المنشورات
فساد
1 - التعريف:
الفسادُ في اللغة: نقيض الصلاح، فَسَدَ يَفْسُدُ ويَفْسِدُ وفَسُدَ فَساداً وفُسُوداً، فهو فاسدٌ وفَسِيدٌ فيهما. قال الجوهري: فَسَدَ الشيءُ يَفْسُدُ فَسادًا، فهو فاسدٌ، وقومٌ فَسْدَى ، كما قالوا: ساقطٌ وسَقْطَى ؛ وكذلك فَسُدَ الشيءُ بالضم، فهو فَسِيدٌ، ولا يقال انْفَسَدَ ؛ وَأَفْسَدْتُهُ أنا. والاسْتِفْسادُ: خلاف الاستصلاح. والمَفْسَدَةُ: خلاف المصلحة(1).
و في الاصطلاح: الفساد يطلق على معان منها: ارتكاب المعاصي. وأما الإفساد فهو التخريب.
قال ابن الجوزي: ( ويذكر الفساد في الدين كما يذكر في الذات ؛ فتارة بالعصيان، وتارة بالكفر، ويقال في الأقوال إنها فاسدة إذا كانت غير منتظمة، وفي الأفعال إذا لم يعتد بها )(2).
وقال الكفوي: ( الإفساد: هو جعل الشيء فاسداً خارجاً عما ينبغي أن يكون عليه وعن كونه منتفعا به. وفي الحقيقة هو إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح )(3).
2 - النهي عن الإفساد:
ورد النهي عن الإفساد في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، ومن ذلك قوله تعالى: { وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } [ الأعراف 56 ]، وقال تعالى مخبراً عن ما قاله نبيه هود عليه الصلاة والسلام لقومه: { وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [ هود 85 ]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وورد النهي عن الإفساد في السنة المطهرة، ومن ذلك ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتيت على راع فناده ثلاث مرات فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فناد صاحب البستان ثلاث مرات فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه(1).
3 - بم يكون الفساد ؟
يكون الفساد بارتكاب المعاصي وفعل المحرمات، والتطاول على الناس، وأكل أموالهم بالباطل، وتخريب ممتلكاتهم وإتلافها، وبسفك الدماء، وقطع الطرق وترويع الآمنين، ونحو ذلك من الجرائم.
قال القرطبي: ( قوله تعالى: والله لا يحب الفساد، قال العباس بن الفضل: الفساد هو الخراب ؛ وقال سعيد بن المسيب: قطع الدراهم من الفساد في الأرض؛ وقال عطاء: إن رجلا كان يقال له عطاء بن منبه أحرم في جبة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزعها؛ قال قتادة: قلت لعطاء إن كنا نسمع أن يشقها فقال عطاء إن الله لا يحب الفساد. قلت: والآية بعمومها تعم كل فساد كان في أرض أو مال أو دين، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. قيل: معنى لا يحب الفساد أي لا يحبه من أهل الصلاح، أو لا يحبه دينا؛ ويحتمل أن يكون المعنى لا يأمر به والله أعلم)(2).
4 - عقوبة المفسدين:
تختلف عقوبة المفسدين باختلاف المفسدة المرتكبة، فقد تصل عقوبة المفسد إلى القتل ؛ فالقاضي يقدر العقوبة التعزيرية بما يراه مناسباً للواقعة. قال ابن رجب - رحمه الله - : ( وقال الله عز وجل : { مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } (المائدة 32 ). يدل على أنه إنما يباح قتل النفس بشيئين: أحدهما بالنفس، والثاني بالفساد في الأرض؛ ويدخل في الفساد في الأرض الحرب، والردة، والزنا، فإن ذلك كله فساد في الأرض)(1).
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
30 يناير 2025
تعليقات (0)