المنشورات

توسط

1 - التعريف:
التَّوسُّط في اللغة: الاعتدال بين أمرين، قال الجوهري: والتوسُّط بين الناس، من الوَسَاطَةِ(1). وفي القاموس المحيط: ووَسَّطَهُ تَوْسِيطاً: قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ، أو جعَلَهُ في الوَسَطِ، وتَوَسَّطَ بينَهُمْ: عَمِلَ الوَساطَةَ، وأخَذَ الوَسَطَ بين الجَيِّدِ والرَّديء(2).
وفي اصطلاح الفقهاء: التوسط لا يخرج عن كونه الاعتدال بين أمرين.
واتسع مفهوم التوسط حتى أصبح يطلق على أعمال الشفاعة في أمر من الأمور، ويطلق التوسط أيضاً على أعمال السمسرة التي يقوم بها السمسار بين البائع والمشتري.
والسمسرة اصطلاحا: هي التوسط بين البائع والمشتري.
والسمسار هو : الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطا لإمضاء البيع , وهو المسمى الدلال , لأنه يدل المشتري على السلع , ويدل البائع على الأثمان(3).
2 - الأحكام المتعلقة بالتوسط:
التوسط الذي هو بمعنى الاعتدال بين الأمور بحيث لا إفراط ولا تفريط أمر مطلوب ومحمود ، وقد امتدح الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } { البقرة الآية 143 } . قال القرطبي رحمه الله: (المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض، كذلك جعلناكم أمة وسطا ، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم ؛ والوسط العدل وأصل، هذا أن أحمد الأشياء أوسطها)(4).
وسنبين ما يتعلق بالتوسط الذي هو بمعنى الشفاعة في مصطلح: شفاعة.
وأما التوسط الذي هو بمعنى السمسرة ، أي التوسط بين البائع والمشتري ، فلا يخلو من أمرين ، أحدهما: أن يكون في أمر مباح، والأخر : أن يكون في أمر محرم. 

أولا : التوسط في الأمور المباحة: أمر جائز شرعاً، سواء كان ذلك بالتوسط في بيعها أو شرائها، وهو من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به فقال : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } { المائدة الآية 2 } وقد أخرج الطبراني عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مشى في حاجة أخيه المسلم كتب الله له بكل خطوة يخطوها سبعين حسنة )(1).
ثانيا - التوسط في الأمور المحرمة:سواء في بيعها، أو تداولها، أو استعمالها، فعل محرم لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله - سبحانه وتعالى - عن ذلك بقوله: { وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } { المائدة الآية 2 } . والمتوسط في الأمور المحرمة بالبيع أو الشراء، مشمول بلعن النبي صلى الله عليه وسلم، الوارد في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثم لعنت الخمرة على عشرة وجوه، لعنت الخمر بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وغيرهم(2).
3 - عقوبة التوسط في الأمور المحرمة:
من يقوم بالتوسط في الأمور المحرمة، كبيع المسكرات، والمخدرات، والتوسط في الدعارة بالجرارة أو القوادة، ونحو ذلك، يعاقب بعقوبة تعزيرية يقدرها القاضي. 

وقد جاء في الفقرة ( ثالثا ) من قرار مجلس الوزراء رقم 11 في 1/2/1374هـ أن كل شخص من غير الصيادلة والمرخص لهم بالاتجار بالجواهر المخدرة تثبت حيازته لشيء من المخدرات أو توسطه في تصريفها بالبيع أو الإرسال أو الإهداء أو النقل من جهة إلى أخرى يعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات ويغرم بغرامة مالية قدرها عشرة آلاف ريال عربي سعودي. 














مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید