المنشورات

حافظة

- إنّ وراء المشاعر الظاهرة شركا وحبائل لاصطياد ما يقنصه الحس من الصورة. ومن ذلك قوة تسمّى مصوّرة وقد رتّبت في مقدم الدماغ وهي التي تستثبت صور المحسوسات بعد زوالها عن مسامتة الحواس وملاقاتها فتزول عن الحس وتبقى فيها. وقوة تسمّى وهما وهي التي تدرك من المحسوس ما لا يحس مثل القوة في الشاة إذا تشبّح صورة الذئب في حاسة الشاة فتشبّحت عداوته ورداءته فيها إذ كانت الحاسّة لا تدرك ذلك. وقوة تسمّى حافظة وهي خزانة ما يدركه الوهم كما أن المصورة خزانة ما يدركه الحس. وقوة تسمّى مفكّرة وهي التي تتسلّط على الودائع في خزانتي المصوّرة والحافظة فيخلط بعضها ببعض ويفصل بعضها عن البعض. وإنما تسمّى مفكّرة إذا استعملها روح الإنسان والعقل فإن استعملها الوهم سمّيت متخيّلة (ف، ف، 12، 8) - أما القوى المدركة في الباطن فمنها القوة التي ينبعث منها قوى الحواسّ الظاهرة وتجتمع بتأديتها إليها وتسمّى الحسّ المشترك ...
و هذا الحسّ المشترك تقرن به قوة تحفظ ما تؤدّيه الحواسّ إليه من صور المحسوسات، حتى إذا غابت عن الحسّ بقيت فيه بعد غيبها.
و هذا يسمّى الخيال والمصوّرة وعضوهما مقدّم الدماغ. وهاهنا قوة أخرى في الباطن تدرك في الأمور المحسوسة ما لا يدركه الحسّ، مثل القوة في الشاة التي تدرك من الذئب ما لا يدركه الحسّ ولا يؤدّيه الحسّ- فإنّ الحسّ لا يؤدّي إلّا الشكل واللون؛ فأمّا أنّ هذا ضارّ أو عدوّ ومنفور عنه فتدركه قوة أخرى وتسمّى وهما. وكما أنّ للحسّ خزانة هي المصوّرة، كذلك للوهم خزانة تسمّى الحافظة والمتذكّرة. 

و عضو هذه الخزانة مؤخّر الدماغ (س، ع، 38، 20) - جرت العادة بأن يسمّى مدرك الحسّ صورة ومدرك الوهم معنى، ولكل واحد منهما خزانة. فخزانة مدرك الحسّ هي القوة الخيالية، وموضعها مقدّم الدماغ، فلذلك إذا حدثت هناك آفة فسد هذا الباب من التصوّر، إما بأن تتخيّل صورا ليست أو يصعب استثبات الموجود فيها. وخزانة مدرك الوهم هي القوة التي تسمّى الحافظة، ومعدنها مؤخّر الدماغ (س، شن، 149، 1) - كما أنّ للحسّ المشترك خزانة هي المصوّرة فكذلك للوهم خزانة تسمّى الحافظة والمتذكّرة، وعضو هذه الخزانة مؤخّر الدماغ (س، ر، 28، 17) - قوة تسمّى حافظة وهي خزانة ما يدركه الوهم كما أنّ الصورة خزانة ما يدركه الحسّ (س، ر، 62، 11) - القوة الحافظة الذاكرة، وهي قوة مرتّبة في التجويف المؤخّر من الدماغ تحفظ ما تدركه القوة الوهمية من المعاني الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية. ونسبة القوة الحافظة إلى القوة الوهمية، كنسبة القوة التي تسمّى خيالا بالقياس إلى الحسّ. ونسبة تلك القوة إلى المعاني كنسبة هذه القوة إلى الصور المحسوسة (س، ف، 62، 11) - القوى الباطنة إمّا أن تكون مدركة أو متصرّفة:
أمّا المدركة فأمّا أن تكون مدركة للصور وهي الجنس المشترك وخزانته الخيال، أو مدركة للمعاني الجزئية القائمة بالأشخاص الجسمانية كعداوة هذا الحيوان وصداقة ذلك وهو المسمّى بالوهم وخزانته الحافظة؛ وأمّا المتصرّفة فهي القوة التي إن استعملتها النفس الإنسانية سمّيت مفكّرة وهي التي تركّب الصور بعضها مع البعض وتركّب المعاني بعضها مع البعض وتركّب الصور مع المعاني. فهذا مجموع القوى الباطنة (ر، ل، 69، 17) - الحافظة لإيداع المدركات كلّها متخيّلة وغير متخيّلة وهي لها كالخزانة تحفظها لوقت الحاجة إليها (خ، م، 77، 24) - الحافظة، وهي قوة حافظة للصور التي أدركها الوهم، فهي كالخزانة له، بمنزلة الخيال للحسّ المشترك (ط، ت، 320، 18) 












مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید