المنشورات

دعارة

1 - التعريف:
الدَّعارَةُ في اللغة: هي الفِسْقُ. وعُودٌ دَعِرٌ أَي كثير الدخان. قال ابن فارس : الدال والعين والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على كراهةٍ وأذى، وأصله الدُّخَان: يقال عُودٌ دَعِرٌ، إذا كان كثيرَ الدُّخان، قال ابنُ مُقبِل:
باتَتْ حواطِبُ لَيْلَى يلتمسْن لها جَزْل الجِذَى غَيْرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ
ومن ذلك اشتقاق الدَّعارة في الخُلُق، وَالدَّعَر: الفَساد(1).
وهي في اصطلاح الفقهاء: الفسق والفجور.
وعرفها ابن الأثير فقال: ( الدعارة: الفساد والشر، ورجل داعر خبيث مفسد، ومنه الحديث كان في بني إسرائيل رجل داعر؛ ويجمع على دعار )(2).
والدعارة وإن كانت لفظ عام في كل شر، إلا أنها في الأمور المتعلقة بالزنا ودواعيه من دياثة ، وقوادة ، ونحوها أخص.
2 - حكم الدعارة:
الدعارة بشتى صورها محرمة، لأنها كما عرفها الفقهاء، وأهل اللغة، فسق وفجور، والفسق أعم من الكفر، قال تعالى: { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ. أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [سورة السجدة 18-20].، وقال تعالى: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ التوبة 67 ].
ومن معاني الدعارة كما سبق الفجور وهو كما قال الجرجاني:( هيئة حاصلة للنفس، بها يباشر أمورا على خلاف الشرع والمروءة )(3). 

وقال الجاحظ: الفجور هو الانهماك في الشهوات، والاستكثار منها، والتوفر على اللذات، والإدمان عليها، وارتكاب الفواحش، والمجاهرة بها، وبالجملة هو السرف في جميع الشهوات )(1). وقد حكم الله سبحانه وتعالى ولا معقب لحكمه على الفجار بالجحيم، في قوله تعالى: { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ.وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار 13-14]. وقال تعالى: { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ. تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ. أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ } [ عبس 40-42 ].
والفجور يطلق على فعل الزنا كما في قصة الغامدية - رضي الله عنها - التي أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تائبة فقالت: ( إني فجرت....)(2).
3 - أقوال العلماء في أهل الدعارة:
قال الحطاب المالكي في معرض كلامه عن الدار المؤجرة: ( وكذلك إذا ظهر فيها الدعارة والطنابير والزمر وشرب الخمر وبيعها فليمنعه الإمام وليعاقبه، فإن لم ينته أخرجه عن جيرانه وأكراها عليه ولا يفسخ الكراء )(3).
وقال الطرابلسي: ( رجل دخل على رجل في منزله فبادره صاحب المنزل فقتله وقال: إنه داعر دخل عليَّ ليقتلني، فإن كان الداخل معروفا بالدعارة لم يجب القصاص، وإن لم يكن معروفا وجب )(4). وقال أيضا: ( إذا رفع للقاضي رجل يعرف بالسرقة والدعارة فادعى عليه بذلك رجل فحبسه لاختبار ذلك فأقر في السجن بما ادعى عليه من ذلك فذلك يلزمه، وهذا الحبس خارج عن الإكراه )(5). 

وقال ابن فرحون: ( ومن استرعي عليه الشهادة أنه من أهل الفسق والدعارة والشر ومجانبة أهل الخير والصلاح، وثبت عليه هذا، وجبت عقوبته وإطالة سجنه حتى تظهر توبته ويصلح حاله، ولو شهد له شهود عدول مع هذه الشهادة بأنه من أهل العافية والصلاح، لم تفد شهادتهم شيئا والشهادة الأولى أعلم ; لأنهم شهدوا بباطن، والثانية بظاهر، فالأولى أقوى إلا أن يكون عنده مدفع )(1).
وقال الجصاص: (واختلف الفقهاء في حد المحصن وغير المحصن في الزنا، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد: يرجم المحصن ولا يجلد ويجلد غير المحصن، وليس نفيه بحد وإنما هو موكول إلى رأي الإمام إن رأى نفيه للدعارة فعل كما يجوز حبسه حتى يحدث توبة )(2).
وقال الطحاوي: ( ذهب قوم إلى أن البكر إذا زنى، فعليه جلد مائة وتغريب عام جميعا، واحتجوا في ذلك، بهذه الآثار. وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: حد البكر إذا زنى جلد مائة ولا نفي عليه مع الجلد إلا أن يرى الإمام أن ينفيه للدعارة التي كانت منه فينفيه إلى حيث أحب كما ينفى الدُّعار وغير الزناة )(3).
3 - عقوبة الدعارة:
الدعارة تختلف عقوبتها بحسب نوع الجريمة، فمنها ما يوجب الحد كفعل الزنا بإيلاج، ومنها ما يوجب التعزير كفعل مقدمات الزنا، وفتح دور للدعارة والقوادة ، ونحو ذلك ، وفي جميع الأحوال فإن الدعارة بوابة الفساد والانحلال الأخلاقي ، فهي تحتاج إلى عقوبة شديدة ورادعة. 












مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید