المنشورات

عقل عملي

- سمّى (أرسطو) القوّة التي تعقل من الموجودات الموجودات التي يمكن أن يوجدها الإنسان بالفعل في الأشياء الطبيعيّة- إذا عقله بضرب ينتفع به من إيجاد تلك-" العقل العمليّ"، والذي تحصل له المعقولات معقولات لا ينتفع بها في إيجاد شيء منها في الأشياء الطبيعيّة" العقل النظري". وسمّى القوّة العقليّة التي بها يمكن أن يوجد في الأشياء الطبيعيّة ما قد حصله العقل العمليّ ب" المشيئة والاختيار" (ف، ط، 124، 3) - (العقل العلمي) - وهو الذي يستنبط ما يجب فعله من الأعمال الإنسانية. ومن قوى النفس (العقل العملي) - وهو الذي يتم به جوهر النفس ويصير جوهرا عقليّا بالفعل. ولهذا العقل مراتب: يكون مرة عقلا هيولانيا، ومرة عقلا بالملكة، ومرة عقلا مستفادا (ف، ع، 17، 4) - الشيء في الإنسان الذي تصدر عنه هذه الأفعال (المدركة) يسمّى نفسا ناطقة، وله قوّتان:
إحداهما معدّة نحو العمل ووجهها إلى البدن وبها يميّز بين ما ينبغي أن يفعل وبين ما لا ينبغي أن يفعل، وما يحسن ويقبح من الأمور الجزئية- ويقال له العقل العمليّ، ويستكمل في الناس بالتجارب والعادات، والثانية قوّة معدّة نحو النظر والعقل الخاص بالنفس ووجهها إلى فوق، وبها ينال الفيض الإلهي.
و هذه القوة قد تكون بعد بالقوة لم تفعل شيئا ولم تتصوّر، بل هي مستعدّة لأن تعقل المعقولات، بل هي استعداد ما للنفس نحو تصوّر المعقولات- وهذا يسمّى العقل بالقوة والعقل الهيولاني. وقد تكون قوة أخرى أحوج منها إلى الفعل، وذلك بأن تحصل للنفس المعقولات الأولى على نحو الحصول الذي نذكره، وهذا يسمّى العقل بالملكة. ودرجة ثالثة هي أن تحصل للنفس المعقولات المكتسبة فتحصل النفس عقلا بالفعل، ونفس تلك المعقولات تسمّى عقلا مستفادا. ولأنّ كل ما يخرج من القوة إلى الفعل فإنّما يخرج بشيء يفيده تلك الصورة، فإذن العقل بالقوة إنّما يصير عقلا بالفعل بسبب يفيده المعقولات ويتّصل به إثره، وهذا الشيء هو الذي يفعل العقل فينا. وليس شيء من الأجسام بهذه الصفة. فإذن هذا الشيء عقل بالفعل وفعّال فينا فيسمّى عقلا فعّالا، وقياسه من عقولنا قياس الشمس من أبصارنا (س، ع، 42، 17) - أما الذي يدلّ عليه اسم العقل عند الحكماء فهي ثمانية معان: أحدها العقل الذي ذكره الفيلسوف في كتاب البرهان وفرّق بينه وبين العلم فقال ما معناه هذا العقل هو التصوّرات والتصديقات الحاصلة للنفس بالفطرة والعلم ما حصل بالاكتساب، ومنها العقول المذكورة في كتاب النفس. فمن ذلك العقل النظري والعقل العلمي. فالعقل النظري قوة للنفس تقبل ماهيّات الأمور الكلّية من جهة ما هي كلّية، والعقل العملي قوة للنفس هي مبدأ التحريك للقوة الشوقية إلى ما يختار من الجزئيات من أجل غاية مظنونة أو معلومة (س، ح، 12، 11) - القوة الأولى للنفس الإنسانية قوة تنسب إلى النظر فيقال عقل نظري، وهذه الثانية قوة تنسب إلى العمل فيقال عقل عملي، وتلك للصدق والكذب وهذه للخير والشر في الجزئيات، وتلك للواجب والممتنع والممكن وهذه للقبيح والجميل والمباح، ومبادئ تلك من المقدمات الأولية ومبادئ هذه من المشهورات والمقبولات والمظنونات والتجربيات الواهية التي تكون من المظنونات غير التجربيات الوثيقة (س، شن، 185، 7) - العقل العملي يحتاج في أفعاله كلها إلى البدن وإلى القوى البدنية، وأما العقل النظري فإنّ له حاجة ما إلى البدن وإلى قواه لكن لا دائما ومن كل وجه، بل قد يستغني بذاته (س، شن، 185، 17) - إنّ النفس الإنسانية، التي لها أن تعقل، جوهر له قوى وكمالات. فمن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن، وهي القوة التي تختص باسم العقل العملي، وهي التي تستنبط الواجب- فيما يجب أن يفعل من الأمور الإنسانية الجزئية، للتوصّل به إلى أغراض اختيارية،- من مقدّمات أوّلية، وذائعة، وتجريبية. وباستعانة بالعقل النظري، في الرأي الكلّي، إلى أن ينتقل به إلى الجزئي (س، أ 1، 363، 7) - تكون الأمور الجزئية تنالها النفس بقوّتها التي تسمّى عقلا عمليّا، من الجواهر العالية النفسانية. وتكون الأمور الكلية تنالها النفس بقوتها التي تسمّى عقلا نظريّا، من الجواهر العالية العقلية، التي لا يجوز أن يكون فيها شيء من الصور الجزئية البتة (س، ف، 117، 5) - تجد العقل المستفاد بل العقل القدسي رئيسا يخدمه الكل وهو الغاية القصوى، ثم العقل بالفعل يخدمه العقل بالملكة. والعقل الهيولاني بما فيه من الاستعداد يخدم العقل بالملكة. ثم العقل العملي يخدم جميع هذه لأنّ العلاقة البدنية ... لأجل تكميل العقل النظري وتزكيته. والعقل العملي هو مدبّر تلك العلاقة (س، ن، 168، 7) - القوة العاملة، هي التي تنبعث بإشارة القوة العلمية التي هي نظرية متعلّقة بالعمل. وتسمّى العاملة عقلا عمليّا. ولكن تسميتها عقلا بالاشتراك، فإنّها لا إدراك لها، وإنّما لها الحركة فقط، ولكن بحسب مقتضى العقل.
و كما أنّ القوة المحرّكة الحيوانية ليست إلّا لطلب أو هرب، فكذلك القوة العاملة في الإنسان، إلّا أنّ مطلبها عقلي، وهو الخير.
و الثواب متّصل بما بعده، والنفع في العاقبة وإن كان مؤلما في الحال، بحيث تنفر منه الشهوة الحيوانية (غ، م، 359، 19) - إنّ الذي أشير إليه باسم العقل في اللغة العربية إنّما هو العقل العملي من جملة ما قيل. وجاء في لغتهم من المنع والعقال فيقال عقلت الناقة أي منعتها بما شددتها به عن تصرّفها في سعيها. فكذلك العقل العملي يعقل النفس ويمنعها عن التصرّف على مقتضى الطباع (بغ، م 1، 409، 15) - وجدت هذه القوة (قوة إدراك المعاني مجرّدة) الأفضل مطلقا لا الأفضل في وجوده المحسوس، ومن هنا يظهر أن هذه القوة تنقسم أولا إلى قسمين: أحدهما يسمى العقل العملي والآخر النظري. وكان هذا الانقسام لها عارضا بالواجب لانقسام مدركاتها، ولذلك إن إحداهما إنما فعلها واستكمالها بمعان صناعية ممكنة. والثانية بمعان ضرورية ليس وجودها إلى اختيارنا (ش، ن، 85، 5) 














مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید