المنشورات

حركة وزمان

- إن تلازم الحركة والزمان صحيح. وإن الزمان هو شيء يفعله الذهن في الحركة. لأنه ليس يمتنع وجود الزمان، إلا مع الموجودات التي لا تقبل الحركة. أما وجود الموجودات المتحرّكة، أو تقدير وجودها، فيلحقها الزمان ضرورة، فإنه ليس هاهنا إلا موجودان: موجود يقبل الحركة، وموجود ليس يقبل الحركة.
و ليس يمكن أن ينقلب أحد الموجودين إلى صاحبه إلا لو أمكن أن ينقلب الضروري ممكنا. فلو كانت الحركة غير ممكنة، ثم وجدت لوجب أن تنقلب طبيعة الموجودات التي لا تقبل الحركة إلى طبيعة التي تقبل الحركة، وذلك مستحيل (ش، ته، 63، 5) - توهّم القبلية، قبل ابتداء الحركة الأولى، التي لم يكن قبلها شيء متحرّك، هو مثل توهّم الخيال أن آخر جسم العالم، وهو الفوق مثلا، ينتهي ضرورة: إما إلى جسم آخر، وإما إلى خلاء. وذلك أن البعد هو شيء يتبع الجسم، كما أن الزمان هو شيء يتبع الحركة. فإن امتنع أن يوجد جسم لا نهاية له امتنع بعد غير متناه، وإذا امتنع أن يوجد بعد غير متناه امتنع أن ينتهي كل جسم إلى جسم آخر، أو إلى شيء يقدّر فيه بعد، وهو الخلاء مثلا، ويمر ذلك إلى غير نهاية. وكذلك الحركة والزمان هو شيء تابع لها. فإن امتنع أن توجد حركة ماضية غير متناهية، وكانت هاهنا حركة أولى متناهية الطرف من جهة الابتداء، امتنع أن يوجد لها قبل، إذ لو وجد لها قبل لوجدت قبل الحركة الأولى حركة أخرى (ش، ته، 63، 27) - ليس يتبع الزمان الحركة، على نحو ما تتبع النهاية العظم؛ لأن النهاية تتبع العظم من قبل أنها موجودة فيه، كما يوجد العرض في موضوعه المتشخص بشخصه، والمشار إليه بالإشارة إلى موضعه، وكونه موجودا في المكان الذي فيه موضوعه. وليس الأمر كذلك في لزوم الزمان والحركة. بل لزوم الزمان عن الحركة أشبه شيء بلزوم العدد عن المعدود. أعني أنه كما لا يتعيّن العدد بتعيّن المعدود، ولا يتكثّر بتكثّره، كذلك الأمر في الزمان مع الحركات. ولذلك كان الزمان واحدا لكل حركة ومتحرّك وموجودا في كل مكان (ش، ته، 65، 16) - الحركة والزمان وما فيه الحركة والمتحرّك أيضا منقسم، إلا أن ذلك للمتحرّك في الكم والأين بالذات وفي الكيف بالعرض. وكان السبب في انقسام هذه الأشياء هو انقسام المتحرّك (ش، سط، 103، 2) 













مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید