المنشورات

شهادة

1 - التعريف:
الشَّهادَة في اللغة: خَبرٌ قاطعٌ تقولُ منه: شَهِدَ الرجلُ على كذا، وربما قالوا شَهْدَ الرجلُ، بسكون الهاء للتخفيف؛ عن الأَخفش. وقولهم: اشْهَدْ بكذا أَي احْلِف(1).
وفي الاصطلاح: هي الإخبار بما علمه بلفظ خاص، وهو أشهد أو شهدت(2).
2 - مشروعية الشهادة:
جاء في شرح منتهى الإرادات: ( أجمعوا على قبول الشهادة في الجملة لقوله تعالى: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } [ البقرة 282 ] الآية , وقوله تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } [ الطلاق 2 ] وقوله: { وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ } [البقرة 282 ]، ولحديث: { شاهداك أو يمينه } ، ولدعاء الحاجة إليها لحصول التجاحد، قال شريح: القضاء جمر فنحه عنك بعودين يعني الشاهدين، وإنما الخصم داء والشهود شفاء فأفرغ الشفاء على الداء. وهي أي الشهادة له، حجة شرعية، لما تقدم، تظهر الحق المدعى به أي تبينه، ولهذا سميت بينة، ولا توجبه، أي الحق بل الحاكم يلزمه به بشرطه )(3).
3 - أركان الشهادة:
أركان الشهادة عند الجمهور خمسة أمور: الشاهد، والمشهود له، والمشهود عليه، والمشهود به، والصيغة. وركنها عند الحنفية: اللفظ الخاص، وهو لفظ ( أشهد ).
4 - شروط الشهادة:
للشهادة نوعان من الشروط: شروط تحمل. وشروط أداء.
أ - شروط التحمل:
1 - العقل وقت التحمل ، فلا يصح تحملها من مجنون وصبي لا يعقل ; لأن تحمل الشهادة عبارة عن فهم الحادثة وضبطها، ولا يحصل ذلك إلا بآلة الفهم والضبط، وهي العقل.
2 - أن يكون الشاهد بصيرا، فلا يصح التحمل من الأعمى عند الحنفية. وذهب الجمهور إلى صحة تحمله فيما يجري فيه التسامع إذا تيقن الصوت وقطع بأنه صوت فلان. 

3 - أن يكون التحمل عن علم، أو عن معاينة للشيء المشهود به بنفسه لا بغيره: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل يشهد بشهادة، فقال لي: { يا ابن عباس، لا تشهد إلا على ما يضيء لك كضياء هذه الشمس وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الشمس } (1). ولا يتم ذلك إلا بالعلم، أو المعاينة، إلا فيما تصح فيه الشهادة بالتسامع، كالنكاح، والنسب، والموت، وغير ذلك مما نص عليه الفقهاء(2).
ب - شروط الأداء:
منها ما يرجع إلى الشاهد؛ ومنها ما يرجع إلى الشهادة؛ ومنها ما يرجع إلى المشهود به. ومنها ما يرجع إلى النصاب ( أي عدد الشهود ).
* أولا: ما يرجع إلى الشاهد:
بأن يكون الشاهد أهلا للشهادة، وذلك بأن تتوفر فيه شروط منها:
1 - البلوغ : فلا تصح شهادة الأطفال والصبيان لقوله تعالى: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ } [ البقرة 282 ]. والصبي ليس من الرجال لقوله صلى الله عليه وسلم: { رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق } (3).
وذهب بعض المالكية وبعض الحنابلة إلى جواز شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح والقتل قبل أن يتفرقوا، وزاد المالكية: أن يتفقوا في شهادتهم، وأن لا يدخل بينهم كبير، واختلف في إناثهم(4).
2 - العقل: فلا تصح شهادة غير العاقل إجماعا، لأنه لا يعقل ما يقوله ولا يصفه، سواء أذهب عقله بجنون أو سكر وذلك لأنه ليس بمحصل ولا تحصل الثقة بقوله. 

3 - الحرية: فلا تجوز شهادة من فيه رق عند جمهور الفقهاء، كسائر الولايات، إذ في الشهادات نفوذ قول على الغير، وهو نوع ولاية ; ولأن من فيه رق مشتغل بخدمة سيده فلا يتفرغ لأداء الشهادة ؛ وذهب الحنابلة إلى قبول شهادته في كل شيء إلا في الحدود والقصاص.
4 - البصر: فلا تصح شهادة الأعمى عند الحنفية مطلقا. وعند الحنابلة تجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت لأنه رجل عدل مقبول الرواية فقبلت شهادته كالبصير ; ولأن السمع أحد الحواس التي يحصل بها اليقين، وقد يكون المشهود عليه من ألفه الأعمى، وكثرت صحبته له، وعرف صوته يقينا، فيجب أن تقبل شهادته، فيما تيقنه كالبصير، ولا سبيل إلى إنكار حصول اليقين في بعض الأحوال.
5 - الإسلام: الأصل أن يكون الشاهد مسلما فلا تقبل شهادة الكفار سواء أكانت الشهادة على مسلم أم على غير مسلم ، لقوله تعالى: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } [ البقرة 282 ]، وقوله: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } [الطلاق 2 ]. والكافر ليس من رجالنا، وليس بعدل، ويستثنى من هذا الأصل شهادة الكافر على المسلم في الوصية في السفر، عملا بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ } [المائدة 106 ].
6 - النطق: فلا تصح شهادة الأخرس عند جمهور الفقهاء. وذهب مالك إلى صحة شهادته إذا عرفت إشارته ويرى الحنابلة قبول شهادة الأخرس إذا أداها بخطه.
7 - العدالة: لا خلاف في ذلك لقوله تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } [الطلاق 2]. ولهذا لا تقبل شهادة الفاسق. 

8 - التيقظ، أو الضبط: فلا تقبل شهادة مغفل لا يضبط أصلا أو غالبا لعدم التوثق بقوله، أما من لا يضبط نادرا والأغلب فيه الحفظ والضبط فتقبل قطعا ; لأن أحدا لا يسلم من ذلك.
9 - ألا يكون محدودا في قذف: وذلك لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ النور آية 4 ]. فإن تاب وأصلح فقد ذهب الجمهور إلى قبول شهادته لقوله تعالى بعد الآية السابقة مباشرة: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [النور آية 5]. وذهب الحنفية إلى عدم قبول شهادته ولو تاب.
ومناط الخلاف في هذه الآية في ورود الاستثناء بعد مذكورين أيشملهم كلهم أم يعود إلى أقرب مذكور؟ فعند الحنفية أن الاستثناء يعود إلى الأخير وهو هنا التوبة من الفسق فقط، وعند الجمهور يعود إلى جميع ما ذكر.
10 - الذكورة في الشهادة على الحدود والقصاص ، لحديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص(1).
11 - عدم التهمة: أي لا يكون متهما في شهادته، وللتهمة أسباب منها:
أ - أن يجر بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع ضرا.
ب - البعضية: فلا تقبل شهادة أصل لفرعه، ولا فرع لأصله، وتقبل شهادة أحدهما على الآخر.
ج - العداوة: فلا تقبل شهادة عدو على عدوه، والمراد بالعداوة هنا، العداوة الدنيوية لا الدينية، فتقبل شهادة المسلم على الكافر، والسني على المبتدع.
د - الحرص على الشهادة بالمبادرة من غير تقدم دعوى، وذلك في غير شهادة الحسبة. 

هـ - العصبية: فلا تقبل شهادة من عرف بها وبالإفراط في الحمية كتعصب قبيلة على قبيلة وإن لم تبلغ رتبة العداوة.
نص على ذلك فقهاء الحنابلة، واستدلوا لاشتراط عدم التهمة بقوله صلى الله عليه وسلم: { لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت } (1).
* ثانيا: ما يرجع من شروط الأداء إلى الشهادة نفسها ومن ذلك:
1 - اشتراط وجود الدعوى في الشهادة على حقوق العباد من المدعي أو نائبه. أما الشهادة على حقوق الله تعالى فلا يشترط فيها وجود الدعوى على رأي جمهور الفقهاء.
2 - موافقة الشهادة للدعوى.
3 - اتفاق الشاهدين، أو الشهود.
4 - أن تؤدى بلفظ الشهادة. بأن يقول: أشهد بكذا وهذا قول الجمهور، والأظهر عند المالكية أنه يكفي ما يدل على حصول علم الشاهد كأن يقول: رأيت كذا أو سمعت كذا ولا يشترط أن يقول: أشهد.
* ثالثا: ما يرجع من شروط الأداء إلى المشهود به ومن ذلك:
1 - أن يكون معلوما، فإن كانت الشهادة بمجهول فلا تقبل. وذلك لأن شرط صحة قضاء القاضي أن يكون المشهود به معلوما.
2 - كون المشهود به مالا أو منفعة فلا بد أن يكون متقوما شرعا.
رابعا: ما يرجع إلى النصاب ( أي عدد الشهود )
ويقصد به عدد الشهود المطلوب، فقضايا الحدود مثلاً لا تثبت إلا بشهادة شاهدين عدلين، هذا في غير حد الزنا فإنه لا يثبت إلا بأربعة شهود عدول.
5 - كيفية سماع شهادة الشهود: 

