المنشورات

صيال

1 - التعريف:
الصِّيالُ في اللغة: مصدر صَالَ يصولُ، إذا قدم بجراءة وقوة، وهو: الاستطالة والوثوب والاستعلاء على الغير. جاء في القاموس: صالَ على قِرْنِه صَوْلاً وصِيالاً وصُؤُولاً وصَوَلاناً وصالاً ومَصالَةً: سَطا واسْتَطَالَ، وصالَ الفَحْلُ على الإبِلِ صَوْلاً، فهو صَؤُولٌ: قاتَلَها، وصالَ العَيْرُ على العانةِ: شَلَّها، وصالَ عليه صَوْلاً وصَوْلَةً: وثَبَ(1).
وفي الاصطلاح: الصيال الاستطالة والوثوب والاعتداء على الغير بغير حق(2).
2 - حكم الصيال:
الصيال حرام، لأنه اعتداء على الغير، وقد نهى الله تعالى عن الاعتداء في آيات كثيرة منها قوله تعالى: { وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البقرة 190 ] ؛ ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: { كل المسلم على المسلم حرام ، دمه ، وماله، وعرضه } رواه مسلم(3).
3 - دفع الصائل وما يتعلق به من أحكام: 

اختلف الفقهاء رحمهم الله في دفع الصائل ولهم في ذلك تفصيلات، نذكر منها ما أورده البهوتي في كشاف القناع بالنص لوضوحه وشموله، حيث يقول: ( ومن صال على نفسه بهيمة أو آدمي ، أو صال على نسائه، كأمه وابنته وأخته وزوجته ونحوهن، أو على ولده أو ماله ولو قل المال، بهيمة، أو آدمي، ولو كان من أريدت نفسه أو حرمته أو ولده أو ماله غير مكافئ للمريد، أو كان الصائل صبيا أو مجنونا، كالبهيمة وسواء صال على ذلك في منزله أو غيره ولو كان متلصصا، أي طالبا للسرقة، ولم يخف الدافع أن يبدره الصائل بالقتل دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، لأنه لو منع من ذلك لأدى إلى تلفه وأذاه في نفسه وحرمته وماله ولأنه لو لم يجز ذلك لتسلط الناس بعضهم على بعض وأدى إلى الهرج والمرج، فإن اندفع بالقول لم يكن له ضربه بشيء، وإن لم يندفع بالقول فله، أي الدافع ضربه بأسهل ما يظن أن يندفع به فإن ظن أنه يندفع بضرب عصا لم يكن له ضربه بحديد لأنه آلة القتل، وإن ولّى هاربا لم يكن له قتله ولا اتباعه ، كالبغاة ، وإن ضربه فعطله لم يكن له أن يثني عليه ، لأنه كفي شره. وإن ضربه فقطع يمينه فولى هاربا فضربه فقطع رجله فالرجل مضمونة بقصاص أو دية ، لأن الزائد على ما يحصل به الدفع لا حاجة إليه فلم يكن له فعله، قال أحمد: لا يريد قتله وضربه لكن دفعه، فإن مات، الصائل من سراية القطعين فعليه أي الدافع نصف الدية، لأنه مات من فعل مأذون فيه وغير مأذون فيه. وإن رجع الصائل إليه أي إلى الدافع، بعد قطع يده ثم، رجله فقطع، الدافع يده الأخرى لكونه لم يندفع بدونه، فاليدان غير مضمونتين، بخلاف الرجل التي قطعها بعد أن ولى هاربا، وإن مات الصائل فعليه أي الدافع، ثلث الدية، كما لو مات من جراح ثلاثة أنفس قال في المبدع والشرح وقياس المذهب أن يضمن نصف الدية كما لو جرحه اثنان ومات منهما. فإن لم يمكنه ، أي الدافع، دفعه، أي الصائل، إلا بالقتل أو خاف الدافع ابتداء أن يبدأه، أي الصائل بالقتل إن لم يعاجله بالدفع فله ضربه بما يقتله ويقطع طرفه ويكون ذلك هدرا، لأنه أتلف لدفع شره كالباغي.
وإن قتل المصول عليه فهو شهيد مضمون ؛ لحديث أبي هريرة قال: { جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي، قال: لا تعطه، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته، قال: في النار } رواه أحمد ومسلم(1). وعن سعيد بن يزيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: { من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قُتل دون دمه فهو شهيد ومن قُتل دون أهله فهو شهيد } رواه أبو داود والترمذي وصححه(2). 

وإن كان الدافع للصائل عن نسائه فهو لازم، أي واجب لما فيه من حقه وحق الله وهو منعه من الفاحشة، وإن كان الدفع عن نفسه في غير فتنة فكذلك ، أي فالدفع لازم لقوله تعالى: { وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [ البقرة 195]، وكما يحرم عليه قتل نفسه يحرم عليه إباحة قتلها ولأنه قدر على إحياء نفسه فوجب عليه فعل ما يتقي به كالمضطر للميتة، فإن كان في فتنة لم يلزمه الدفع لقوله صلى الله عليه وسلم في الفتنة: { اجلس في بيتك فإن خفت أن ينهرك شعاع السيف فغط وجهك } (1)، وفي لفظ { فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل } (2)، ولأن عثمان ترك القتال على من بغى عليه مع القدرة عليه ومنع غيره قتالهم وصبر على ذلك ولو لم يجز لأنكر الصحابة عليه بذلك وله أن يدفع عن نفسه ، وإن أمكنه الهرب والاحتماء كما لو خاف من سيل أو نار وأمكنه أن يتنحى عنه وكما لو كان الصائل عليه بهيمة ، فإنه يجب عليه دفعها ، وله قتلها ولا ضمان عليه فيها لسقوط حرمتها بالصول.
وإن كان الدفع عن نفسه في غير فتنة وظن الدافع سلامة نفسه فالدفع لازم أيضا، لأنه لا يتحقق منه إيثار الشهادة كإحيائه ببذل طعامه ذكره القاضي وغيره فإن كان في فتنة لم يلزمه الدفع لقصة عثمان. 

ولا يلزمه الدفع عن ماله ولا حفظه من الضياع والهلاك، ذكره القاضي وغيره لأنه يجوز بذله وذكر القاضي أنه أفضل ؛ وفي الترغيب المنصوص عنه أن ترك قتاله عليه أفضل؛ زاد في نهاية المبتدئ عن الثلاثة وعرضه، كمال غيره، أي كما لا يجب الدفع عن مال الغير ، قال في المذهب: أما دفع الإنسان مال غيره فيجوز ما لم يفض إلى الجناية على نفس الطالب أو شيء من أعضائه، وجزم في المنتهى باللزوم مع ظن سلامتهما وهو معنى ما قدمه في الإنصاف، لكن له ، كذا في الشرح ، والظاهر أنه يجب عليه معونة غيره في الدفع عن ماله ونسائه في قافلة وغيرها ، مع ظن السلامة، لحديث { انصر أخاك ظالما أو مظلوما } ولئلا تذهب الأنفس والأموال)(1). 














مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید