهر النشاط الفردي للإنسان، فيقدمون للمتهم كمية من دقيق الأرز ليمضغها ثم يبصقها بعد ذلك فإن كان الدقيق جافا قرروا أنه مذنب، وإن كان رطبا قرروا براءته، وهذا اعتقادا منهم على أن الشخص البريء يكون في حالة طبيعية وبالتالي تؤدي الغدد وظائفها المعتادة في إفراز العصارات المختلفة ومنها اللعاب، أما إذا كان مذنبا فإن الانفعال يؤدي إلى توقف بعض الغدد عن الإفراز فيجف الفم.
وأما حكماء اليونان فإنهم يقومون بجس نبض المتهم لمعرفة ما إذا كان متهما أم بريئا، صادقا أم كاذبا.
وفي أوروبا كان الإيطاليون يستعملون طرقا وحشية لحمل المتهم على الاعتراف، فكانوا يعلقونه من رأسه بحبل ثم يدلى إلى الأرض بين آن وآخر حتى يعترف، وأحيانا يجبرونه على مصارعة الوحوش، وكانوا يستعملون الماء في تعذيب المتهم فيصبون في جوفه كمية كبيرة من الماء حتى يكاد ينفجر ثم يضرب على بطنه حتى يخرج الماء من فمه.
وفي إنجلترا كانت طريقة التعذيب تتم بنقل المتهم إلى كهف مظلم تحت الأرض وإلقائه شبه عار على ظهره ويوضع ثقل من الحديد على جسمه ويقدم له الطعام الفاسد والماء المتغير حتى يعترف أو يعفى عنه.
وخلاصة القول أن الإكراه والتعذيب كانا من أشهر الوسائل السائدة في عصر ما قبل الإسلام التي يعتمد عليها في التحقيق، وربما أدى ذلك إلى حمل المتهم على الاعتراف كذبا على نفسه، لأن عقوبة الجريمة كانت أسهل من وسائل التعذيب في التحقيق.
* ثانيا: التحقيق في صدر الإسلام: عندما أضاء نور الإسلام ، وظهر دين الله على سائر الملل والنحل، ظهر بظهوره ميزان العدل ، وأفل نجم الظلم والتعذيب ، وحفظت لبني الإنسان كرامتهم ، قال تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء آية 70 ] ، فحفظت الشريعة الإسلامية للمظلوم حقه حتى ينتصر له ممن ظلمه، وحفظت أيضا للمتهم بالظلم كرامته حتى يثبت أنه ظالم، فيمنع عن الظلم ويعاقب بما فيه مصلحة عامة للفرد والمجتمع، فقررت الشريعة ضوابط لتلقي الإخباريات والشكاوى، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [ الحجرات 6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم.. ) (1).
وحددت ضوابط لإثبات الجرم على المجرم، كالإقرار والشهادة، والقرائن الصحيحة، وسنبين هذه الأمور في موضعها إن شاء الله تعالى.
* ثالثا: التحقيق في العصر الحديث:
لم يقف التحقيق الجنائي جامدا في العصر الحديث، بل تطور وسار جنبا إلى جنب مع المستجدات والمتغيرات الحديثة، واستفاد من العلم الحديث، ومن ذلك علم البصمات التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } [ القيامة 4 ]، فأصبحت البصمات اليوم تشكل عنصرا مهما في الكشف عن الجريمة ومعرفة مرتكبها، كما استخدمت عدد من الأجهزة والوسائل، كجهاز الكشف عن الأسلحة والمتفجرات، وأجهزة التحليل الكيميائي، والطب الشرعي، وأجهزة كشف التزوير، وغيرها.
3 - خصائص التحقيق: 

يختص التحقيق الجنائي بأمور من أهمها(1):
1 - الإثبات بالكتابة. 2 - سرية الإجراءات.
3 - حيدة المحقق. 4 - حفظ حقوق المتهم.
وتفصيل هذه الخصائص على النحو التالي:
* أولا: الإثبات بالكتابة:
وتتمثل هذه النقطة فيما يلي:
1 - يجب إثبات جميع إجراءات التحقيق كتابة.
2 - يتم تحرير محضر التحقيق بواسطة كاتب ضبط، وإذا استشعر المحقق حرجا من الاستعانة بكاتب معين مظنة المساس بحسن سير التحقيق جاز ندب غيره.
3 - يفتتح محضر التحقيق ببيان اسم المحقق، ووظيفته، واسم كاتب الضبط، ومكان تحرير المحضر وتاريخه، ونص البلاغ وساعة تسلمه.
4 - يحرر المحضر بخط واضح دون شطب أو محو أو تحشية، أو ترك فراغ، وإذا اقتضى الأمر إضافة أي شيء إلى الأقوال فعلى الكاتب بيان ذلك في هامش المحضر، والتوقيع عليه من المحقق والكاتب.
5 - ترقم صفحات المحضر، ويذكر اسم من أخذت أقواله وهويته المفصلة، وصلته بالقضية، سواء كان متهما، أو شاهدا، أو خبيرا.
6- يوقع كل من المحقق والكاتب بنهاية كل صفحة من صفحات المحضر، وكذلك يوقع من أخذت أقواله بعد تلاوتها عليه، أو يضع بصمة إبهام يده اليمنى أو أي أصبع من أصابعه إذا تعذر أخذ بصمة الإبهام، وذلك إذا كان أميا ؛ وإن امتنع عن الإجابة أو التوقيع يشار إلى ذلك في نهاية المحضر.
7 - إذا دعت الحاجة إلى الاستعانة بمترجم يشار إلى ذلك كتابة في المحضر.
8 - تدون باللغة العربية الأقوال الصادرة عن أصحابها بصيغة المتكلم، وعلى مسمع من قائلها، الذي له أن يبدي تعليقاته على الصيغة التي لا تتفق مع ما يريد الإفصاح عنه.
9 - يقوم المحقق بإملاء الكاتب صيغة السؤال، والإجابة عنه بعيدا عن أي إبهام أو غموض، وبما أفصح عنه من أُخذت أقواله وليس بما يعتقده المحقق. 

10 - تعتبر محاضر الهيئة المنظمة من قبل الأعضاء المستوفية للشروط الشكلية صحيحة حتى يثبت تزويرها.
* ثانيا: سرِّية إجراءات التحقيق:
تعتبر إجراءات التحقيق والنتائج التي يسفر عنها من الأسرار التي لا يجوز إفشاؤها من العاملين في دوائر التحقيق أو الإدعاء، وكل من يتصل بالتحقيق أو يحضره بسبب وظيفته أو مهنته، وقد ورد النص على ذلك في المادة ( 67 ) من نظام الإجراءات الجزائية على النحو التالي: ( تعد إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار التي يجب على المحققين ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها، ومن يخالف منهم تعينت مساءلته).
* ثالثا: حيدة المحقق:
على المحقق أن يكون في موقع المحايدة بالنسبة لأعمال التحقيق، ويتمثل ذلك فيما يلي:
1 - للمحقق إذا كانت لديه أسباب يستشعر معها الحرج من التحقيق في القضية، أن يطلب من رئيسه تنحيته عن التحقيق فيها، وذلك بمذكرة مسببه ولرئيسه قبول الطلب أو رفضه.
2 - لا يجوز للمحقق مباشرة أو تحقيق وتحضير أي قضية أو إصدار قرار فيها في الحالات التالية:
أ - إذا وقعت الجريمة عليه شخصيا، أو كان زوجا لأحد الخصوم، أو تربطه بأحدهم قرابة أو نسب حتى الدرجة الرابعة.
ب - إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها التأثير على مسار التحقيق.
ج - إذا كان قد سبق أن أداء المحقق شهادة فيها أو باشر عملا باعتباره خبيرا أو محكما.
* رابعا: حفظ حقوق المتهم:
1 - لا يسوغ للمحقق أن يحول دون إسعاف المصابين بقصد إجراء التحقيق أو استكماله.
2 - لأي من الخصوم أن يطلب من رئيس الهيئة تنحية المحقق عن التحقيق في القضية قبل مباشرة إجراءات التحقيق الأساسية أو أثناءه لأسباب يوضحها في طلبه، ولرئيس الهيئة قبول الطلب أو رفضه. 

3 - للمتهم حق الاستعانة بوكيل أو محام للدفاع عنه وفق الأنظمة ، نصت على ذلك المادتان ( 4 ، 64 ) من نظام الإجراءات الجزائية.
4 - ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله الحاضر معه أثناء التحقيق، نصت على ذلك المادة ( 70 ) من نظام الإجراءات الجزائية.
4 - إجراءات التحقيق:
تتمثل إجراءات التحقيق في الأمور التالية:
1 - الاستجواب.… 2 - الانتقال والمعاينة.……
3 - التفتيش. 4 - التصرف في التحقيق.
وبيان هذه النقاط على النحو التالي:
* أولا: الاستجواب : ( مضى الكلام عليه في مادته: استجواب)
* ثانيا: الانتقال والمعاينة(1):
أ - الانتقال:هو ذهاب القاضي أو المحقق أو رجل الضبط إلى مكان وقوع الجريمة، حيث توجد آثارها وأدلتها.
ب - المعاينة: هي إثبات مباشر ومادي لحالة شخص أو مكان معين من خلال الرؤية أو الفحص المباشر.
والهدف من الانتقال والمعاينة جمع الآثار والأدلة التي تخلفت عن الجريمة، وكذلك ضبط أقوال شهود الحال، فضلا عن أنهما يمكنان المحقق من تكوين صورة واضحة وكافية عن حقيقة وقائع الجريمة، ومختلف دوافعها.
* ضوابط الانتقال والمعاينة الواردة في نظام الإجراءات الجزائية:
1 - ينتقل المحقق عند الاقتضاء فور إبلاغه بوقوع جريمة داخلة في اختصاصه إلى مكان وقوعها لإجراء المعاينة اللازمة قبل زوالها أو طمس معالمها أو تغييرها. (م/ 79 )
2 - يجب أن ينتقل رجل الضبط الجنائي بنفسه إلى محل الحادث للمحافظة عليه، وضبط كل ما يتعلق بالجريمة، والمحافظة على أدلتها، والقيام بالإجراءات التي تقتضيها الحال، وعليه أن يثبت جميع هذه الإجراءات في المحضر الخاص بذلك. ( م/27 )
3 - يجب على رجل الضبط الجنائي في حالة التلبس بالجريمة أن ينتقل فوراً إلى مكان وقوعها ويعاين آثارها المادية ويحافظ عليها، ويثبت حالة الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة. ( م/31 ) 

4 - لرجل الضبط الجنائي عند انتقاله في حالة التلبس بالجريمة أن يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه، حتى يتم تحرير المحضر اللازم بذلك، وله أن يستدعي في الحال من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة. ( م/32 )
5 - للمحكمة إذا رأت مقتضى الانتقال إلى المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو إلى مكان آخر لإجراء معاينة أو لسماع شاهد لا يستطيع الحضور أو للتحقيق من أي أمر من الأمور أن تقوم بذلك وتمكن الخصوم من الحضور معها في هذا الانتقال ولها أن تكلف قاضيا بذلك. وتسري على إجراءات هذا القاضي القواعد التي تسري على إجراءات المحاكمة. ( إجراءات/170، مرافعات /112 )
6 - لكل من علم بوجود مسجون أو موقوف بصفة غير مشروعة أو في مكان غير مخصص للسجن أو التوقيف أن يبلغ هيئة التحقيق والادعاء العام. وعلى عضو الهيئة المختص بمجرد علمه بذلك أن ينتقل فوراً إلى المكان الموجود فيه المسجون أو الموقوف، وإن يقوم بإجراء التحقيق، وإن يأمر بالإفراج عنه إذا كان سجنه أو توقيفه جرى بصفة غير مشروعة، وعليه أن يحرر محضراً بذلك يرفع إلى الجهة المختصة لتطبيق ما تقضي به الأنظمة في حق المتسببين في ذلك. ( م/39 )
* ضوابط وردت بالمادة (18) من مشروع اللائحة التنظيمية لنظام الهيئة.
1 - يبدأ المحقق فور وصوله إلى مكان الحادث بإجراء المعاينة اللازمة بإلقاء نظرة فاحصة وشاملة على مسرح الجريمة، والآثار المادية المتخلفة عنها، والاستماع بصورة سريعة وشفهية للمعلومات الأولية المتوفرة عن كيفية وقوع الحادث، وهوية مرتكبيه، والشهود.
2 - يكلف المحقق خبراء الأدلة الجنائية بالبحث عما تركه الجاني من آثار تفيد التحقيق، كآثار الأقدام والبصمات، وبقع الدم، وفحص الملابس والأشياء ورفع الآثار المتخلفة عن الجريمة، ووضع رسم تخطيطي، وأخذ صورة لمكان الحادث. 

3 - للمحقق أن يأمر بوضع الأختام على الأماكن التي كانت مسرحا للجريمة أو التي تخلفت فيها آثار أو أشياء تفيد في كشف الحقيقة.
4 - إذا كان الحادث جريمة قتل يقوم المحقق بإثبات الحالة التي وجد عليها الجثة، ووصفها ظاهريا بصورة مفصلة والإذن بتشريح الجثة إذا اقتضى الأمر تحديد الإصابات وأسباب الوفاة، ويتخذ ما يلزم للتحفظ على ملابس المجني عليه والمتهمين والأداة المستعملة تمهيدا لفحصها من قبل خبراء الأدلة الجنائية.
5 - يتبع في تحريز ما تسفر عنه المعاينة من أدلة مادية مضبوطة، الإجراءات المقررة في هذا الشأن.
6 - يتعين إثبات انتقال المحقق ومعاينة مكان الحادث ومشاهداته والأشياء أو الأدلة المتخلفة عن الجريمة وجميع الإجراءات في محضر التحقيق.
7 - إذا رأى المحقق الاطلاع على مستندات في إحدى الجهات أو المصالح الحكومية ولا يمكن نقلها من مكانها فيبادر إلى الانتقال إلى الجهة المختصة والقيام بالإطلاع عليها واستنساخ صور منها إذا استلزم الأمر ذلك بعد استئذان المسؤول المختص فيها وليس للمحقق أن يطلب سجلات أو أوراقا قضائية من المحاكم بل يجب عليه الانتقال إلى المحكمة التي توجد فيها السجلات أو الوثائق للإطلاع عليها أو الاكتفاء بطلب صور منها إذا لم يكن الاطلاع على الأصل ضروريا لمصلحة التحقيق.
* ثالثا: التفتيش
التفتيش: هو البحث لضبط أدلة الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، من أجل إثباتها أو إسنادها للمتهم، سواء كان محله شيئا، أو شخصا، أو مكانا. 

ويعتبر التفتيش من إجراءات التحقيق المهمة، ولكن لا يجوز الالتجاء إليه إلا بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المسكن المراد ؛ هذا ما بينته (المادة الثمانون) من نظام الإجراءات الجزائية التي ورد فيها النص التالي: ( تفتيش المساكن عمل من أعمال التحقيق، ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المسكن المراد تفتيشه بارتكاب جريمة، أو باشتراكه في ارتكابها، أو إذا وجدت قرائن تدل على انه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.وللمحقق أن يفتش أي مكان ويضبط كل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة بما في ذلك الأوراق والأسلحة، وفي جميع الأحوال يجب أن يعد محضرا عن واقعة التفتيش يتضمن الأسباب التي بني عليها ونتائجه، مع مراعاة أنه لا يجوز دخول المساكن أو تفتيشها إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما وبأمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام ). وسيأتي زيادة بيان للتفتيش في مصطلح: تفتيش.
* رابعا: التصرف في التحقيق:
بينت المواد ( 124 إلى 127 ) من نظام الإجراءات الجزائية كيفية التصرف في التحقيق على النحو التالي:
1 - إذا رأى المحقق بعد انتهاء التحقيق أن الأدلة غير كافية لإقامة الدعوى فيوصي المحقق رئيس الدائرة بحفظ الدعوى وبالإفراج عن المتهم الموقوف، إلا إذا كان موقوفا لسبب آخر..( م/124)
2 - يعد أمر رئيس الدائرة بتأييد ذلك نافذاً، إلا في الجرائم الكبيرة فلا يكون الأمر نافذا إلا بمصادقة رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام، أو من ينيبه. (م/124)
3 - يجب أن يشتمل الأمر على الأسباب التي بني عليها، ويبلغ الأمر للمدعي بالحق الخاص ، وإذا كان قد توفي فيكون التبليغ لورثته جملة في محل إقامته. (م/124) 

4 - القرار الصادر بحفظ التحقيق لا يمنع من إعادة فتح ملف القضية والتحقيق فيها مرة أخرى متى ظهرت أدلة جديدة من شأنها تقوية الاتهام ضد المدعى عليه. ويعد من الأدلة الجديدة شهادة الشهود والمحاضر والأوراق الأخرى التي لم يسبق عرضها على المحقق. ( م/125)
5 - إذا رأى المحقق بعد انتهاء التحقيق أن الأدلة كافية ضد المتهم ترفع الدعوى إلى المحكمة المختصة ويكلف المتهم بالحضور أمامها. ( م/126)
6 - إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة من اختصاص محاكم متماثلة الاختصاص وكانت مرتبطة فتحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكانا بإحداها، فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم مختلفة الاختصاص فتحال إلى المحكمة الأوسع اختصاصا.( م/127)
وورد في مشروع اللائحة التنظيمية لنظام الهيئة التفصيل التالي(1):
1 - على المحقق بعد استيفاء التحقيق في القضية سواء قام بالتحقيق بنفسه أو ندب أحد رجال الضبط الجنائي لذلك أن يتخذ قرارا بالتصرف فيه إما بحفظ التحقيق أو بالاتهام وطلب المحاكمة أمام الجهة القضائية المختصة.
2 - يصدر قرار حفظ التحقيق من المحقق إذا توافرت إحدى الحالات الآتية:
أ - إذا كان الفعل المسند للمتهم لا يكوِّن جريمة.
ب - إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب العامة أو الخاصة.
ج - عدم توفر أدلة على ارتكاب المتهم للفعل المسند إليه أو عدم صحة الوقائع المسندة إليه.
د - إذا كان الفاعل لا يزال مجهولا، وفي هذه الحالة يكلف المحقق الجهات الأمنية باستمرار البحث والتحري للتعرف على الفاعل.
3 - قرار حفظ التحقيق يكون مؤقتا في حالتين هما:
أ - إذا كان الفاعل لا يزال مجهولا.
ب - إذا لم تتوفر أدلة على ارتكاب المتهم الفعل المسند إليه.
4 - قرار حفظ التحقيق يكون نهائيا في حالة عدم ثبوت الوقائع المسندة للمتهم أو انتفاء قيام الجريمة. 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید