المنشورات
طعن
1 - التعريف:
الطَّعْنُ في اللغة: هو الوخز بآلة حادة كالرمح ونحوه، ويكون بالثلب بالقول. ورد في لسان العرب: طَعَنه بالرُّمْحِ يَطْعُنُه ويَطْعَنُه طَعْناً، فهو مَطْعُون وطَعِينٌ ، من قوم طُعْنٍ: وخَزَه بحربة ونحوها.. وطَعَنَه بلسانه، وطَعَنَ عليه يَطْعُنُ ويَطعَنُ طَعْناً وطَعَنَاناً: ثَلَبَهُ، على المَثَل، وقيل: الطَّعْن بالرمح، والطَّعَنَانُ بالقول(1).
وقال الخليل: طَعَنَ فلانٌ على فلانٍ طَعَناناً في أمره وقوله إذا أَدْخَلَ عليه العيبَ. وطعن فيه وقع فيه عند غيره. قال:
وأبى الكاشحونَ يا هندُ إلاَّ طَعَناناً وقولَ ما لا يُقالُ
وطَعَنَةُ بالرُّمحِ يطعُنُ بضمة العين طَعْناً، ويقال: يَطْعُنُ بالرُّمْحِ ويَطْعَنُ بالقول. قال: كلاهما مضموم(2).
وفي الاصطلاح: الطعن إما أن يكون قولياً: وهو السب وإظهار المثالب والمعايب. وإما أن يكون فعلياً: وهو الوكز والضرب بالرمح، أو السيف، أو السكين، أو أية آلة حادة.
2 - حكم الطعن:
أ - الطعن بمعنى الضرب:
يحرم الاعتداء على الشخص المعصوم والحاق الضرر به سواء كان بالضرب أو الطعن ، ولا يجوز يحمل الآلة الحادة عليه كالرمح أو السيف ونحوهما من الآلات التي تستخدم في الطعن ، لأن هذا من الاعتداء المحرم المنهي عنه في قوله تعالى: { وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [المائدة 87 ] ؛ ولأنه من إشهار السلاح على المسلمين الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من رفع علينا السلاح فليس منا } (1). وروى عن العلاء بن المسيب عن خيثمة قال: قال عمر: ( ليس منا من شهر السلاح علينا )(2).
ب - الطعن بمعنى التجريح وإظهار العيوب :
التلفظ بالألفاظ البذيئة، وطعن المسلمين بها وقذفهم - بدون وجه حق - ليست من صفات المؤمنين، أخبر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء )(1).وهذا حكم عام يستثنى منه جواز طعن المشهود عليه في الشاهد الفاسق لبيان حقيقته أمام القاضي، وكذلك طعن المدعى عليه في الدعوى المقدمة ضده المفتقرة إلى أدلة أو قرائن صحيحة، أو طعن أحد المتداعيين بما يقدح شرعاً في الأدلة المقدمة ضده، وذلك من أجل بيان براءته. وورد في المادة (147) من نظام الإجراءات الجزائية ، إحالة ما يتعلق بالطعن في القضاة وطلب تنحيتهم عن الحكم إلى الأحكام الواردة في نظام المرافعات الشرعية، كما يكون القاضي ممنوعاً من نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه في غير أوقات انعقاد الجلسات. وقد خُصص الباب الثامن من نظام المرافعات الشرعية للأحكام المتعلقة بتنحي القضاة وردهم عن الحكم(2).
3 - الطعن في الدعوى:
الطعن في الدعوى إما أن يكون شكلاً أو مضمونا. فالطعن فيها شكلاً : يكون بعدم اختصاص المحكمة المقدمة لها الدعوى، أو بسقوط الدعوى بما يسقطها شرعاً ؛ وفي هذه الحالة يتعين رد الدعوى. وأما الطعن فيها مضموناً : فيكون بالاعتراض من جانب المدعى عليه بعدم صحة دعوى المدعي، وفي هذه الحالة يتعين على القاضي طلب البينة من المدعي.
4 - الطعن في القاضي:
يجب على كل مسلم احترام العلماء وتوقيرهم ومعرفة منزلتهم سواء كان هؤلاء العلماء من القضاة أو من طلبة العلم أو الدعاة، ونحوهم.
قال ابن مفلح - رحمه الله - محذراً من الطعن في العلماء : ( فاحذر من الإقدام على الطعن على العلماء مع عدم بلوغك إلى مقاماتهم , واختلاف أحوالهم حتى أنهم في حال كشخص , وفي حال آخر كشخص آخر , فإن للعبد عند كشف الحق محوا عن نفسه , والعالم يتلاشى في عينه )(1). وجاء في فتاوى الرملي - رحمه الله - أنه سئل: عما لو طعن شخص في القاضي وقال: إنه ليس بقاض لفسقه هل يصح حكم هذا القاضي له وعليه أم لا ؟ . فأجاب: ( بأنه ينفذ حكم القاضي على من قال: إنه فاسق , وكذا له إن ولاه سلطان له شوكة أو مضت بعد قوله مدة الاستبراء ثم ولي أيضا, وإلا فلا )(2).
5 - الطعن في الشهود:
ورد في شرح مجلة الأحكام: ( للمشهود عليه أن يطعن بالشهود أو أن يجرحهم, والطعن عبارة عن إظهار شيء يخل بالشهادة حال كون الشاهد عدلا وتوضيح الطعن هو: إذا طعن المشهود عليه قبل التزكية أو بعدها في الشهود بإسناد شيء مانع لقبول الشهادة كدفع مغرم أو جر مغنم،... وأنكر المشهود له هذا الطعن طلب القاضي من المشهود عليه الطاعن البينة ولا يكلف المشهود له بإثبات عكس الطعن , مثلا إذا طعن المشهود عليه بأن الشاهد هو ولد المدعي وأنكر المشهود له ذلك فيجب على المشهود عليه إثبات ذلك ولا يقال للمشهود له أن أثبت أن هذا الشاهد ليس بولدك بل هو ولد شخص آخر)(3).
6 - الطعن في الأدلة:
ورد في المادة ( 175 ) من نظام الإجراءات الجزائية أن: للمدعى العام ولسائر الخصوم في أي حالة كانت عليها الدعوى أن يطعنوا بالتزوير في أي دليل من أدلة القضية. وفي المادة ( 176 ) من النظام : يقدم الطعن إلى المحكمة المنظورة أمامها الدعوى ويجب أن يعين فيه الدليل المطعون فيه بالتزوير والمستند على هذا التزوير.
7 - العقوبة المترتبة على الطعن:
من اعتدى على معصوم وطعنه بسيف، أو سكين ونحو ذلك، يعاقب بحسب ما ينتج عن تلك الطعنة، فإن أدت إلى وفاة المطعون، أو قطع عضو من أعضائه، فالعقوبة القصاص بشروطه، من النفس أو العضو بحسب الحال ؛ وإن لم ينتج عن الطعن موت ولا قطع عضو، فيعاقب الجاني عن الحق العام بما يراه القاضي من عقوبة تعزيرية، بالإضافة إلى إلزامه بدفع أرش الجناية للمجني عليه ؛ هذا بالنسبة للطعن بالضرب. أما الطعن بالسب والتجريح وإظهار المثالب والمعايب، فإن كان بما يوجب حداً كالقذف مثلاً، ففيه الحد، وإن لم يكن موجباً للحد ففيه عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
30 يناير 2025
تعليقات (0)