- من التصديق ما لا يمكن إدراكه ما لم تدرك قبله أشياء أخر- كما أنّا نريد أن نعلم أن العالم محدث، فيحتاج أولا أن يحصل لنا التصديق بأن العالم مؤلّف، وكل مؤلّف محدث، ثم نعلم أن العالم محدث، ولا محالة ينتهي هذا التصديق إلى تصديق لا يتقدّمه تصديق يقع به التصديق (ف، ع، 3، 2) - إيقاع التصديق يكون بأحد طريقين: إما بطريق البرهان اليقيني، وإما بطريق الإقناع. ومتى حصل علم الموجودات أو تعلّمت فإن عقلت معانيها أنفسها وأوقع التصديق بها على البراهين اليقينية كان العلم المشتمل على تلك المعلومات فلسفة. ومتى علمت بأن تخيّلت بمثالاتها التي تحاكيها وحصل التصديق بما خيّل منها عن الطرق الإقناعية كان المشتمل على تلك المعلومات تسمّيه القدماء ملكة. وإذا أخذت تلك المعلومات أنفسها واستعمل فيها الطرق الإقناعية سمّيت الملكة المشتملة عليها الفلسفة الذائعة المشهورة والبترائية (ف، س، 40، 6) - التصديق يكون فيه الحكم بإثبات المعنى للمعنى أو نفيه عنه مع الحكم بموافقة الوجود له في الإثبات والنفي، والصدق هو الحكم بذاك مع موافقة الوجود (بغ، م 1، 395، 23) - طباع الناس متفاضلة في التصديق: فمنهم من يصدّق بالبرهان، ومنهم من يصدّق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان، إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك، ومنهم من يصدّق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية (ش، ف، 34، 15) - إن التصديق بالشيء من قبل الدليل القائم في النفس هو شيء اضطراري لا اختياري، أعني أنه ليس لنا أن نصدّق أو لا نصدّق، كما لنا أن نقوم أو لا نقوم (ش، ف، 43، 10) - التصديق بوجود ما ليس بمتخيّل غير ممكن عندهم (الجمهور) (ش، م، 190، 10) - القوة التي من شأنها أن تدرك المعنى مجرّدا عن الهيولى هي ضرورة قوة أخرى غير القوة التي تقدمت. وبيّن أن فعل هذه القوة ليس هو أن تدرك المعنى مجرّدا من الهيولى فقط، بل وأن تركّب بعضها إلى بعض وتحكم لبعض على بعض. والفعل الأول من أفعال هذه القوة يسمّى تصورا والثاني تصديقا (ش، ن، 84، 7) - إنّ العلم بأنّ الأمر لا يخلو عن النفي والإثبات علم أوّلي بديهي والتصديق مسبوق بالتصوّر.
فهذا العلم مسبوق بتصوّر الوجود والعدم (ر، م، 11، 8) - كل إدراك فلا يخلو: إمّا أن يكون المدرك للمدرك حاصلا بحيث لا يكون منسوبا إلى شيء آخر بأنّه هو أو ليس هو، أو بأنّه ذو هو أو ليس ذو هو، وإمّا أن تتحقّق فيه هذه النسبة.
فالأول هو التصوّر والثاني هو التصديق (ر، م، 368، 17) - الصدق هو أن يكون حكمك بتلك النسبة (بين المدرك والمدرك) مطابقا لما في الوجود، والتصديق هو الموافقة على هذه المطابقة وهو قبول ذهن السامع لذلك. والكذب مخالفة الحكم للوجود، والتكذيب هو الموافقة على تلك المخالفة (ر، م، 369، 1) - إنّ كل تصديق فلا بدّ فيه من التصوّر ولا ينعكس (ر، م، 369، 3) - إذا أدركنا حقيقة فإمّا أن نعتبرها من حيث هي هي من غير حكم عليها لا بالنفي ولا بالإثبات وهو التصوّر، أو نحكم عليها بنفي أو إثبات وهو التصديق (ر، مح، 25، 6) - أمّا التّصديق، فعبارة عن حكم العقل بنسبة بين مفردين، إيجابا أو سلبا، على وجه يكون معبّرا، كالحكم بحدوث العالم ووجود الصّانع، ونحوه (سي، م، 47، 5) - كان العلم إمّا تصوّرا للماهيّات ويعنى به إدراك ساذج من غير حكم معه، وإمّا تصديقا أي حكما بثبوت أمر لأمر (خ، م، 388، 10) - الإدراك تمثيل حقيقة الشيء وحده من غير حكم عليه بنفي أو إثبات سمّي تصوّرا ومع الحكم بأحدهما يسمّى تصديقا (جر، ت، 13، 18)
مصادر و المراجع :
١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب
المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
الطبعة: الأولى/ 1998 م
تعليقات (0)