المنشورات

تقادم

1 - التعريف:
التقادم لغة: من قَدُمَ يقدم قدوماً وتَقَادَماً، قال الجوهري: قَدُمَ الشيء بالضم قِدَمًا فهو قَدِيمٌ، وتَقَادَمَ مثله. وقال ابن فارس: القاف والدال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَبْق ورَعْف، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه: يقولون: القِدَم خلاف الحُدوث، ويقال: شيءٌ قديم، إذا كان زمانُه سالفًا(1).
وفي الاصطلاح: هو مرور الزمن الذي لا تسمع الدعوى بعده(2).
وفي القانون: التقادم مدة محددة تسقط بانقضائها المطالبة بالحق أو بتنفيذ الحكم(3).
2 - مشروعية التقادم ومدته:
لم يرد في الشريعة الإسلامية نص صريح على تحديد مدة معينة للتقادم، بل الأمر متروك لولي الأمر حسب ما يراه باجتهاده مناسباً لأحوال الناس، وما يصدره ولي الأمر بهذا الشأن يكون ملزماً ما لم يحرِّم حلالاً أو يحلُّ حراماً.
وقد ورد في شرح مجلة الأحكام العدلية بعض الجوانب المتعلقة بمرور الزمن في الدعاوى الحقوقية بالنص التالي: ( مرور الزمن في الدعاوى الحقوقية نوعان:
النوع الأول - اجتهادي ومدته ست وثلاثون سنة وهو:
(1) دعوى المتولي والمرتزقة في أصل الوقف.
(2) دعوى الطريق الخاص والمسيل وحق الشرب في العقارات الموقوفة.
(3) الدعاوى المتعلقة بأصل النقود الموقوفة.
(4) العقار الراجع من الطريق إذا كان موقوفا.
(5) العقار الذي يرجع من طريق العقارات المملوكة.
(6) دعاوى رقبة الأراضي الأميرية التي يقيمها مأمور الأراضي. (تاريخ الإرادة السنية 21 محرم سنة 1300 ).
النوع الثاني- المعين من طرف السلطان وهو خمس عشرة سنة بعضا وذلك في:
(1) دعاوى الدين ، الوديعة ، العارية ، العقار، الملك ، الميراث ، القصاص ، دعوى التولية والغلة في العقارات الموقوفة والمقاطعة والمشروط التصرف فيها بالإجارتين. 

(2) الطريق الخاص والمسيل وحق الشرب في العقار الملك. مثلا إذا كانت الطريق الراجعة من العقارات الموقوفة ملكا وبعضا عشر سنوات وذلك في دعاوى التصرف في الأراضي الأميرية والطريق الخاص والمسيل وحق الشرب وبعضا سنتان: وهي الأراضي الخالية والمحلولة التي فوضت من طرف الدولة للمهاجرين وزرعت من قبلهم وأنشئ عليها أبنية فلا تسمع الدعوى فيها بعد مرور سنتين، وبعض أشهر. والفرق بين مرور الزمن هو أنه في الأولى لا تسمع الدعوى مطلقا وفي الثانية تسمع بأمر سلطاني )(1).
3 - محل التقادم وأثره:
التقادم يسري على حقوق العباد، وعلى حقوق الله تعالى، فأما حقوق العباد فإنها لا تسقط بالتقادم بل تسمع الدعوى فيها متى ما تقدم صاحب الحق بالمطالبة بحقه، وأما الحقوق الخالصة لله تعالى كالحدود، فإن أقر بها الشخص بطوعه واختياره فلا أثر للتقادم فيها، وإن كانت أثيرت بناء على شهادة الشهود فهذا محل خلاف بين الفقهاء، كما سيأتي.
4 - تقادم الشهادة في الحدود:
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الشهادة على الحدود تقبل ولو بعد مضي زمان طويل من الواقعة لعموم آية الشهادة في الزنى، ولأنه حق لم يثبت ما يبطله، ولأن الشهادة إنما صارت حجة باعتبار وصف الصدق، وتقادم العهد لا يخل بالصدق فلا يخرج من أن يكون حجة كالإقرار وحقوق العباد.
جاء في مطالب أولي النهى : ( وتقبل الشهادة بحد قديم، على الصحيح من المذهب ; لأنها شهادة بحق ; فجازت مع تقادم الزمان كالشهادة بالقصاص، ولأنه قد يعرض للشاهد ما يمنع الشهادة حينها ، ويتمكن منها بعد ذلك)(2). 

ويرى الحنفية: أن التقادم في الحدود الخالصة لله تعالى يمنع قبول الشهادة إلا إذا كان التأخير لعذر كبعد المسافة أو مرض ونحو ذلك، وأما حد القذف فالتقادم فيه لا يمنع قبول الشهادة، لأن فيه حق العبد لما فيه من دفع العار عنه، ولهذا تقبل دعواه، ولا يصح رجوع المقر عن إقراره فيه, ولأن الدعوى فيه شرط, فلا يتهم الشهود في ذلك(1). واختلفوا في مدة التقادم المسقطة للحد، فنقل ابن الهمام عن أبي حنيفة أنه قال: لو سأل القاضي الشهود متى زنى بها فقالوا منذ أقل من شهر أقيم الحد، وإن قالوا شهر أو أكثر درئ عنه(2).
5 - تقادم الإقرار في الحدود:
اتفق الفقهاء على أن التقادم في الإقرار لا أثر له بالنسبة للحدود ما عدا حد الشرب عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الإنسان غير متهم في حق نفسه، وعلى هذا فيقبل الإقرار بالزنى ولو بعد مدة(3).
6 - التقادم في نظام الإجراءات الجزائية:
بيَّن نظام الإجراءات الجزائية في المادتين ( 22، 23 ) الأسباب التي تنقضي بها الدعوى الجزائية العامة أو الخاصة ولم يذكر التقادم من بين تلك الأسباب المنهية للدعوى بنوعيها. 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید