المنشورات

لواط

1 - التعريف:
اللواط في اللغة: مصدر لاط، يقال: لاط الرجل لواطاً ولاوَطَ، أي عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط(1).
وفي اصطلاح الفقهاء: هو إيلاج الحشفة أو قدرها في دبر ذكر ولو عبده أو أنثى غير زوجته وأمته(2). وعُرِّف بأنه: كلمة تطلق على الشذوذ الجنسي، وذلك بالعملية الجنسية بين ذكرين، أي إتيان الذكر في دبره، كما تؤتى المرأة في فرجها(3).
2 - حكم اللواط:
اللواط محرم بالكتاب والسنة، والإجماع. قال تعالى: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ } [الأعراف 80]. وقال تعالى: { )أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } [ الشعراء 165-166]. وروى الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط )(4) . ونقل ابن قدامة الإجماع على تحريم اللواط، فقال: ( أجمع أهل العلم على تحريم اللواط )(5).
3 - أول من ارتكب جريمة اللواط:
قال الإمام البغوي رحمه الله: (... وقال الكلبي إن أول من عمل، عمل قوم لوط إبليس، لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان، فتمثل لهم إبليس في صورة شاب ثم دعا إلى دبره فنكح في دبره، فأمر الله تعالى السماء أن تحصبهم والأرض أن تخسف بهم )(6). 

وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: ( ولوط بن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام، وكان قد آمن مع إبراهيم، عليه السلام، وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله تعالى إلى أهل سدوم وما حولها من القرى، يدعوهم إلى الله عز وجل، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم، وهو إتيان الذكور دون الإناث، وهذا شيء لم يكن بنوا آدم تعهده ولا تألفه ولا يخطر ببالهم حتى صنع ذلك أهل سدوم عليهم لعائن الله )(1).
4 - أضرار اللواط ومفاسده:
قال الرحيباني - رحمه الله -: ( إن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد , ولأن يقتل المفعول به خير له من أن يؤتى فإنه يفسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا , ويذهب خيره كله , وتمتص الأرض ماوية الحياء من وجهه , فلا يستحي بعد ذلك من الله تعالى ولا من خلقه, وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن , وهو جدير أن لا يوفق لخير, وأن يحال بينه وبينه, وكلما عمل خيرا قيض له ما يفسده عقوبة له ; وقل أن ترى من كان كذلك في صغره إلا وهو في كبره شر مما كان , ولا يوفق لعلم نافع , ولا عمل صالح , ولا توبة نصوح غالبا. إذا تقرر هذا, فمفسدة اللواط من أعظم المفاسد , وعقوباته من أعظم العقوبات في الدنيا والآخرة )(2).
قلت: اللواط له أضرار شنيعة على الفرد والمجتمع لا تخفى على كل عاقل سليم الفطرة ، نذكرها باختصار:
1- اللواط معصية لله تعالى ، ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
2- اللوطي ينصرف عن الرغبة في النساء، ولا يستطيع مباشرتهن، فتتعطل بذلك أهم وظائف الزواج وهي النسل.
3 - اللواط يسبب كثيرا من الأمراض ، العصبية والنفسية. ( راجع مصطلح: زنا )
5 - بم يثبت اللواط ؟ 

يثبت اللواط بما يثبت به الزنا. ( راجع مصطلح: زنا )
6 - عقوبة اللواط:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في عقوبة اللوطي، وقد أورد ابن حزم رحمه الله أقوال العلماء في ذلك مختصرة، ثم بسط القول في ذلك، وذكر أدلة كل قول ومناقشته، ونورد هنا ما ذكره مختصرا حيث قال: ( فعل قوم لوط من كبائر الفواحش المحرمة: كلحم الخنزير، والميتة، والدم، والخمر، والزنى، وسائر المعاصي، من أحله أو أحل شيئا مما ذكرنا فهو كافر، مشرك حلال الدم والمال؛ وإنما اختلف الناس في الواجب عليه: فقالت طائفة: يحرق بالنار الأعلى والأسفل. وقالت طائفة: يحمل الأعلى والأسفل إلى أعلى جبل بقرية - فيصب منه، ويتبع بالحجارة. وقالت طائفة: يرجم الأعلى والأسفل - سواء أحصنا أو لم يحصنا. وقالت طائفة: يقتلان جميعا. وقالت طائفة: أما الأسفل فيرجم - أحصن أم لم يحصن- وأما الأعلى فإن أحصن رجم، وإن لم يحصن جُلد جلد الزنى. وقالت طائفة: الأعلى والأسفل كلاهما سواء - أيهما أحصن رجم ، وأيهما لم يحصن جلد مائة، كالزنى. وقالت طائفة: لا حد عليهما ولا قتل ، لكن يعزران )(1).
وقال النفراوي: ( ومعلوم أن اللواط هو تغييب الحشفة في دبر الذكر وحده الرجم مطلقا ، وأما في دبر الأنثى غير زوجته فهو من قبيل الزنا إلا أن يكون محصنا فيرجم ، وأما في دبر زوجته فيؤدب )(2). 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وأما اللواط فمن العلماء من يقول: حده كحد الزنا، وقد قيل دون ذلك. والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة: أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل ؛ سواء كانا محصنين أو غير محصنين ؛ فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به } (1) وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في البكر يوجد على اللوطية، قال: يرجم(2) ؛ ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو ذلك؛ ولم تختلف الصحابة في قتله، ولكن تنوعوا فيه، فروي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه ، وعن غيره قتله، وعن بعضهم: أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا ؛ وعن بعضهم: أنه يرفع على أعلى جدار في القرية، ويرمى منه، ويتبع بالحجارة، كما فعل الله بقوم لوط وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم ؛ وعلى هذا أكثر السلف، قالوا: لأن الله رجم قوم لوط، وشرع رجم الزاني تشبيها برجم قوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حُرَّين أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكا والآخر حرا، إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ)(3).
ونقل ابن قدامة روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله ، فقال: ( واختلفت الرواية عن أحمد ، رحمه الله، في حده ; فروي عنه ، أن حده الرجم ، بكرا كان أو ثيبا ؛ وهذا قول علي، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري ، وأبي حبيب ، وربيعة ، ومالك، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي. 

والرواية الثانية: أن حده حد الزاني. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبو ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي )(1).
والمذهب عند الحنابلة - كما نقله المرداوي في الإنصاف - أن اللوطي كالزاني، قال: ( قوله وحد اللوطي، يعني الفاعل والمفعول به؛ قاله في الفروع، والمذهب، كحد الزاني سواء، هذا المذهب، جزم به في العمدة، والوجيز، والمنور، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم, وقدمه في الهداية, والمذهب، والمستوعب، والخلاصة، والهادي, والكافي، والبلغة ، والمحرر، والنظم، والرعايتين، والحاوي الصغير، وغيرهم )(2).
وهذا هو المعمول به اليوم في غالب محاكم المملكة، أي معاملة اللوطي مثل الزاني من حيث العقوبة والإحصان ؛ وبعض القضاة يفرقون بين الزنا واللواط من حيث العقوبة ، فيرون عقوبة اللوطي أشد.
وفي الحقيقة إن جريمة اللواط أشنع من جريمة الزنا، فاللواط فيه شذوذ ومخالفة للفطرة، حتى إن البهائم تأنفه ، ولا تعمله، وجرائم اللواط مفسدة للدين والدنيا، وقد عاقب الله سبحانه وتعالى عليها بأقسى عقوبة فخسف الأرض بقوم لوط وقلب عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود ؛ فالذي أراه أن تكون عقوبة اللواط عند ثبوته القتل، وذلك عملا بما اتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وقد أحسن الإمام الشوكاني رحمه الله، حين قال: ( وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم ؛ وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم )(3). 













مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية

المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي

الطبعة: الثانية 1427

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید