- حدّ العلم الإلهيّ أنّه العلم بالعلّة الأولى وما كان عنها بغير واسطة أو بوسيط واحد فقط.
و إنّما قلنا هذا لأنّ حيلة الوسط لم يبلغ به حدّ التركيب (جا، ر، 104، 16) - لا نطلب في العلم الرياضي إقناعا، ولا في العلم الإلهي حسّا ولا تمثيلا، ولا في أوائل العلم الطبيعي الجوامع الفكرية، ولا في البلاغة برهانا، ولا في أوائل البرهان برهانا (ك، ر، 112، 15) - فضيلة العلوم والصناعات إنما تكون بإحدى ثلاث: إمّا بشرف الموضوع، وإمّا باستقصاء البراهين، وإمّا بعظم الجدوى الذي فيه، سواء كان منتظرا أو محتضرا. أمّا ما يفضل على غيره لعظم الجدوى الذي فيه فكالعلوم الشرعية والصنائع المحتاج إليها في زمان زمان وعند قوم قوم. وأمّا ما يفضل على غيره لاستقصاء البراهين فيه فكالهندسة. وأما ما يفضل على غيره لشرف موضوعه فكعلم النجوم. وقد تجتمع الثلاثة كلها أو الاثنان منها في علم واحد كالعلم الإلهي (ف، فض، 1، 11) - العلم الإلهي ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: أحدها يفحص فيه عن الموجودات والأشياء التي تعرض لها بما هي موجودات. والثاني يفحص فيه عن مبادئ البراهين في العلوم النظرية الجزئية، وهي التي ينفرد كل علم منها بالنظر في موجود خاص، مثل المنطق والهندسة والعدد وباقي العلوم الجزئية الأخرى التي تشاكل هذه العلوم: فيفحص عن مبادئ علم المنطق، ومبادئ علوم التعاليم، ومبادئ العلم الطبيعي، ويلتمس تصحيحها وتعريف جواهرها وخواصّها، ويحصي الظنون الفاسدة التي كانت وقعت للقدماء في مبادئ ... والجزء الثالث يفحص فيه عن الموجودات التي ليست بأجسام ولا في أجسام (ف، ح، 99، 3) - العلم الكلّي وهو العلم الإلهي والعلم الناظر فيما بعد الطبيعة، وموضوعه الموجود المطلق والمطلوب فيه المبادئ العامة واللواحق العامة (س، ن، 98، 13) - أمّا العلم الإلهي: فموضوعه أعمّ الأمور، وهو الموجود المطلق. والمطلوب فيه: لواحق الوجود لذاته، من حيث إنّه وجود فقط، ككونه جوهرا، وعرضا، وكليّا وجزئيّا، وواحدا وكثيرا، وعلّة ومعلولا، وبالقوّة وبالفعل، وموافقا ومخالفا، وواجبا وممكنا، وأمثاله. فإنّ هذه تلحق الوجود من حيث إنّه وجود (غ، م، 139، 16) - إنّ علم الإلهيات من علم الموجود بما هو موجود لأنّه علم مبادئ الموجودات. فأفرد (أرسطو) لذلك علما وقال فيه إنّه علم ما بعد الطبيعة وإنّه الفلسفة الأولى وإنّه العلم الإلهي.
فأما قوله ما بعد الطبيعة فأراد به ما بعد الطبيعيات المحسوسة في معرفتنا وإن كان قبل في الوجود، فإنّ المتقدّم عند الطبيعة في الوجود متأخّر عندنا في المعرفة على ما قيل في فاتحة علم الطبيعيات (بغ، م 2، 3، 21)
- سمّيت الرياضيات بهذا الاسم لأنّ النفوس ترتاض بها حيث تنتقل فيها وبها ممّا تدركه منها بالحواس إلى ما تجرّده في الذهن عن المحسوس والتصرّف في أحواله التي تستعمل الحواس فيها ومعها في نظرها فيه إلى ما تنفرد به عن الحواس. وتتصرّف فيه تصرّفا ذهنيّا حتى تكون واسطة تنتقل منه برياضتها إلى ما ليس بمحسوس أصلا وهو العلم الإلهي (بغ، م 2، 8، 16) - هذا العلم الذي هو العلم الإلهي نافع بالذات في تحصيل الكمال الإنساني بل هو الكمال العقلي بعينه. فإنّ كمال المعرفة معرفة الكمال الأقصى وسائر العلوم إنّما تراد لأجله حيث تنتفع النفس بها في تحصيله ... فهذا العلم أنفع العلوم بل هو العلم النافع الذي به تكمل نفس العالم وتصل إلى أجلّ مراتبها التي هي لها أن تصل إليها، فمنفعة هذا العلم هي تحصيل سعادة النفس الإنسانية وكمالها بمعرفة مبادئها ومعرفة الإله الذي هو المبدأ الأول (بغ، م 2، 11، 1) - إن جميع العلوم وإن كانت كلها شريفة موثرة، فإن العلم بالإله هو أشرفها وآثرها لأن موضوعه أشرف من جميع الموضوعات (ش، ت، 712، 14) - ليس ينظر العلم الطبيعي في الأشياء من حيث هي جواهر، وأما المادة الأولى فينظر فيها صاحب العلمين. أما صاحب العلم الطبيعي فينظر فيها من حيث هي مبدأ للتغيير، وأما صاحب العلم الإلهي فينظر فيها من حيث هي جوهر بالقوة (ش، ت، 780، 7) - العلم (الإلهي) منزّه عن أن يوصف ب" كلّي" أو" جزئي" (ش، ف، 40، 10) - أمّا العلم الإلهي، فعبارة عن العلم النّاظر في ذات الإله تعالى وصفاته (سي، م، 130، 6) - أمّا العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث أنّه ذو فكر فهي غير مختصّة بملّة بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلّهم ويستوون في مداركها ومباحثها وهي موجودة في النوع الإنساني منذ كان عمران الخليقة، وتسمّى هذه العلوم علوم الفلسفة والحكمة. وهي مشتملة على أربعة علوم: الأول علم المنطق وهو علم يعصم الذهن عن الخطأ في اقتناص المطالب المجهولة من الأمور الحاصلة المعلومة ... ثم النظر إمّا في المحسوسات من الأجسام العنصرية والمكوّنة عنها من المعدن والنبات والحيوان والأجسام الفلكية والحركات الطبيعية والنفس التي تنبعث عنها الحركات وغير ذلك يسمّى هذا الفن بالعلم الطبيعي وهو الثاني منها. وإمّا أن يكون النظر في الأمور التي وراء الطبيعة من الروحانيات ويسمّونه العلم الإلهي وهو الثالث منها. والعلم الرابع وهو الناظر في المقادير ويشتمل على أربعة علوم وتسمّى التعاليم (خ، م، 379، 11) - الموجودات التي وراء الحسّ وهي الروحانيات ويسمّونه (الفلاسفة) العلم الإلهي وعلم ما بعد الطبيعة فإنّ ذواتها مجهولة رأسا ولا يمكن التوصّل إليها ولا البرهان عليها لأنّ تجريد المعقولات من الموجودات الخارجية الشخصية إنّما هو ممكن فيما هو مدرك لنا، ونحن لا ندرك الذوات الروحانية حتى نجرّد منها ماهيّات أخرى بحجاب الحسّ بيننا وبينها فلا يتأتّى لنا برهان عليها (خ، م، 430، 20) - العلم الإلهيّ علم باحث عن أحوال الموجودات التي لا تفتقر في وجودها إلى المادّة (جر، ت، 161، 9) - العلم الإلهي وهو الذي لا يفتقر في وجوده إلى الهيولى (جر، ت، 161، 11)
مصادر و المراجع :
١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب
المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)
عدد الأجزاء: 1
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت
الطبعة: الأولى/ 1998 م
تعليقات (0)