المنشورات

ظلم

1 - التعريف:
الظُّلْمُ في اللغة: بالضم: وضْعُ الشيءِ في غير مَوْضِعِه، والمَصدَرُ الحقيقِيُّ: الظَّلْمُ، بالفتح، ظَلَمَ يَظْلِمُ ظَلْماً، بالفتح، فهو ظالِمٌ وظَلومٌ، وظَلَمَهُ حَقَّهُ، وتَظَلَّمَهُ إيَّاهُ. وتَظَلَّمَ: أحالَ الظُّلْمَ على نفسِه، وتَظَلَّمَ منه: شَكا من ظُلْمِه(1).
وفي الاصطلاح: هو التعدي عن الحق إلى الباطل، وهو الجور ؛ وقيل: هو التصرف في ملك الغير ومجاوزة الحد(2).
قال ابن الجوزي: ( والعرب تقول: هو أظلم من حية، لأنها تأتي الحفر الذي لم تحفره فتسكنه، ويقال: قد ظلم الماء الوادي: إذا وصل منه إلي مكان لم يكن يصل إليه فيما مضى )(3).
2 - تحريم الظلم: 

الظلم محرم بالكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: { )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً. )إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } [ النساء 168، 169 ]. وقوله تعالى: { وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) } [هود 113]. ومن السنة: حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا... } رواه مسلم(1). وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، وإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه } رواه البخاري(2). وأجمع الفقهاء على تحريم الظلم. وذكر ابن حجر أن ابن الجوزي قال: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حق ، ومبارزة الرب بالمخالفة ، والمعصية فيه أشد من غيرها، لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب; لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم، حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا(3).
4 - أنواع الظلم: 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وقد جاء عن غير واحد من السلف ؛ وروي مرفوعا: الظلم ثلاثة دواوين: فديوان لا يغفر الله منه شيئا، وديوان لا يترك الله منه شيئا، وديوان لا يعبأ الله به شيئا. فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا: فهو الشرك ; فإن الله لا يغفر أن يشرك به. وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا: فهو ظلم العباد بعضهم بعضا; فإن الله لا بد أن ينصف المظلوم من الظالم. وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا: فهو ظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ؛ أي: مغفرة هذا الضرب ممكنة بدون رضى الخلق ; فإن شاء عذب هذا الظالم لنفسه وإن شاء غفر له )(1).
5 - أنواع الظَلَمة:
أنواع الظلمة ثلاثة وهم:
1 - الظالم الأعظم : وهو الذي لا يدخل تحت شريعة الله ، وإياه عنى بقوله : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } { سورة لقمان الآية 13 } .
2 - الظالم الوسط: وهو الذي لا يلتزم حكم السلطان : أي فيما وضعه السلطان من أنظمة لتيسير الحياة ولا يتعارض مع أحكام الشرع.
3 - الظالم الصغير: وهو الذي يتعطل عن المكاسب والأعمال، فيأخذ منافع الناس، ولا يعطيهم منفعة، ومن خرج عن تعاطي العدل بالطبع وبالخلق والتخلق والتصنع والرياء والرغبة والرهبة، فقد انسلخ عن الإنسانية، ومتى كان أهل كل صقع على ذلك فتهارشوا وتغالبوا وأكل قويهم ضعيفهم، ولم يبق فيهم أثر قبول لمن يمنعهم ويصدهم عن الفساد فقد جرت عادة الله سبحانه في أمثالهم هلاكهم واستئصالهم عن آخرهم(2).
5 - معاقبة الظَالم : 

الظلم مرتع وخيم ، وظلمات يوم القيامة ، وقد توعد الله تعالى الظالمين باللعنة ، وبأشد أنواع العذاب قال تعالى: { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } [الأعراف 41]، وقال تعالى: { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [الأعراف 44] وقال تعالى: { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ } [ابراهيم آية 13]. هذا حالهم في الآخرة ، والعياذ بالله من الظلم وأهله ، أما في الدنيا فيجب على ولاة الأمر والقضاة الأخذ على يد الظلمة ومنعهم من الظلم ، وإنزال أقصى العقوبة على من تمادى في الظلم ، وتختلف عقوبة الظالم بحسب المظلمة. 














مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید