المنشورات

شبهة

1 - التعريف:
الشُّبْهَةُ في اللغة: بالضم: الالْتَبِاس، والمِثْلُ. وشُبِّهَ عليه الأَمْرُ تَشْبيهاً: لُبِّسَ عليه. وهي الاسم من الاشتباه، وهو: الالتباس، وجمعها شُبَه وشُبُهات، والشبهة أيضا ما يشبه الثابت وليس بثابت(1).
وفي اصطلاح الفقهاء: الشبهة هي ما لم يتيقن كونه حراما أو حلالا(2).
وعُرفت أيضا بأنها: ما يشبه الثابت وليس في نفس الأمر بثابت أو اسم من الاشتباه وهي ما بين الحلال والحرام , والخطأ والصواب (3).
2 - أنواع الشبه عند الفقهاء:
ذكر الفقهاء رحمهم الله، الشبه المسقطة للحدود لا سيما حد الزنا وأهتم فقهاء الحنفية خاصة بذكر أنواع الشبهة، ويليهم في ذلك فقهاء الشافعية، أما المالكية والحنابلة فإنهم يذكرون الشبه عند المناسبة، ولم يتطرق فقهاء الحنابلة خاصة إلى ذكر أنواع وتفصيلات الشبه.
والحنفية والشافعية يقسمون الشبهة إلى ثلاثة أقسام(4): اتفقوا في اثنين منها وانفرد كل مذهب بقسم ثالث ؛ فاتفقوا في الشبهة الحكمية وشبهة الفعل.
فالقسم الأول : الشبهة الحكمية: وتسمى شبهة المحل أي: الملك؛ وسميت حكمية لأن حل المحل ثبت بحكم الشرع ؛ أو شبهة حكم الشرع بحل المحل , لأن نفس حكم الشرع ومحله لم يثبت وإنما الثابت شبهته لكون دليل الحل عارضه مانع. ومن أمثلتها: سرقة الأب من مال ولده. فإن شبهة الملك قائمة في حق الوالد، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: { أنت ومالك لأبيك } (5).
وسميت هذه الشبهة شبهة الملك لأن الشبهة واردة على كون المحل مملوكا. 

أما القسم الثاني فهو شبهة الفعل: وتسمى شبهة اشتباه أي: شبهة في حق من حصل له اشتباه في الحكم , وذلك إذا ظن الحل ; لأن الظن هو الشبهة لعدم دليل قائم تثبت به الشبهة. ومن أمثلتها: من وطئ جارية زوجته ظاناً أنها تحل له.
وانفرد الحنفية بقسم شبهة العقد: وهو ما وجد فيه صورة العقد لا حقيقته ومثلوا له بمن وطئ محرما عليه نكاحها بعقد. ولا توجب الحد عند أبي حنيفة وعند صاحبيه يوجبه إن علم الحرمة.
وانفرد الشافعية بقسم شبهة الطريق : وهي الشبهة الناشئة عن اختلاف الفقهاء بأن يكون أحد المجتهدين قال بالحل.
ومثلوا له بالوطء في نكاح بدون ولي. ويحتمل أن يكون هذا القسم داخلا في القسم الأول وهو ما أطلق عليه الحنفية : الشبهة الحكمية.
3 - درء الحدود بالشبهات: ( راجع مصطلح: حدود )
4 - هل يجوز توجيه الاتهام للشخص بمجرد الشبهة؟
الشبه المجردة كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:-
1 - شخص معروف بالفقر وقلة الموارد المالية وفجأة ظهرت عليه علامات تدل على تحول حاله من الفقر إلى الغنى ؛ هل يتهم هذا الشخص بتورطه في السرقات التي وقعت في نطاق إقامته والمقيدة ضد مجهول؟
2 - وجود قارورة خمر لا يعرف صاحبها، وبالقرب منها شخص ؛ هل يتهم هذا الشخص بعائدية الخمر له؟
3 - ورود رسالة تحتوي على مواد مخدرة أو ممنوعة إلى أحد صناديق البريد دون أن تحمل اسم صاحب الصندوق، ولا اسم من وجهت له ؛ هل يتهم صاحب الصندوق باستقبال هذه الرسالة؟
4 - وجود كمية من المخدرات بالقرب من أحد الأشخاص أو في السيارة المعدة للإيجار والتي استأجرها للتو، هل يتهم بالحيازة.
ففي مثل هذه الحالات ينظر إلى حال الشخص فإن أي إنسان لا يخلو أمره من إحدى ثلاث حالات:-
الأولى: أن يكون معروفاً عند الناس بالدين والورع وأنه ليس من أهل التهم.
الثانية : أن يكون معروفاً بالفسق وسؤ المسلك وارتكاب الجرائم.
الثالثة: أن يكون مستور الحال لا يعرف من أمره شيء. 

ففي الحالة الأولى: يُغلَّب جانب الصلاح والاستقامة فلا يوجه للشخص الاتهام لوجود شبهة مجردة.
وفي الحالة الثانية: يُغلَّب جانب الفسق وسؤ المسلك ويوجه للشخص الاتهام بارتكاب الجرم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن أبي الحقيق حين أخفى كنزاً يوم خيبر.
وفي الحالة الثالثة: إن كانت التهمة تتعلق بحقوق الآدميين فيوجه له الاتهام وذلك من أجل حفظ ورعاية حقوق الناس، لا سيما في هذا الزمان الذي ضعف فيه الوازع الديني إلا من رحم الله.
وإن كانت التهمة تتعلق بحقوق الله تعالى المحضة، فلا يوجه له الاتهام استصحابا للبراءة الأصلية. 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید