المنشورات
سطو
1 - التعريف:
السطو في اللغة: البطش والقهر، قال الخليل: السَّطْو: البَسْط على النّاس بقَهْرِهم من فوق ، يقال: سَطَوْتُ عليه وبه ، قال الله عزّ وجلّ: { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } [الحج: 72]. والسَّطْو: شدّة البطش، وإنما سُمِّي الفَرَسُ ساطياً، لأنّه يَسْطُو على سائر الخَيْل، فيقومُ على رِجليه، ويسْطُو بيديه. والفَحْلُ يَسْطُو على طَروقته(1).
وفي الاصطلاح: لا يخرج السطو في اصطلاح الفقهاء عن المعنى اللغوي، وربما عبر عنه بعضهم بلفظ الصيالة.
2 - من صور السطو:
السطو له صور متعددة منها:
1 - السطو على البنوك، أو المحلات التجارية من أجل أخذ المال.
2 - السطو على الطائرات، أو السفن، أو السيارات واختطافها لأغراض معينة.
3 - السطو على المنازل لأي غرض من الأغراض سواء كان هدف الساطي القتل أو السرقة أو فعل الفاحشة.
4 - السطو على الأشخاص لأي سبب من الأسباب.
5 - السطو على المنشأءات، والدوائر الحكومية لأي غرض من الأغراض.
3 - حكم السطو:
السطو بجميع صوره وأشكاله محرم لأنه من الإفساد في الأرض ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الإفساد في الأرض في آيات كثيرة منها قوله تعالى: { وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ } [الأعراف 56 ]. وقوله تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . [ المائدة 33 ].
4 - جرائم السطو والخطف ضربا من ضروب الحرابة:
ورد في قرار هيئة كبار العلماء رقم 85 وتاريخ 11 /11/1401هـ، النص على اعتبار جرائم السطو والخطف ضربا من ضروب الحرابة، حيث جاء فيه النص التالي: (... وفي الدورة الثامنة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الطائف من 29/10/1401هـ حتى 11 /11/1401هـ نظر المجلس في الموضوع وأطلع على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة وبعد المناقشة المستفيضة وتداول الرأي انتهى المجلس إلى ما يلي:
أولا: ما يتعلق بقضايا السطو والخطف:
لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص وإن تنفيذ مقتضى أية الحرابة وما حكم به صلى الله عليه وسلم في المحاربين كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين إذا قال الله تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . [ المائدة 33 ]. وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أنس رضي الله عنه قال قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في الصفة فاجتووا المدينة فقالوا يا رسول الله أبغنا رسلا فقال ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا وأشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوا وسمنوا وقتلوا الراعي واستاقوا الذود ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الصريخ فبعث الطلب في آثارهم فما ترجل النهار حتى أتى بهم فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم ثم ألقوا في الحرة يستسقون فما سقوا حتى ماتوا قال أبو قلابة سرقوا وقتلوا وحاربوا الله ورسوله. أ هـ.
وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية:
أ - إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى. قال أبن العربي يحكي عن وقت قضائه: رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه فيها فاحتملوها ثم جد فيهم الطلب فأخذوا وجئ بهم فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتنين فقالوا: ليسوا محاربين لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال وإن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج. ا.هـ.
ب - يرى المجلس في قوله تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ } [ المائدة 33 ]، أن ( أو ) للتخيير كما هو الظاهر من الآية الكريمة وقول كثيرين من المحققين من أهل العلم رحمهم الله.
ج - يرى المجلس بالأكثرية أن يتولى نواب الإمام - القضاة - إثبات نوع الجريمة والحكم فيها فإذا ثبت لديهم أنها من المحاربة لله ورسوله والسعي في الأرض فسادا فإنهم مخيرون في الحكم فيها بالقتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض بناء على اجتهادهم مراعين واقع المجرم وظروف الجريمة وأثرها في المجتمع وما يحقق المصلحة العامة للإسلام والمسلمين إلا إذا كان المحارب قد قتل فإنه يتعين قتله حتما كما حكاه ابن العربي المالكي إجماعا وقال صاحب الإنصاف من الحنابلة: لا نزاع فيه ).
5 - الأحكام المتعلقة بجرائم السطو:
جرائم السطو بناء على قرار هيئة كبار العلماء المشار إليه ملحقة بجريمة الحرابة، وتأخذ أحكامها من حيث شروط تحققها، والتحقيق فيها، والمحاكمة والعقوبة، وقد مضى الكلام على ذلك في مصطلح ( حرابة ) فيرجع إليه.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
28 يناير 2025
تعليقات (0)