قال ابن قدامة: ( والحقوق على ضربين: أحدهما: حق لآدمي معين , كالحقوق المالية, والنكاح , وغيره من العقود والعقوبات , كالقصاص, وحد القذف, والوقف على آدمي معين , فلا تسمع الشهادة فيه إلا بعد الدعوى ; لأن الشهادة فيه حق لآدمي, فلا تستوفى إلا بعد مطالبته وإذنه , ولأنها حجة على الدعوى ; ودليل لها , فلا يجوز تقدمها عليها.
الضرب الثاني: ما كان حقا لآدمي غير معين, كالوقف على الفقراء , والمساكين أو جميع المسلمين , أو على مسجد , أو سقاية أو مقبرة مسبلة, أو الوصية لشيء من ذلك, ونحو هذا, أو ما كان حقا لله تعالى , كالحدود الخالصة لله تعالى , أو الزكاة , أو الكفارة, فلا تفتقر الشهادة به , إلى تقدم الدعوى ; لأن ذلك ليس له مستحق معين من الآدميين يدعيه, ويطالب به , ولذلك شهد أبو بكرة وأصحابه على المغيرة , وشهد الجارود وأبو هريرة على قدامة بن مظعون بشرب الخمر, وشهد الذين شهدوا على الوليد بن عقبة بشرب الخمر أيضا, من غير تقدم دعوى , فأجيزت شهادتهم, ولذلك لم يعتبر في ابتداء الوقف قبول , من أحد , ولا رضى منه)(1).
5 - ضوابط سماع الشهادة الواردة في نظام الإجراءات الجزائية:
بينت المواد (95 إلى 100) من النظام كيفية سماع الشهود على النحو التالي:
1 - على المحقق أن يستمع إلى أقوال الشهود الذين يطلب الخصوم سماع أقوالهم ما لم ير عدم الفائدة من سماعها. وله أن يستمع إلى أقوال من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تؤدي إلى إثبات الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها. ( م/95 )
2 - على المحقق أن يثبت في المحضر البيانات الكاملة عن كل شاهد؛ تشمل اسم الشاهد ولقبه وسنه ومهنته وجنسيته ومحل إقامته وصلته بالمتهم والمجني عليه والمدعي بالحق الخاص. ( م/96 ) 

3 - تدون تلك البيانات وشهادة الشهود وإجراءات سماعها في المحضر من غير تعديل، أو شطب، أو كشط، أو تحشير، أو اضافة، ولا يعتمد شيء من ذلك إلا إذا صدق عليه المحقق والكاتب والشاهد.( م/96)
4 - يضع كل من المحقق والكاتب إمضاءه على الشهادة وكذلك الشاهد بعد تلاوتها عليه، فإن امتنع عن وضع إمضائه أو بصمته أو لم يستطع يُثْبتُ ذلك في المحضر مع ذكر الأسباب التي يبديها. ( م/97 )
5 - يستمع المحقق لكل شاهد على انفراد، وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالخصوم. ( م/98 )
6 - للخصوم بعد الانتهاء من الاستماع إلى أقوال الشاهد إبداء ملحوظاتهم عليها، ولهم أن يطلبوا من المحقق الاستماع إلى أقوال الشاهد عن نقاط أخرى يبينونها. وللمحقق أن يرفض توجيه أي سؤال لا يتعلق بالدعوى، أو يكون في صيغته مساس بأحد. ( م/99 )
7 - إذا كان الشاهد مريضا، أو لديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في مكان وجوده. ( م/100 )
6- تزكية الشهود:
التزكية لغة: مصدر زكَّى، يقال: زكَّى فلانٌ فلاناً: إذا نسبه إلى الزَّكاء، وهو الصلاح.
جاء في شرح مجلة الأحكام: ( إذا طعن في الشهود من طرف الخصم فتجب تزكيتهم بالإجماع ويكون الحكم بدون التزكية غير صحيح أما إذا لم يطعن الخصم في الشهود فقد اختلف في لزوم التزكية..)(1).
والشاهد لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون مشهورا بالصدق والعدالة ، ومعروفاً لدى القاضي بذلك، فهذا لا يحتاج إلى تزكية.
الثانية: أن يكون الشاهد مشهورا بالفسق، فهذا لا تقبل شهادته أصلا لأن العدالة شرط في الشهادة.
الثالثة: أن يكون الشاهد مستور الحال فهذا هو الذي تطلب تزكيته.
7 - من الذي يطلب تزكية الشهود: 

المحقق إذا حضر الشاهد لدية، فعليه ضبط الشهادة وفقا لما يدلى به الشاهد، ولا يطلب من الشاهد بينة تعرفه وتزكيه، لأن هذا من اختصاص القضاء، فالقاضي هو الذي يطلب تزكية الشهود متى ما رأى الحاجة لذلك، لأن الشهادة تثبت بالإدلاء بها في مجلس القضاء ، لكن إذا كان الشاهد معروفاً بالفسق وسؤ المسلك والمحقق يعلم ذلك فلا يقبل شهادته.
8 - الرجوع عن الشهادة:
ذهب الفقهاء إلى أن الشاهدين إن رجعا عن شهادتهما، فلا يخلو رجوعهما أن يكون قبل الحكم أو بعده.
فإن رجعا عن شهادتهما قبل الحكم: سقطت شهادتهما، لأن الحق إنما يثبت بالقضاء، والقاضي لا يقضي بكلام متناقض، ولا ضمان عليهما، لأنهما لم يتلفا شيئا على المدعي، ولا على المدعى عليه.
وإن رجعا بعد الحكم وقبل التنفيذ: فإن كان في حد أو قصاص لم يجز الاستيفاء والتنفيذ ; لأن هذه الحقوق تسقط بالشبهة، والرجوع شبهة ظاهرة، فلم يجز الاستيفاء لقيام الشبهة ؛ وإن كان مالا أو عقدا استوفي المال لأن القضاء قد تم، وليس هذا مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع ; فلا ينتقض الحكم ؛ وعلى الشهود ضمان ما أتلفوه بشهادتهم لإقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان، ولا يرجعون على المحكوم له.
أما إن رجع الشهود بعد تنفيذ الحكم: فإنه لا ينقض الحكم، ولا يجب على المشهود له رد ما أخذه، لأنه يحتمل أن يكونا صادقين، ويحتمل أن يكونا كاذبين، وقد اقترن الحكم والاستيفاء بأحد الاحتمالين ; فلا ينقض برجوع محتمل، وعلى الشاهدين أن يضمنا ما أتلفاه بشهادتهما. 

فإن كان ما شهدا به يوجب القتل، أو القطع، أو القصاص، ينظر في أمرهما ؛ فإن قالا: تعمدنا ليقتل بشهادتنا، وجب عليهما القود عند الجمهور، لما روى الشعبي أن رجلين شهدا عند علي - رضي الله عنه - على رجل أنه سرق فقطعه، ثم أتياه برجل آخر فقالا: إنا أخطأنا بالأول، وهذا السارق، فأبطل شهادتهما على الآخر، وضمنهما دية يد الأول، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما(1). ولأنهما ألجآه إلى قتله بغير حق، فلزمهما القود كما لو أكرهاه على قتله.
وإن قال الشهود: أخطأنا، أو جهلنا كانت عليهم الدية في أموالهم مخففة مؤجلة، ولا تتحمل العاقلة عنهما شيئا ; لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف(2).
9 - شهادة الزور:
شهادة الزور من أكبر الكبائر، ولا يجوز العمل بها، وما بني عليها فهو باطل، ولا تقبل شهادة من شهد بها فيما بعد، وقد جاء في حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئا - فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت } متفق عليه(3). ولأن فيها رفع العدل، وتحقيق الجور، ولأنها كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى تعزير شاهد الزور وضربه والطواف به في المجالس. 















مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید