المنشورات
عفو
1 - التعريف:
العَفْوَ في اللغة: له عدة معان، منها:الترك والتجاوز، جاء في لسان العرب:العَفْو هو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقاب عليه، يقال: عَفا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ. وعَفا عن ذَنْبهِ عَفْواً: صَفَح ، ومنه العفو عن الجاني ، ومنه قبول الدية(1).
وفي الاصطلاح: هو إسقاط الجزاء المترتب على الجريمة كله أو بعضه(2).
2 - حكم العفو:
يختلف حكم العفو باختلاف ما يتعلق به الحق، فإن كان الحق خالصا للعبد فإنه يستحب العفو عنه، وإن كان حقا لله سبحانه وتعالى كالحدود مثلا، فإنه لا يجوز العفو عنه بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وإن كان الحق لله تعالى في غير الحدود، فإنه يقبل العفو في الجملة للأسباب التي يعتبرها الشارع مؤدية إلى ذلك تفضلا منه ورحمة ورفعا للحرج(3).
3 - العفو عن القصاص في النفس:
ذهب الفقهاء إلى مشروعية العفو عن القصاص لقول الله تعالى: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } [البقرة 178] ; ولأن القياس يقتضيه إذ أن القصاص حق، فجاز لمستحقه تركه كسائر الحقوق، ونص بعض الفقهاء على ندب العفو واستحبابه لقوله تعالى: { فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ } [ المائدة 45 ]، وسيأتي مزيد من بيان ذلك في مصطلح : قصاص.
4 - عفو المجني عليه عما دون النفس:
يرى الفقهاء أن المجني عليه إذا قال للجاني: عفوت عن القطع أو الجراحة أو الشجة أو الضربة، أو قال: عفوت عن الجناية، فإن برئ من ذلك صح العفو ; لأن العفو وقع عن ثابت وهو الجراحة أو موجبها وهو الأرش فيصح العفو ولا قصاص ولا دية، كما لو أذن في إتلاف ماله فلا ضمان بإتلافه.
5 - العفو في الحدود:
اتفق الفقهاء على أن الحد الواجب لحق الله تعالى لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط إذا وصل إلى الحاكم وثبت بالبينة؛ واتفقوا على أن حد الزنا والسرقة من حقوق الله تعالى واختلفوا في حد القذف؛ فالشافعية والحنابلة يرون صحة العفو في حد القذف; لأن الغالب فيه حق العبد فيسقط بالعفو عنه، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أيعجز أحدكم أن يكون مثل أبي ضمضم كان إذا أصبح قال: تصدقت بعرضي } (1)، والتصدق بالعرض لا يكون إلا بالعفو عما يجب له ; ولأنه لا خلاف أنه لا يستوفى إلا بمطالبته فكان له العفو كالقصاص.
6 - العفو في التعزير:
قال الماوردي رحمه الله: ( والوجه الثاني: أن الحد وإن لم يجز العفو عنه ولا الشفاعة فيه فيجوز في التعزير العفو عنه وتسوغ الشفاعة فيه، فإن تفرد التعزير بحق السلطنة وحكم التقويم ولم يتعلق به حق لآدمي جاز لولي الأمر أن يراعي الأصلح في العفو أو التعزير وجاز أن يشفع فيه من سأل العفو عن الذنب ؛ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء } (2) ؛ ولو تعلق بالتعزير حق لآدمي كالتعزير في الشتم والمواثبة ففيه حق المشتوم والمضروب، وحق السلطنة للتقويم والتهذيب، فلا يجوز لولي الأمر أن يسقط بعفوه حق المشتوم والمضروب، وعليه أن يستوفي له حقه من تعزير الشاتم والضارب، فإن عفا المضروب والمشتوم كان ولي الأمر بعد عفوهما على خياره في فعل الأصلح من التعزير تقويما والصفح عنه عفوا، فإن تعافوا عن الشتم والضرب قبل الترافع إليه سقط التعزير الآدمي. واختلف في سقوط حق السلطنة عنه والتقويم على الوجهين. أحدهما: وهو قول أبي عبد الله الزبيري أنه يسقط، وليس لولي الأمر أن يعزر فيه; لأن حد القذف أغلظ ويسقط حكمه بالعفو فكان حكم التعزير بالسلطنة أسقط.
والوجه الثاني: هو الأظهر أن لولي الأمر أن يعزر فيه مع العفو قبل الترافع إليه كما يجوز أن يعزر فيه مع العفو بعد الترافع إليه مخالفة للعفو عن حد القذف في الموضعين لأن التقويم من حقوق المصلحة العامة)(1).
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
30 يناير 2025
تعليقات (0)