المنشورات

تغريب

1 - التعريف:-
التَّغْرِيبُ في اللغة: الإبعاد عن الوطن، قال الجوهري : التَّغْرِيب: النفي عن البلد. وقال الخليل: والغُرْبَةُ: الاغتِرابُ من الوَطَن. وغَرَبَ فلانٌ عَنّا يَغْرُبُ غَرْباً أي تَنَحَّى، وأَغْرَبْتُه وغَرَّبْتُه أي نَحَّيْتُه(1).
وفي الاصطلاح: هو النفي من البلد الذي وقعت فيه الفاحشة(2).
2 - مشروعية التغريب:
التغريب يكون عقوبة في حد الزنى، وحد الحرابة، كما يكون تعزيراً.
* أولا: التغريب في حد الزنى:
اتفق الفقهاء على مشروعية التغريب في الزنى, في الجملة على خلاف بينهم في اعتباره من حد الزنى أو عدم اعتباره، فعند جمهور الفقهاء أن من حد الزاني - إن كان بكرا - التغريب لمدة سنة لمسافة قصر فأكثر, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة, والثيب بالثيب جلد مائة والرجم } (3). ولما روى أبو هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته, وأني افتديت منه بمائة شاة ووليدة, فسألت رجالا من أهل العلم، فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام, والرجم على امرأة هذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى، على ابنك جلد مائة وتغريب عام } . وجلد ابنه مائة وغربه عاما. ثم قال لأنيس الأسلمي: { واغد يا أنيس إلى امرأة هذا, فإن اعترفت فارجمها, فاعترفت فرجمها } (4).
ولأن الخلفاء الراشدين جمعوا بين الجلد والتغريب, ولم يعرف لهم مخالف, فكان كالإجماع.
* ثانيا: التغريب في حد الحرابة: 

ورد النفي في حد الحرابة في قوله تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ } . (أنظر مصطلح: حرابة)
* ثالثا: التغريب على سبيل التعزير:
اتفق الفقهاء على مشروعية التعزير بالتغريب؛ لما ثبت من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنفي تعزيرا في شأن المخنثين(1).
ولنفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذي عمل خاتما على نقش خاتم بيت المال وأخذ به مالا منه(2).
3 - مكان وكيفية التغريب:
اتفق القائلون بالتغريب على وجوبه على الرجل الزاني الحر غير المحصن لمدة عام. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام } (3). وأما المرأة غير المحصنة فتغرب، ويغرب معها زوج أو محرم, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { لا تسافر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم } رواه البخاري(4). وفي الصحيحين: { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم } (5). ولأن القصد تأديبها, والزانية إذا خرجت وحدها هتكت جلباب الحياء. وذهب المالكية إلى أنه لا تغريب على المرأة, ولو مع محرم أو زوج ولو رضيت بذلك, على المعتمد عندهم(6). 

والمعمول به في محاكم المملكة أنه إذا حكم القاضي بتغريب الزاني البكر فإن تحديد مكان وكيفية التغريب يترك للجهات التنفيذية المختصة، ورد بيان ذلك في تعميم وزير العدل رقم 13/ت/1088 في 19/7/1418هـ حيث جاء النص التالي: ( تلقينا خطاب معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم 1/1389 في 9/7/1418هـ ومشفوعه قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة رقم 311/45 وتاريخ 18/6/1418هـ المتضمن أن مجلس القضاء الأعلى بناء على الصلاحيات المخولة له بموجب نظام القضاء، وبعد الاطلاع على قرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة رقم 325/45 في 10/4/1417هـ المتضمن أن المجلس يرى الاكتفاء بسجن الزاني البكر متى ثبت عليه الحد بدلا من التغريب ؛ وبإعادة تأمل الموضوع والرجوع إلى الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في التغريب ، وأقوال الفقهاء في ذلك فإن المجلس يقرر بأن على القضاة إذا نظروا في قضية زنا البكر، وثبت موجب الحد أن يحكموا بحد زنى البكر، وهو الجلد والتغريب ، ويترك مكان التغريب وكيفيته للجهات المعنية بذلك ). 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید