المنشورات
قرينة
1 - التعريف:
القَرِينَةُ في اللغة: مأخوذة من الاقتران، وهو المصاحبة، وقارن الشيء بالشيء ربطه به وضمه إليه، وتجمع القرينة على: قرائن(1).
وفي اصطلاح الفقهاء: هي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئا فتدل عليه.
وعرفها الجرجاني: بأنها أمر يشير إلى المطلوب(2).
وعرفت بأنها: استنباط أمر مجهول من أمر معلوم بناء على الغالب من الأحوال(3).
2 - مشروعية الاستدلال بالقرائن:
ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية الاستدلال بالقرائن، مستدلين بالكتاب، والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: { وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } [يوسف 18]. قال ابن العربي رحمه الله: ( الآية الثالثة قوله تعالى: { وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف 18 ]. فيها ثلاث مسائل: المسألة الأولى: أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم، فروي في الإسرائيليات أن الله تعالى قرن بهذه العلامة علامة تعارضهما ; وهي سلامة القميص في التلبيب(1) ; والعلامات إذا تعارضت تعين الترجيح، فيقضى بجانب الرجحان ، وهي قوة التهمة لوجوه تضمنها القرآن، منها طلبهم إياه شفقة، ولم يكن من فعلهم ما يناسبها، فيشهد بصدقها، بل كان سبق ضدها، وهي تبرمهم به. ومنها أن الدم محتمل أن يكون في القميص موضوعا، ولا يمكن افتراس الذئب ليوسف، وهو لابس للقميص ويسلم القميص من تخريق وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات والعلامات وتعارضها)(2).
وقال الجصاص رحمه الله: ( قوله تعالى: { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً } يدل على أن يعقوب عليه السلام قطع بخيانتهم وظلمهم وإن يوسف لم يأكله الذئب لما استدل عليه من صحة القميص من غير تخريق، وهذا يدل على أن الحكم بما يظهر من العلامة في مثله في التكذيب أو التصديق جائز; لأنه عليه السلام قطع بأن الذئب لم يأكله بظهور علامة كذبهم )(3).
ومن السنة ما جاء في الصحيحين، من قصة ابني عفراء لما تداعيا قتل أبي جهل، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: { هل مسحتما سيفيكما } ؟ قالا: لا، قال: { فأرياني سيفيكما } . فلما نظر فيهما، قال لأحدهما: { هذا قتله وقضى له بسلبه } (1).
قال ابن القيم رحمه الله: ( وهذا من أحسن الأحكام، وأحقها بالاتباع، فالدم في النصل شاهد عجيب. وبالجملة: فالبينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ومن خصها بالشاهدين، أو الأربعة، أو الشاهد لم يوف مسماها حقه. ولم تأت البينة قط في القرآن مرادا بها الشاهدان وإنما أتت مرادا بها الحجة والدليل والبرهان، مفردة مجموعة )(2).
3 - قوة القرائن في الدلالة:
القرائن منها ما يقوى حتى يفيد القطع، ومنها ما يضعف، ويمثلون لحالة القطع بمشاهدة شخص خارج من دار خالية خائفا مدهوشا في يده سكين ملوثة بالدم، فلما وقع الدخول للدار رئي فيها شخص مذبوح في ذلك الوقت يتشخط في دمائه، فلا يشتبه هنا في كون ذلك الشخص هو القاتل، لوجود هذه القرينة القاطعة. وأما القرينة غير قطعية الدلالة ولكنها ظنية أغلبية، فمنها القرائن العرفية أو المستنبطة من وقائع الدعوى وتصرفات الخصوم، فهي دليل أولي مرجح لزعم أحد المتخاصمين مع يمينه متى اقتنع بها القاضي ولم يثبت خلافها. والمقصود أن الشريعة لا ترد حقا ولا تكذب دليلا ولا تبطل أمارة صحيحة )(3).
4 - القرائن المعتبرة في الحدود:
تختلف القرائن المعتبرة في الحدود - عند من يقول بها - من حد لآخر.
فالقرينة المعتبرة في الزنى: هي ظهور الحمل في امرأة غير متزوجة، أو لا يعرف لها زوج ؛ والقرينة في شرب المسكر: الرائحة، والقيء، والسكر، ووجود الخمر عند المتهم ؛ وفي السرقة وجود المال المسروق عند المتهم، ووجود أثر للمتهم في موضع السرقة وغير ذلك.
5 - القرائن الحديثة:
من القرائن الحديثة: البصمات ، والتحاليل المخبرية ، وتشريح الجثث، والصور الفوتوغرافية ، وتسجيل الأصوات.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
1 فبراير 2025
تعليقات (0)