المنشورات
هرب
1 - التعريف:
الهَرَبُ في اللغة: الفِرارُ، يقال هَرَبَ يَهْرُبُ هَرَباً: أي فَرَّ، ويَكونُ ذلك للإِنسان، وغيره من أَنواع الحيوان. وفي المصباح المنير: هَرَبَ يَهْرُبُ هَرَبًا وَهُرُوبًا، فَرَّ، والموضع الذي يهرب إليه مَهْرَبٌ ؛ ويتعدى بالتثقيل فيقال هَرَّبْتُهُ(1).
والهرب في الاصطلاح : الفرار.
2 - ملاحقة المجرمين الهاربين والقبض عليهم:
دلت نصوص الشريعة على مشروعية ملاحقة المجرمين الهاربين والقبض عليهم من أجل معاقبتهم على ما ارتكبوا من جرم، ومن ذلك قصة العرنيين، الثابتة في الصحيحين عن أنس بن مالك: أن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، المدينة، فاجتووها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها } ، ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في إثرهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا(2).
جاء في المدونة: ( قلت: أرأيت لو أن رجلا قتل وهرب , فأراد ولاة الدم أن يقيموا البينة عليه وهو غائب , أيمكنون من ذلك في قول مالك؟ قال: نعم في رأيي; لأن مالكاً يرى أن يقضى على الغائب وإن توقع البينة عليه فإذا قدم قيل له: ادفع عن نفسك إن كان عندك ما تدفع به ولا تعاد البينة عليه )(3). (للزيادة راجع مصطلح: قبض ).
وفي المادة (41) من نظام الإجراءات الجزائية ورد النص على جواز دخول المساكن عند دخول المعتدي لها أثناء مطاردته للقبض عليه. كما بينت المواد (107، 113، 120) من النظام جواز توقيف المتهم إذا خيف هروبه.
3 - من أقر بحد من الحدود ثم هرب:
اتفق الفقهاء على أن من ثبت عليه الحد بالبينة فلا مجال لرجوعه سواء بالهرب أو بغيره ؛ أما من أقر بالحد ثم هرب بعد إقراره سواء كان الهرب قبل التنفيذ أو أثناءه فجمهور الفقهاء يعتبرون هربه رجوعاً عن الإقرار ويسقط به الحد. قال السرخسي رحمه الله : ( وإن أقر الرجل بالسرقة ثم هرب لم يطلب , وإن كان في فوره ذلك ; لأن هربه دليل رجوعه , ولو رجع عن الإقرار لم يقطع, فكذلك إذا هرب والأصل فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لماعز حين أخبر بالهرب فقال: { هلا خليتم سبيله } ، ولكنه إذا أتي به بعد ذلك كان ضامناً للمال , كما لو رجع عن إقراره فإنه يسقط القطع به دون الضمان)(1).
وقال ابن السبكي رحمه الله، معلقاً على كلام السرخسي السابق: ( هذا الكلام من السرخسي يقتضي أنه بالهرب يسقط القطع وفيه نظر ونحن نوافقه على أنه لا يطلب ولا يتبع كالزاني وهذا الحكم خطر لي تفقهاً ولم أجده منقولاً في كتب الأصحاب إلى الآن , وإنما رأيته في كلام السرخسي هذا , وهو قياس الزنا , وكون حد السرقة يسقط بالرجوع كحد الزنا )(2).
وقال ابن مفلح رحمه الله: ( وإن رجع من أقر بحد زنا أو سرقة أو شرب قبله أو في بعضه أو هرب , في المنصوص فيه , سقط , فإن تمم ضُمن الراجع فقط بالمال , ولا قود )(3).
وقال المرداوي: ( وإن كان بإقرار: ترك. يعني: إذا رجم بإقرار فهرب. وهذا المذهب نص عليه. وعليه جماهير الأصحاب , وقطع به كثير منهم , وقدمه في الرعايتين , والفروع , وغيرهم. وقيل: لا يترك. فلا يسقط عنه الحد بالهرب. فعلى المذهب: لو تمم الحد بعد الهرب: لم يضمنه على الصحيح من المذهب, نص عليه. وقطع به في المغني, والشرح , والنظم, والرعاية, وشرح ابن رزين. وقيل: يضمن)(4).
4 - كيفية التعامل مع السجين إذا حاول الهرب:
إذا أراد المسجون الهرب وهجم على حارسه ليؤذيه فإنه يعامله كالصائل وقد ذكر الفقهاء أن الصائل يوعظ ويزجر ويخوف ويناشد بالله لعله يكف عن الأذى والعدوان. فإن لم ينكف وأراد نفس الحارس أو ماله فيدفعه بأسهل ما يعلم دفعه به كالضرب ونحوه. فإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك ولا شيء عليه , غير أنه لا يجوز للمصول عليه جرح الصائل إن قدر على الهرب منه بلا مشقة تلحقه ارتكابا لأخف الضررين(1).
وفي المادة (127) من نظام السجن ورد النص التالي: يجوز للمختصين بداخل السجون ودور التوقيف ولرجال الحفظ المكلفين بحراسة المسجونين أو الموقوفين أن يستعملوا أسلحتهم النارية ضد المسجونين والموقوفين في الأحوال الآتية:
1 - صد هجوم أو مقاومة مصحوبة باستعمال القوة إذا لم يكن في مقدورهم صدها بوسائل أخرى.
2 - منع الفرار إذا لم يمكن منعه بوسائل أخرى.
ويجوز إطلاق النار أولاً في الفضاء، فإذا لم يجد ذلك جاز للأشخاص المكلفين بالحراسة إطلاق النار في اتجاه ساقي المسجون أو الموقوف أو يديه بما يوقف هجومه أو مقاومته أو محاولته الفرار.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة بالأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية
المؤلف: سعود بن عبد العالي البارودي العتيبي
الطبعة: الثانية 1427
1 فبراير 2025
تعليقات (0)