المنشورات
تشهير
1 - التعريف:
التشهير في اللغة: الإعلان والوضوح ، والشُهْرَةُ: وضوح الأمر، تقول: شَهَرْتُ الأمر أَشْهَرُهُ شَهْراً وشُهْرَةً، فاشْتَهَرَ أي وضح. وكذلك شَهَّرْتُهُ تَشْهِيراً. ولفلان فضيلةٌ اشْتَهَرَهَا الناسُ. وشَهَرَ سَيْفَه يَشْهَرُهُ شَهْراً، أي سَلَّهُ(1).
ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللغوي.
2 - حكم التشهير:
التشهير قد يكون من الناس بعضهم ببعض، على جهة العداوة أو الغيبة، أو على جهة النصيحة والتحذير. وقد يكون من الحاكم في الحدود أو في التعازير. وبيان ذلك على النحو التالي:
* أولا: تشهير الناس بعضهم ببعض:
الأصل أن تشهير الناس بعضهم ببعض بذكر عيوبهم والتنقص منهم حرام وقد يكون مباحا أو واجبا وذلك راجع إلى ما يتصف به المشهر به.
فيكون التشهير حراما في الأحوال الآتية:
أ - إذا كان المشهَر به بريئا مما يشاع عنه ويقال فيه.
وقد ذكر القرطبي في تفسيره حديثا عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء , يرى أن يشينه بها في الدنيا , كان حقا على الله تعالى أن يرميه بها في النار ؛ ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } (2).
ومن ذلك: الهجو بالشعر ؛ قال ابن قدامة: ( فما كان من الشعر يتضمن هجو المسلمين، والقدح في أعراضهم، أو التشبب بامرأة بعينها، والإفراط في وصفها، فذكر أصحابنا أنه محرم )(3).
ب - إذا كان المشهر به يتصف بما يقال عنه، ولكنه لا يجاهر به، ولا يقع به ضرر على غيره. فالتشهير به حرام أيضا ; لأنه يعتبر من الغيبة التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها في قوله: { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } ، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته } (1).
ويكون التشهير جائزا في الأحوال الآتية:
أ - المجاهر بالمعصية, يجوز التشهير به ; لأن المجاهر بالفسق لا يستنكف أن يذكر به, ولا يعتبر هذا غيبة في حقه ; لأن من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له.
ب - إذا كان التشهير على سبيل نصيحة المسلمين وتحذيرهم, وذلك كجرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام, والتشهير بالمصنفين والمتصدين للإفتاء مع عدم الأهلية, أو مع فسق أو بدعة يدعون إليها.
* ثانيا: التشهير من الحاكم:
التشهير من الحاكم يكون في الحدود أو في التعزير، وبيان ذلك:
أ - التشهير في الحدود:
قال الفقهاء: ينبغي أن تقام الحدود في ملأ من الناس , لقوله تعالى: { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ سورة النور 2 ].
قال الكاساني: والنص وإن ورد في حد الزنا, لكن النص الوارد فيه يكون واردا في سائر الحدود دلالة, لأن المقصود من الحدود كلها واحد, وهو زجر العامة, وذلك لا يحصل إلا وأن تكون الإقامة على رأس العامة ; لأن الحضور ينزجرون بأنفسهم بالمعاينة، والغيَّب ينزجرون بإخبار الحضور، فيحصل الزجر للكل(2).
ب - التعزير بالتشهير:
التشهير نوع من أنواع التعزير, أي أنه عقوبة تعزيرية. ومعلوم أن التعزير يرجع في تحديد جنسه وقدره إلى نظر الحاكم, فقد يكون بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو التشهير أو غير ذلك, حسب اختلاف مراتب الناس, واختلاف المعاصي, واختلاف الأعصار والأمصار؛ وعلى ذلك فالتعزير بالتشهير جائز إذا علم الحاكم أن المصلحة فيه, وهذا الحكم هو بالنسبة لكل معصية لا حد فيها ولا كفارة في الجملة(1). قال الماوردي: للأمير إذا رآى من الصلاح في ردع السفلة أن يشهرهم وينادي عليهم بجرائمهم، ساغ له ذلك(2).
وقال أيضا: يجوز في نكال التعزير أن يجرد من ثيابه، إلا قدر ما يستر عورته، ويشهر في الناس, وينادى عليه بذنبه إذا تكرر منه ولم يتب(3).
ونصت الفقرة ( أ ) من المادة الثانية من نظام مكافحة التستر على نشر منطوق قرار العقوبة في واحدة أو أكثر من الصحف المحلية على نفقة المخالف.
3 - عقوبة التشهير بالناس:
إذا ثبت قيام الشخص بالتشهير بالناس ولم يقصد بالتشهير سوى إلحاق الضرر بهم يحال للمحكمة للحكم عليه بعقوبة تعزيرية يقدرها القاضي.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
25 يناير 2025
تعليقات (0)