المنشورات

تلبس

1 - التعريف:
التلبس في اللغة: الاختلاط والتعلق، جاء في لسان العرب: تَلَبَّسَ بالأَمر وبالثَّوْب. ولابَسْتُ الأَمرَ: خالَطْتُه. وقال ابن فارس: اللام والباء والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على مخالَطَة ومداخَلة. من ذلك لَبِسْتُ الثَّوبَ ألْبَسُه، وهو الأصل، ومنه تتفرَّع الفروع(1).
وفي اصطلاح الفقهاء لا يخرج التلبس عن معناه اللغوي.
وفي المصطلح الجنائي التلبس هو: الجرم الذي يحدث في حضور رجل الضبط الجنائي أو إذا حضر رجل الضبط الجنائي إلى مكان حدوثه وتكون آثاره ونتائجه مما يحمل رجل الضبط الجنائي على الاعتقاد بقرب وقوعه أو لا يزال الجاني مطاردا بصياح الناس أو يوجد الجاني بعد برهة يسيرة ومعه أسلحة أو أشياء أو عليه آثار يستدل منها على أنه فاعل الجريمة أو مساهم في فعلها(2).
2 - حالات التلبس:
تنحصر صور التلبس في أربع حالات هي:
الحالة الأولى: مشاهدة الجريمة حال ارتكابها، وهذه أظهر حالات التلبس، وهي التي تمثل الوضع الطبيعي والأصل لحالة التلبس، ويطلق عليها البعض التلبس الحقيقي، وتعني أن الركن المادي للجريمة قد وقع تحت أنظار رجال الضبط الجنائي، ولا يشترط لذلك أن يشاهد رجل الضبط ببصره، بل يكفي أن يدرك وقوع الجريمة بإحدى حواسه الأخرى، كشم رائحة المسكر تتصاعد من فم المتهم، أو من سيارته، أو من مسكنه، أو يسمع أصوات الأعيرة النارية في جريمة القتل.
الحالة الثانية: مشاهدة الجريمة بعد ارتكابها بوقت يسير، وتتحقق مشاهدة الجريمة في هذه الحالة من خلال آثارها ومن الأدلة المترتبة عليها، والتي تفصح في حد ذاتها على أن الجريمة ارتكبت منذ وقت يسير، ويتحقق ذلك إما برؤية النتيجة المترتبة على السلوك الإجرامي، أو رؤية جسم الجريمة كرؤية المجني عليه ينزف دما، على إثر الاعتداء عليه، أو ضبط مخدر في الطريق. 

الحالة الثالثة: تتبع الجاني إثر وقوع الجريمة والقبض عليه. وتتحقق هذه الحالة بتتبع الجاني وملاحظته مع صراخ الناس عقب ارتكابها بوقت قصير. فإذا ثبت أن الجريمة قد ارتكبت في اليوم السابق فلما شاهد المجني عليه الجاني تتبعه بالصياح والصراخ في الطريق العام وأبلغ رجل الضبط بالإمساك به فلا تتوفر هنا حالة التلبس.
الحالة الرابعة: مشاهدة الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حاملا أدلة الجريمة تنصرف هذه الحالة إلى مشاهدة مرتكب الجريمة بعد وقوعها بوقت يسير حاملا أسلحة أو أمتعة أو أية أشياء يستدل منها أنه فاعل الجريمة أو مساهم فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.
وتشترك هذه الحالة مع الحالة الثانية ولكنها تتميز عنها في مشاهدة الجاني نفسه حاملا لأدلة الجريمة التي تفيد مساهمته في ارتكابها كرؤية الجاني يخرج مسرعا من مكان الحادث وبيده مسدس مما يفيد التلبس فعلا بالقتل أو الشروع فيه أو إذا وجدت به آثار أو علامات تفيد ذلك.
3 - شروط صحة التلبس:
يشترط لصحة التلبس شرطان أساسيان هما:
1 - أن تتم مشاهدة التلبس من قبل رجل الضبط الجنائي.
فيجب أن يكون رجل الضبط قد شاهد الجريمة بنفسه وهي في حالة من حالات التلبس التي ذكرناها وذلك إما بمشاهدة الركن المادي للجريمة وقت مباشرته أو رؤية ما يكشف عن وقوعها منذ زمن يسير وذلك حرصا على حماية الحريات الشخصية للأفراد وحفظا لحقوقهم.
2 - أن تتم مشاهدة التلبس بطريقة مشروعة.
لا يكفي لترتب الآثار النوعية على التلبس مجرد توافر إحدى الحالات السابق ذكرها وإنما يتعين أن يتم ذلك وفقا لأعمال مطابقة للشرع والنظام. 

فلا يقوم التلبس نظاما إذا كشفت عنه إجراءات غير صحيحة، كاقتحام أبواب المساكن ، أو النظر من خلال ثقوب أبوابها، لأن الله سبحانه قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } [ النور 2] وقال تعالى: { وَلا تَجَسَّسُوا } [الحجرات آية 12] وكذلك لا يقوم التلبس إذا كان وليد غش أو خداع أو إكراه ، كتحريض المتهمين، على فعل شيء يتولد عنه جريمة، أو استدراجهم لذلك.
4 - حالات التلبس وسلطة رجل الضبط فيها الواردة في نظام الإجراءات الجزائية:
بين نظام الإجراءات الجزائية في المواد (30 إلى 32) حالات التلبس وسلطة رجال الضبط في حالة التلبس وذلك في على النحو التالي :
أ - الجريمة المتلبس بها:
1- تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها بوقت قريب.
2 - وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح اثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.( م/30)
ب - واجبات رجال الضبط في حالة التلبس:
1 - يجب على رجل الضبط الجنائي في حالة التلبس بالجريمة أن ينتقل فوراً إلى مكان وقوعها ويعاين آثارها المادية ويحافظ عليها.(م/3)
2 - يثبت حالة الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وإن يسمع أقوال من كان حاضراً، أو من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة ومرتكبها. ويجب عليه أن يبلغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً بانتقاله.(م/31)
3 - منع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه، حتى يتم تحرير المحضر اللازم بذلك.(م/32)
4 - وله أن يستدعي في الحال من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة. (م/32) 

5 - إذا خالف أحد الحاضرين الأمر الصادر إليه من رجل الضبط الجنائي أو امتنع أحد ممن دعاهم عن الحضور، يثبت ذلك في المحضر، ويحال المخالف إلى المحكمة المختصة لتقرير ما تراه بشأنه..(م/32)
ج - سلطة رجل الضبط الجنائي في حالة التلبس:
1 - لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بالجريمة القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، على أن يحرر محضراً بذلك، وإن يبادر بإبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً.
2 - وفي جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفاً لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق.
3 - إذا لم يكن المتهم حاضراً فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وإن يبين ذلك في المحضر. ( م/33 ) 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید