المنشورات
عِرض
1 - التعريف:
العِرْضُ في اللغة: الحسب ، قال ابن منظور: عِرْضُ الرجلِ حَسَبُه، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَتُه المحمودة ، وقيل ما يُمْدح به ويُذَمُّ. وفي الحديث: إِن أَعْراضَكم عليكم حَرام كَحُرْمةِ يومكم هذا. قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول فيه؛ قال حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس. يقال: أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي صُنْتُ عنه نَفْسي، وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَلَه أَو ساواه في الحسَب(1).
وفي الاصطلاح : العرض هو موضع المدح والذم في الإنسان، سواء كان متعلقا بالنفس أو الأهل أو النسب.
2 - حماية الشريعة للأعراض:
كفلت الشريعة الإسلامية المحافظة على الأنفس والأعراض والأموال، وشرعت لذلك الحدود والقصاص، واتفق الفقهاء على مشروعية الدفاع عن النفس والعرض والمال في حالة الصيال، لقوله تعالى: { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } [ البقرة 194 ] وقوله صلى الله عليه وسلم: { من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد } (1) وليس على المصول عليه ضمان ما يتلف من النفس أو المال في حالة الدفاع، إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى أخف من ذلك. واتفق الفقهاء على أن الدفاع عن العرض بمعنى البضع واجب، فيأثم الإنسان بتركه، قال الخطيب الشربيني : ( لأنه لا سبيل إلى إباحته، وسواء بضع أهله أو غيره، ومثل البضع مقدماته )(2).
وقال ابن قدامة: ( وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله، فلا قصاص عليه، ولا دية ; لما روي أن عمر رضي الله عنه بينما هو يتغدى يوما، إذ أقبل رجل يعدو، ومعه سيف مجرد ملطخ بالدم، فجاء حتى قعد مع عمر، فجعل يأكل، وأقبل جماعة من الناس، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته ؛ فقال عمر: ما يقول هؤلاء ؟ قال: ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف، فإن كان بينهما أحد فقد قتله ؛ فقال لهم عمر: ما يقول ؟، قالوا: ضرب بسيفه، فقطع فخذي امرأته، فأصاب وسط الرجل، فقطعه باثنين ؛ فقال عمر: إن عادوا فعد )(3).
3 - عقوبة الجاني على العرض ؟
قال ابن القيم: ( المسألة الثالثة: الجناية على العرض, فإن كان حراما في نفسه كالكذب عليه وقذفه وسب والديه فليس له أن يفعل به كما فعل به اتفاقا, وإن سبه في نفسه, أو سخر به, أو هزأ به, أو بال عليه, أو بصق عليه, أو دعا عليه فله أن يفعل به نظير ما فعل به متحريا للعدل, وكذلك إذا كسعه, أو صفعه فله أن يستوفي منه نظير ما فعل به سواء, وهذا أقرب إلى الكتاب والميزان وآثار الصحابة من التعزير المخالف للجناية جنسا ونوعا وقدرا وصفة, وقد دلت السنة الصحيحة الصريحة على ذلك , فلا عبرة بخلاف من خالفها , ففي صحيح البخاري: أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أرسلن زينب بنت جحش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه في شأن عائشة, فأتته فأغلظت, وقالت: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت ابن أبي قحافة, فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة, فسبتها, حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم , فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها, قالت: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: إنها بنت أبي بكر (1))(2).
قلت: العرض كما مر في تعريفه منه ما يتعلق بالنفس أو الأهل أو النسب، والجناية عليه تكون بحسب نوعها فإن كانت موجبة للحد، فيقام على الجاني الحد، وإن كانت موجبة للأرش أو التعزير، ففيها الأرش أو التعزير، وفي كل الأحوال لا بد من الرجوع إلى القاضي.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
30 يناير 2025
تعليقات (0)