- التقدّم والتأخّر أيضا من الأعراض الذاتية للوجود (غ، م، 187، 16) - التقدّم ينقسم إلى خمسة أقسام: الأول: وهو الأظهر، التقدّم بالزمان، وكأنّ اسم قبل له حقيقيّ في اللغة. والثاني: التقدّم بالمرتبة: إمّا بالوضع كقولك: بغداد قبل الكوفة، إذا قصدت مكّة من خراسان ... وإمّا بالطبع كقولك:
الحيوانية قبل الإنسانية، والجسمية قبل الحيوانية إذا ابتدأنا من جهة الأعم ...
و الثالث: التقدّم بالشرف كقولنا: أبو بكر ثم عمر رضي اللّه عنهما؛ فإنّ أبا بكر قبل سائر الصحابة رضوان اللّه تعالى عليهم، بالشرف والفضل. والرابع: التقدّم بالطبع، وهو الذي لا يرتفع بارتفاع المتقدّم عليه ويرتفع المتقدّم عليه بارتفاعه، فإنّك تقول: الواحد قبل الاثنين فإنّه لو قدّر عدم الواحد في العالم، لزم عدم الاثنين؛ إذ كل اثنين فهو واحد وواحد، وإن قدر عدم الاثنين لم يلزم عدم الواحد ...
و الخامس: التقدّم بالذات، وهو الذي وجوده مع غيره، ولكن وجود ذلك الغير به، وليس وجوده بذلك الغير (غ، م، 187، 20) - من التقدّم ما هو زمانيّ، ومن التقدّم ما هو مكانيّ أو وضعيّ- كما في الأجرام- أو شرفيّ بحسب صفات الأشرف (سه، ر، 63، 6) - إن التقدّم الذي يوجد في الأعداد وفي السطوح هو التقدّم الذي يوجد في الجنس الواحد وليس تقدّم الجوهر على سائر المقولات تقدّم الأشياء التي في جنس واحد، وإنما هو من جنس تقدّم الشيء على الأشياء التي تنسب إليه (ش، ت، 1411، 9) - تقدّم أحد الموجودين على الآخر، أعني الذي ليس يلحقه الزمان، ليس تقدّما زمانيا، ولا تقدّم العلة على المعلول اللذين هما من طبيعة الموجود المتحرّك، مثل تقدّم الشخص على ظله. ولذلك كل من شبّه تقدم الموجود الغير متحرّك على المتحرّك بتقدّم الموجودين المتحرّكين أحدهما على الثاني، فقد أخطأ.
و ذلك أن كل موجودين من هذا الجنس، هو الذي إذا اعتبر أحدهما بالثاني، صدق عليه أنه: إما أن يكون معا، وإما متقدّما عليه بالزمان، أو متأخّرا عنه. والذي سلك هذا المسلك من الفلاسفة هم المتأخّرون من أهل الإسلام، لقلة تحصيلهم لمذهب القدماء. فإذن تقدّم أحد الموجودين على الآخر هو تقدّم الوجود الذي هو ليس بمتغيّر، ولا في زمان، على الوجود المتغيّر الذي في الزمان، وهو نوع آخر من التقدّم. وإذا كان ذلك كذلك، فلا يصدق على الوجودين لا أنهما معا، ولا أن أحدهما متقدّم على الآخر (ش، ته، 59، 18) - حصروا (الفلاسفة) التقدّم في أقسام خمسة:- الأوّل، التقدّم بالعلّية. وهو تقدّم العلّة التامّة على معلولها، كتقدّم النار على السخونة. فإنّ السخونة، وإن لم تنفكّ عن النار أبدا، بل يمتنع انفكاكها عنها، لكن بينهما معنى يصحّ عند العقل أن يقال: وجدت النار فوجدت السخونة. ويمنع أن يقال: وجدت السخونة فوجدت النار. فذلك المعنى هو التقدّم العلّي.
- الثاني: التقدّم بالطبع. وهو كون الشيء بحيث يحتاج إليه الآخر. لكن لا يكفي في وجوده، سواء كان داخلا في ماهيّته كتقدّم الواحد على الاثنين، أو لا، كتقدّم سائر العلل الناقصة الخارجة.- الثالث: التقدّم بالزمان.
كتقدّم نوح على محمد عليهما السلام، فإنّ نوحا كان في زمان سابق على محمد.-
الرابع: التقدّم بالشرف. كتقدّم العالم على الجاهل.- الخامس: التقدّم بالرتبة: بأن يكون شيء أقرب إلى مبدأ معيّن من آخر، سواء كان ذلك بحسب العقل- كترتّب الأجناس والأنواع في الصعود والنزول، فإنّ لكل منها مرتبة في العموم والخصوص، لا يمكن عند العقل أن يتغيّر منها إلى مرتبة أخرى.- أو بحسب الوضع، كترتّب الإمام والمأموم، فإنّه يمكن أن ينتقل كل منهما إلى مكان آخر (ط، ت، 96، 6) - التقدّم والمعيّة وصفان إضافيان اعتباريّان (ط، ت، 142، 9)
مصادر و المراجع :
١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب
المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
الطبعة: الأولى/ 1998 م
تعليقات (0)