المنشورات

جنون

1 - التعريف:
الجنون في اللغة: مصدر جُنَّ الرجل بالبناء للمجهول، فهو مجنون: أي زال عقله أو فسد، أو دخلته الجن، وجن الشيء عليه: ستره(1).
وفي الاصطلاح عرفه التفتازاني بأنه: اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة , والقبيحة المدركة للعواقب بأن لا يظهر آثارها , وبتعطل أفعالها إما لنقصان جبل عليه دماغه في أصل الخلقة , وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال بسبب خلط أو آفة , وإما لاستيلاء الشيطان عليه , وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه بحيث يفرح , ويفزع من غير ما يصلح سببا(2).
وفي القانون الوضعي: هو حالة فقدان الإدراك أو الذكاء التي تحول دون قدرة المصاب به على التمييز بين الخير والشر(3).
ويعرف علماء الطب الجنون بأنه: حالة من الاغتراب والانفصال عن الواقع، واضطراب أو انعدام التفاعل مع المجتمع(4).
2 - أثر الجنون في الأهلية:
الجنون من عوارض أهلية الأداء وهو يزيلها من أصلها، فلا تترتب على تصرفات المجنون آثارها الشرعية ; لأن أساس أهلية الأداء في الإنسان التمييز والعقل، والمجنون عديم العقل والتمييز.
ولا يؤثر الجنون في أهلية الوجوب ; لأنها ثابتة لكل إنسان، فكل إنسان أيا كان له أهلية الوجوب; لأن أهليته للوجوب هي حياته الإنسانية.
وما وجب على المجنون بمقتضى أهليته للوجوب من واجبات مالية يؤديها عنه وليه، فإذا جنى على نفس أو مال يؤاخذ ماليا لا بدنيا، ففي القتل يضمن دية القتيل ولا يقتص منه، لقول علي رضي الله عنه: ( عمد الصبي والمجنون خطأ ) وكذلك يضمن ما أتلفه من مال الغير.
3 - أثر الجنون في الجنايات: 

تقدم أن الجنون عارض من عوارض الأهلية يطرأ على العقل فيذهب به، ولذلك تسقط فيه المؤاخذة والخطاب لعدم وجود العقل الذي هو وسيلة فهم دليل التكليف، فالجنون سبب من أسباب عدم المؤاخذة بالنسبة لحقوق الله تعالى، فلا حد على المجنون، لأنه إذا سقط عنه التكليف في العبادات، والإثم في المعاصي فالحد المبني على الدرء بالشبهات أولى، وأما بالنسبة لحقوق العباد كالضمان ونحوه فلا يسقط ; لأنه ليس تكليفا له، بل هو تكليف للولي بأداء الحق المالي المستحق في مال المجنون، فإذا وقعت منه جرائم، أخذ بها ماليا لا بدنيا، وإذا أتلف مال إنسان وهو مجنون وجب عليه الضمان، وإذا قتل فلا قصاص وتجب دية القتيل، كذلك لا يتم إحصان الرجم والقذف إلا بالعقل، فالمجنون لا يكون محصنا لأنه لا خطاب بدون العقل(1).
قال ابن قدامة: ( والمجنون غير مكلف، ولا يلزمه قضاء ما ترك في حال جنونه، إلا أن يفيق وقت الصلاة، فيصير كالصبي يبلغ. ولا نعلم في ذلك خلافا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { رفع القلم عن ثلاثة ; عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل } . أخرجه أبو داود، وابن ماجة، والترمذي وقال: حديث حسن(2). ولأن مدته تطول غالبا، فوجوب القضاء عليه يشق، فعفي عنه)(3).
4 - إقرار المجنون:
لا يصح إقرار المجنون ، لما جاء في حديث ماعز رضي الله عنه ، حين أقر بالزنا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله صلى الله عليه وسلم: ( أبك جنون ؟ ) ولأن الإقرار يترتب عليه حكم بحسب ما يقر به، والمجنون كما سبق بيانه غير مكلف، لأنه فاقد للأهلية. 














مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید