المنشورات

عقل إنساني

- الأشخاص الجزئية الهيولانية واقعة تحت الحواس، وأمّا الأجناس والأنواع فغير واقعة تحت الحواس ولا موجودة وجودا حسيّا، بل تحت قوة من قوى النفس التامة، أعني الإنسانية، هي المسمّاة العقل الإنساني (ك، ر، 107، 8) - إنّ العقل الإنسانيّ إذا بلغ أقصى كماله صار قريبا في جوهره من جوهر ... العقل" الفعّال" ... وإنّ العقل الإنسانيّ إنّما يحتذي في تكميل جوهره حذو هذا العقل، وأنّه هو الغاية على هذا الوجه الذي يحتذى حذوه، وهو غاية على أكمل الوجوه، وأنّه هو الفاعل. فهو مبدأ الإنسان على أنّه هو الفاعل على الأقصى لما يتجوهر به الإنسان بما هو إنسان، وهو الغاية لأنّه هو الذي أعطاه مبدأ يسعى به نحو الكمال ويحتذي بما يسعى فيه حذوه إلى أن يبلغ أقصى ما يمكنه في القرب منه. فهو فاعله وهو غايته وهو الكمال الذي لأجل قربه من جوهره كان يسعى. فهو مبدأ بأنحاء ثلاثة: على أنّه فاعل، وعلى أنّه غاية، وعلى أنّه الكمال الذي لأجل القرب منه كان يسعى (ف، ط، 128، 6) - العقل الإنساني فليس هو شيئا سوى النفس الإنسانية التي صارت علّامة بالفعل بعد ما كانت علّامة بالقوة. وإنّما صارت علّامة بالفعل بعد ما حصل فيها صور هويّة الأشياء بطريق الحواس وصور ماهيتها بطريق الفكر والرويّة (ص، ر 1، 350، 18) - إن قيل ما العقل الإنساني؟ فيقال التمييز الذي يخصّ كل واحد من أشخاصه دون سائر الحيوانات (ص، ر 3، 361، 4) - إنّ العقل الإنساني ليس هو شيء سوى النفس الناطقة (ص، ر 3، 426، 19) - إنّ جميع الأفعال البشرية المحكمة وجميع الآراء والمذاهب المختلفة العقلية والوضعية من أفعال العقل الإنساني، لكن له مع هذه الفضائل والمناقب كلّها آفات عارضة كثيرة، فمن تلك الآفات الهوى الغالب نحو شيء ما والعجب المفرط من المرء برأي نفسه، والكبر المانع عن قبول الحق والحسد الدائم للأقران وأبناء الجنس والحرص الشديد على طلب الشهوات، والعجلة وقلّة التثبّت في الأمور والبغض والعداوة عند الحكومة والخصومات، والميل والتعصّب لمن يهوى والحمية الجاهلية عند الافتخار والأنفة من الانقياد للطاعة، وحب الرئاسة من غير استحقاق وما شاكل هذه الآفات العارضة للعقلاء المضلّة لهم عن سنن الهدى المانعة عن الانتفاع بفضائل العقل ومنافعه (ص، ر 3، 427، 7) - لما قايسوا (الفلاسفة) بين هذه العقول المفارقة وبين العقل الإنساني رأوا أن هذه العقول أشرف من العقل الإنساني وإن كانت تشترك مع العقل الإنساني في أن معقولاتها هي صور الموجودات، وأن صورة واحد واحد منها هو ما يدركه من صور الموجودات ونظامها. لكن الفرق بينهما أن صور الموجودات هي علّة للعقل الإنساني، إذا كان يستكمل بها على جهة ما يستكمل الشيء الموجود بصورته، وأما تلك فمعقولاتها هي العلّة في صور الموجودات.
و ذلك أن النظام والترتيب في الموجودات إنما هو شيء تابع ولازم للترتيب الذي في تلك العقول المفارقة، وأما الترتيب الذي في العقل الذي فينا، فإنما هو تابع لما يدركه من ترتيب الموجودات ونظامها، ولذلك كان ناقصا جدا، لأن كثيرا من الترتيب والنظام الذي في الموجودات لا يدركه العقل الذي فينا (ش، ته، 130، 22) 














مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید