المنشورات

عقل بالقوة

- العقل الذي هو بالقوة هو نفس ما، أو جزء نفس، أو قوة من قوى النفس، أو شيء ما ذاته معدّة، أو مستعدة لأن تنتزع ماهيّات الموجودات كلها وصورها دون موادها فتجعلها كلها صورة لها أو صورا لها. وتلك الصور المنتزعة عن المواد ليست تصير منتزعة عن موادها التي فيها وجودها إلّا بأن تصير صورا لهذه الذات. وتلك الصور المنتزعة عن موادّها الصائرة صورا في هذه الذات هي المعقولات (ف، عق، 12، 6) - الشيء في الإنسان الذي تصدر عنه هذه الأفعال (المدركة) يسمّى نفسا ناطقة، وله قوّتان:
إحداهما معدّة نحو العمل ووجهها إلى البدن وبها يميّز بين ما ينبغي أن يفعل وبين ما لا ينبغي أن يفعل، وما يحسن ويقبح من الأمور الجزئية- ويقال له العقل العمليّ، ويستكمل في الناس بالتجارب والعادات، والثانية قوّة معدّة نحو النظر والعقل الخاص بالنفس ووجهها إلى فوق، وبها ينال الفيض الإلهي.
و هذه القوة قد تكون بعد بالقوة لم تفعل شيئا ولم تتصوّر، بل هي مستعدّة لأن تعقل المعقولات، بل هي استعداد ما للنفس نحو تصوّر المعقولات- وهذا يسمّى العقل بالقوة والعقل الهيولاني. وقد تكون قوة أخرى أحوج منها إلى الفعل، وذلك بأن تحصل للنفس المعقولات الأولى على نحو الحصول الذي نذكره، وهذا يسمّى العقل بالملكة. ودرجة ثالثة هي أن تحصل للنفس المعقولات المكتسبة فتحصل النفس عقلا بالفعل، ونفس تلك المعقولات تسمّى عقلا مستفادا. ولأنّ كل ما يخرج من القوة إلى الفعل فإنّما يخرج بشيء يفيده تلك الصورة، فإذن العقل بالقوة إنّما يصير عقلا بالفعل بسبب يفيده المعقولات ويتّصل به إثره، وهذا الشيء هو الذي يفعل العقل فينا. وليس شيء من الأجسام بهذه الصفة. فإذن هذا الشيء عقل بالفعل وفعّال فينا فيسمّى عقلا فعّالا، وقياسه من عقولنا قياس الشمس من أبصارنا (س، ع، 42، 21) - قيل في علم النفس إنّ نفس الإنسان تعقل المعقولات وتعلم الكلّيات بعد أن كانت لا تعقلها ولا تعلمها. فهي في أولية حالها عقل بالقوة ويسمّونها لذلك عقلا هيولانيّا بمعنى أنّها محل قابل للمعقولات ومن شأنها أن تقبلها بتعلّم وتعليم (بغ، م 1، 407، 22) - رأوا (الفلاسفة) نفس الإنسان تعرف وتعلم بعد جهل وتكمل بعد نقص، فنظروا إلى هذا الكمال من جهة كونه بالقوة ومن جهة كونه بالفعل فسمّوها بحسبه عقلا هيولانيّا وعقلا بالقوة (بغ، م 1، 410، 2) - قالوا (الفلاسفة) إنّ النفس الناطقة التي هي نفس الإنسان هي عقل هيولاني وعقل بالقوة ومن شأنها أن تصير عقلا بالفعل إذا تصوّرت بصور المعلومات وقبل ذلك فهي نفس محرّكة للبدن، فكأنهم سمّوها عقلا هيولانيّا لكونها تكتسب الصور بعد ما لم تكن حاصلة لها وفيها (بغ، م 2، 142، 13) - إنّ العقل بالفعل هو العقل بالقوة عند حلول الصورة المجرّدة فيه (ر، م، 330، 15) 













مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید