المنشورات

باري تعالى

- إنّ الباري، جلّ جلاله، مدبّر جميع العالم، لا يعزب عنه مثقال حبة من خردل، ولا يفوت عنايته شيء من أجزاء العالم (ف، ج، 103، 18) - لمّا كان الباري، جلّ جلاله، بإنيّته وذاته، مباينا لجميع ما سواه، وذلك لأنه بمعنى أشرف وأفضل وأعلى، بحيث لا يناسبه في إنيّته ولا يشاكله ولا يشابهه حقيقة ولا مجازا، ثم مع ذلك لم يكن بدّ من وصفه وإطلاق لفظ فيه من هذه الألفاظ المتواطئة عليه، فإن من الواجب الضروري أن يعلم أن مع كل لفظة نقولها في شيء من أوصافه، معنى بذاته بعيد من المعنى الذي نتصوّره من تلك اللفظة. وذلك كما قلنا بمعنى أشرف وأعلى، حتى إذا قلنا أنه موجود، علمنا مع ذلك أن وجوده لا كوجود سائر ما هو دونه. وإذا قلنا أنه حيّ، علمنا أنه حيّ بمعنى أشرف مما نعلمه من الحي الذي هو دونه.
و كذلك الأمر في سائرها (ف، ج، 106، 5) - كون الباري عاقلا ومعقولا لا يوجب أن يكون هناك اثنينية في الذات ولا في الاعتبار، فالذات واحدة والاعتبار واحد لكن في الاعتبار تقديم وتأخير في ترتيب المعاني (ف، ت، 12، 12) - إنّ الإنسان وحده بعد كل كثرة، كما أنّ الباري جلّ ثناؤه وحده قبل كل كثرة (ص، ر 3، 20، 20) - إنّ الباري تعالى علّة كل موجود ومبدعه ومتّقنه ومتمّمه ومكمّله على النظام والترتيب الأشرف فالأشرف، وترتيب الموجودات عنه كترتيب العدد عن الواحد الذي قبل الاثنين (ص، ر 3، 187، 6) - النفس الكلّية التي هي نفس العالم مؤيّدة للنفوس البسيطة، والعقل الكلّي مؤيّد للنفس الكلّية، والباري- جلّ ثناؤه- مؤيّد للعقل الكلّي فهو مبدعها كلّها ومدبّر لها من غير ممازجة لها ولا مباشرة (ص، ر 3، 215، 12) - من أخصّ أوصاف الباري أنّه غير الوجود وأصل الموجودات وعلّتها، كما أنّ الواحد أصل العدد ومبدؤه ومنشؤه، فلو كان الباري تعالى ضدّا لكان العدم ولكن العدم ليس بشي ء، والباري تعالى في كل شيء ومع كل شيء من غير مخالطة لها ولا ممازجة معها، كما أنّ الواحد في كل عدد ومعدود، فإذا ارتفع الواحد من كل الموجود توهّمنا ارتفاع العدد كله، وإذا ارتفع العدد فلم يرتفع الواحد، كذلك لو لم يكن الباري لم يكن شيء موجودا أصلا (ص، ر 3، 328، 9) - إنّ الأركان الأربعة متقدّمة الوجود على مولّداتها بالأيام والشهور والسنين، كما أنّ الأفلاك متقدّمة الوجود على الأركان بالأزمان والأدوار والقرانات، وعالم الأرواح متقدّم الوجود على عالم الأفلاك بالدهور الطوال التي لا نهاية لها. والباري تعالى متقدّم الوجود على الكل، كتقدّم الواحد على جميع العدد (ص، ر 3، 332، 4) - إن قيل ما معنى الباري (تعالى)؟ فيقال علّة كل شيء وسبب كل موجود ومبدع المبدعات ومخترع الكائنات ومتّقنها ومتمّمها ومكمّلها ومبلغها إلى أقصى مدى غاياتها ومنتهى نهاياتها بحسب ما يتأتى في كل واحد منها (ص، ر 3، 360، 19) - (خالق)، (و فاعل)، (و بارئ)، وسائر صفات الفعل، فمعناه أن وجوده (اللّه) وجود شريف، يفيض عنه وجود الكل فيضانا لازما، وأنّ وجود غيره حاصل منه وتابع لوجوده، كما يتبع النور الشمس والإسخان النار، ولا تشبه نسبة العالم إليه نسبة النور إلى الشمس إلّا في كونه معلولا فقط وإلّا فليس هو كذلك، فإنّ الشمس لا تشعر بفيضان النور عنها، ولا النار بفيضان الإسخان، فهو طبع محض؛ بل الأول عالم بذاته وأنّ ذاته مبدأ لوجود غيره، ففيضان ما يفيض عنه معلوم له فليس به غفلة عمّا يصدر عنه (غ، ت، 107، 20) - الباري تعالى ربّ العقل والنفس والنطق جميعا؛ فالعقل أثر من كلامه، والنفس سرّ من أمره، والنطق صفة شريفة مخلوقة. وهو منزّه عن هذه الأوصاف والصفات، تعالى اللّه عمّا يقول الظالمون علوا كبيرا (غ، ع، 46، 5) - الباري سبحانه ليس شأنه أن يكون في زمان، والعالم شأنه أن يكون في زمان. فليس يصدق عند مقايسة القديم إلى العالم أنه إما أن يكون معا، وإما أن يكون متقدّما عليه بالزمان أو بالسببية، لأن القديم ليس مما شأنه أن يكون في زمان، والعالم شأنه أن يكون في زمان (ش، ته، 58، 23) - يعتقدون (الفلاسفة) أن الباري سبحانه منفصل عن العالم، فليس هو عندهم من هذا الجنس ولا هو أيضا فاعل بمعنى الفاعل الذي في الشاهد لا ذو الاختيار ولا غير ذي الاختيار، بل هو فاعل هذه الأسباب مخرج الكل من العدم إلى الوجود وحافظه على وجه أتم وأشرف مما هو في الفاعلات المشاهدة ...
و ذلك أنهم يرون أن فعله صادر عن علم ومن غير ضرورة داعية إليه لا من ذاته ولا لشيء من خارج، بل لمكان فضله وجوده، وهو ضرورة مريد مختار في أعلى مراتب المريدين المختارين، إذ لا يلحقه النقص الذي يلحق المريد في الشاهد (ش، ته، 99، 28) - أما المتكلّمون فإنهم يضعون حياة للباري سبحانه من غير حاسة، وينفون عنه الحركة بإطلاق (ش، ته، 240، 8) - الباري سبحانه محال أن تكون عنده شهوة لمكان شيء ينقصه في ذاته حتى تكون سببا للحركة والفعل، أما في نفسه وأما في غيره (ش، ته، 240، 14) - يقولون (الفلاسفة) في الباري سبحانه: إن الأخص به ثلاث صفات: وهو كونه عالما، فاضلا، قادرا، ويقولون: إن مشيئته جارية في الموجودات بحسب علمه، وإن قدرته لا تنقص عن مشيئته كما تنقص في البشر (ش، ته، 240، 23) - الإرادة في الحيوان والإنسان انفعال لاحق لهما عن المراد، فهي معلولة عنه. هذا هو المفهوم من إرادة الإنسان والباري سبحانه منزّه عن أن يكون فيه صفة معلولة، فلا يفهم من معنى الإرادة إلا صدور الفعل مقترنا بالعلم (ش، ته، 247، 12) - للموجود إذا وجودان: وجود أشرف ووجود أخسّ، والوجود الأشرف هو علة الأخسّ، وهذا هو معنى قول القدماء أن الباري سبحانه هو الموجودات كلها، وهو المنعم بها، والفاعل لها. ولذلك قال رؤساء الصوفية: لا هو إلا هو (ش، ته، 260، 26) - علمه (الباري تعالى) هو الفاعل للموجودات لا الموجودات فاعلة لعلمه (ش، ته، 263، 23) 

- الباري وهو أزلي فاعل للعالم بعد أن لم يفعل، فإنه يلزم ضرورة أن يكون فاعلا بالقوة قبل أن يفعل (ش، ما، 110، 22) 














مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید