المنشورات

موجودات

- الموجودات التي كان (أرسطو) أحصاها في" كتاب المقولات"، أخذها وجعل وجودها هو الوجود الذي يشهد له الحسّ على النحو الذي توجد المقولات منها مستعملة لدينا في الاختبار ببعض عن بعض واستعلام بعض عن بعض، وتعرّف بعض ببعض- إمّا في ما بين الإنسان وبين نفسه، وإمّا في مخاطبة غيره-، لا على أنّ وجودها بالطبع هو أن يكون نستعمله هذا النحو من الاستعمال لدينا، ولكن أخذها في أوّل الأمر على أنّ الموجودات الطبيعيّة منها هي طبائع وذوات قائمة بالطبع، على أنّ علاماتها التي نعرفها ونحسّ هي هذه العلامات. وهذه الأحوال التي جعلناها علامات لها هي أحوال منطقيّة. إلّا أنّها لم توجد موجودات من حيث لها هذه الأحوال على ما أخذت عليه في المنطق. فإنّها أخذت في المنطق لا على أنّها طبائع مجرّدة عن هذه وهذه علاماتها في أوّل الأمر، بل أخذت على أنّها موجودة بهذه الحال وعلى أنّ هذه الأحوال أحد جزءي وجودها من حيث هي منطقيّة (ف، ط، 86، 1) - إنّ أفلاطون، في كثير من أقاويله، يومئ إلى أنّ للموجودات صورا مجرّدة في عالم الإله، وربما يسمّيها" المثل الإلهية"، وأنها لا تدثر ولا تفسد، ولكنها باقية، وأن الذي يدثر ويفسد إنما هي هذه الموجودات التي هي كائنة (ف، ج، 105، 4) - إنّ الموجودات على ضربين: أحدهما- إذا اعتبر ذاته لم يجب وجوده، ويسمّى (ممكن الوجود). والثاني- إذا اعتبر ذاته وجب وجوده، ويسمّى (واجب الوجود). وإذا كان ممكن الوجود- إذا فرضناه غير موجود لم يلزم منه محال، ولا غنى بوجوده عن علّة. وإذا وجب- صار واجب الوجود بغيره (ف، ع، 4، 2) - هذه الموجودات كلها صادرة عن ذاته تعالى وهي مقتضى ذاته فهي غير منافية له، وكل ما كان غير مناف وكان مع ذلك يعلم الفاعل أنه فاعله فهو مراده بأنه مناسب له. ولأنه عاشق ذاته فهي كلّها مرادة لأجل ذاته، فتكون الغاية في فعله ذاته، وكونها مرادة له ليس هو لأجل غرض بل لأجل ذاته إذ الغرض ما لا يكون إلّا مع الشوق. فإنه يقال لم طلب هذا فيقال لأنه اشتهاه وحيث لا يكون الشوق لا يكون الغرض (ف، ت، 2، 2) - الأبديات وسائر الموجودات في حالة واحدة لها أحوال ونسب لبعضها إلى بعض، وتلك النسب كلّها موجودة للأول فهي معلولة له.
مثال تلك النسب هو أن يكون إما نسبة إضافية أو نسبة مضادية أو نسبة علّية ومعلولية، وكل واحدة من هذه النسب لا تتناهى ولها اعتبارات غير متناهية. وكل واحد من تلك الموجودات من الهيئات والصور تكون علّة للآخر ومعلولا للآخر ومضادّا لشيء ومضائفا لشيء وتكون له إضافة في إضافة وتركيب إضافة مع إضافة وأحوال غير متناهية (ف، ت، 17، 9) - الموجودات كثيرة، وهي مع كثرتها متفاضلة (ف، أ، 40، 3) - إذا فاضت منه (الموجود الأول) الموجودات كلّها بترتيب مراتبها، حصل عنه لكل موجود قسطه الذي له من الوجود ومرتبته منه. فيبتدئ من أكملها وجودا ثم يتلوه ما هو أنقص منه قليلا، ثم لا يزال بعد ذلك يتلو الأنقص فالأنقص إلى أن ينتهي إلى الموجود الذي إن تخطّى عنه إلى ما دونه تخطّى إلى ما لم يمكن أن يوجد أصلا (ف، أ، 40، 5) - ترتيب هذه الموجودات هو أن تقدّم أولا أخسّها، ثم الأفضل فالأفضل، إلى أن تنتهي إلى أفضلها الذي لا أفضل منه. فأخسّها المادة الأولى المشتركة، والأفضل منها الأسطقسّات ثم المعدنية، ثم النبات، ثم الحيوان غير الناطق، ثم الحيوان الناطق، وليس بعد الحيوان الناطق أفضل منه (ف، أ، 49، 3) - الموجودات كلها معقولة أو محسوسة، جواهر أو أعراضا، أو مجموعا منهما صورا أو هيولى، أو مركّبا منهما جسمانيا أو روحانيا، أو مقرونا بينهما (ص، ر 1، 210، 9) - الموجودات كلها عشرة أجناس مطابقة لعشرة آحاد ... الأعراض مرتّبة بعضها تحت بعض كترتيب العدد وتعلّقه في الوجود عن الواحد الذي قبل الاثنين (ص، ر 1، 323، 6) - إنّ اختلاف الموجودات إنّما هو بالصورة لا بالهيولى، وذلك أنّا نجد أشياء كثيرة جوهرها واحد وصورها مختلفة. مثال ذلك السكّين والسيف والفأس والمنشار وكل ما يعمل من الحديد من الآلات والأدوات والأواني، فإنّ اختلاف أسمائها من أجل اختلاف صورها لا من أجل اختلاف جواهرها لأنّ كلها بالحديد واحد (ص، ر 2، 4، 3) - إنّ نسبة الموجودات من الباري تعالى كنسبة العدد من الواحد والعقل كالاثنين والنفس كالثلاثة والهيولى الأولى كالأربعة والطبيعة كالخمسة والجسم كالستّة والفلك كالسبعة والأركان كالثمانية والمولودات كالتسعة (ص، ر 3، 8، 13) - إنّ الموجودات كلها نوعان: كلّية وجزئية (ص، ر 3، 49، 17) - الموجودات كلها مرتّبة بعضها تحت بعض متعلّقة في الوجود بالعلّة الأولى الذي هو الباري تعالى كتعلّق العدد وترتيبه عن الواحد الذي قبل الاثنين (ص، ر 3، 53، 20) - إنّ جميع الموجودات وسائر المصنوعات لما بدت ووجدت في العالم وقع الاختلاف فيها والسؤال عنها من جهة ثلاثة أنواع يحصرها جنس واحد. فأول ذلك الترتيب الأول المرتّب كان في النفس أولا بالقوة والأمور العقلية المعقولة وهي صورة أعيان بسائط المركّبات والموجودات بالترتيب. والثاني هي الأمور المحسوسة، ثم البرهان يقتضي علّتها ويبيّن معانيها ويعرف الناظر فيها والسائل عنها معرفة كيفيّتها معقولة في غاية التجرّد النفساني وكونها بعدها محسوسة في العالم الجسماني (ص، ر 3، 102، 12) - قالت الحكماء إنّ الموجودات والمعلومات هنّ التي تحاكي أحوال الموجودات الأولى التي هي علل لها (ص، ر 3، 106، 12) - قال (فيثاغورث): إنّ طبيعة الموجودات بحسب طبيعة العدد، فمن عرف العدد وأحكامه وطبيعته وأجناسه وأنواعه وخواصه، أمكنه أن يعرف كمية أجناس الموجودات وأنواعها، وما الحكمة في كمياتها على ما هي عليه الآن ولم لم يكن أكثر من ذلك ولا أقل منه (ص، ر 3، 182، 15) - الحكماء الفيثاغوريون ... قالوا إنّ الموجودات بحسب طبيعة العدد (ص، ر 3، 200، 16) - إنّ الموجودات كلها نوعان لا أقل ولا أكثر:
كلّيات وجزئيات حسب. فالكليات تسع مراتب محفوظ نظامها ثابتة أعيانها وهي كتسعة آحاد أولها البارئ الواحد الفرد جلّ ثناؤه، ثم العقل ذو القوتين ثم النفس ذات الثلاثة الألقاب، ثم الهيولى الأولى ذاتى الأربع الإضافات، ثم الطبيعة ذات الخمسة الأسماء، ثم الجسم ذو الست الجهات، ثم الفلك ذو السبع المدبّرات، ثم الأركان ذات الثمانية المزاجات، ثم المكوّنات ذات التسعة الأنواع (ص، ر 3، 203، 4) - إنّ الموجودات كلها التي أوجدها الباري سبحانه وتعالى بأي طريق كان وجدانها ليست تخلو من أن تكون جواهرا أو أعراضا أو مجموعا منهما، هيولى أو صورة أو مركّبا منهما، عللا أو معلولات، أو مشارا إليهما جسمانيا أو روحانيا أو مقرونا بينهما، بسيطا أو مركّبا أو جملتهما (ص، ر 3، 229، 12) - إنّ الموجودات كلها صور وأعيان غيريات أفاضها الباري عزّ وجلّ على العقل الذي هو أول موجود جاد به الباري وأوجده، وهو جوهر بسيط روحاني فيه جميع صور الموجودات غير متراكمة ولا متزاحمة، كما يكون في نفس الصانع صور المصنوعات قبل إخراجها ووضعها في الهيولى (ص، ر 3، 229، 18) - إنّ الموجودات كلها صور متعلّقة حدوثها وبقاؤها يتلو بعضها بعضا إلى أن تنتهي إلى المبدع الأول الذي هو الباري عزّ وجلّ كتعلّق حدوث العدد أزواجه وأفراده عن الواحد الذي قبل الاثنين (ص، ر 3، 230، 22) - إنّ الموجودات كلها صور غيريات: وهي أعيان الأشياء وأنّها متتاليات في الحدوث والبقاء كتتالي العدد من الواحد (ص، ر 3، 232، 5) - إنّ الموجودات كلها علل ومعلومات (ص، ر 3، 232، 22) - إنّ الموجودات كلها نوعان: كلّيات وجزئيات، فالكلّيات رتّبها الباري من أشرفها إلى أدونها ... والجزئيات، ابتدأها من أدونها إلى أتمّها وأكملها رتبة (ص، ر 3، 337، 23) - أولى الأشياء بالوجود هي الجواهر ثم الأعراض والجواهر التي ليست بأجسام أولى الجواهر بالوجود إلّا الهيولى، لأنّ هذه الجواهر ثلاثة: هيولى، وصورة، ومفارق (س، ن، 208، 2) - جميع الموجودات: من عدد الكواكب، ومقدارها، وهيأة الأرض والحيوانات، وكل موجود، فإنّما وجد على الوجه الذي وجد، لأنّه أكمل وجوه الوجود. وما عداه من الإمكانات ناقص بالإضافة إليه (غ، م، 238، 16) - الموجودات باعتبار النقصان والكمال تنقسم:
إلى ما هو بحيث لا يحتاج إلى أن يمدّه غيره ليكتسب منه وصفا له بل كل ممكن له، فهو موجود له حاضر ويسمّى (تامّا). وإلى ما لم يحضر معه كل ممكن له، بل لا بدّ من أن يحصل له، ما ليس حاصلا، وهذا يسمّى (ناقصا) قبل حصول التمام له (غ، م، 254، 16) - إنّ الموجودات تنقسم: إلى ما هي في محالّ، كالأعراض والصور، وإلى ما ليست في محالّ، وهذه تنقسم: إلى ما هي محالّ لغيرها كالأجسام، وإلى ما ليست بمحالّ، كالموجودات التي هي جواهر قائمة بأنفسها، وهي تنقسم إلى ما يؤثّر في الأجسام ونسمّيها نفوسا، وإلى ما لا يؤثّر في الأجسام بل في النفوس، ونسمّيها عقولا مجرّدة (غ، ت، 88، 2) - أمّا الموجودات التي تحلّ في المحالّ كالأعراض فهي حادثة ولها علل حادثة، وتنتهي إلى مبدأ هو حادث من وجه دائم من وجه، وهو الحركة الدورية (غ، ت، 88، 7) - إنّ الموجودات كلّها على كثرتها- وقد بلغت آلافا- صدرت من المعلول الأول (غ، ت، 94، 6) - الموجودات تنقسم باعتبار الوجود إلى ذوات قارّة في الوجود وإلى أفعال صادرة عنها وفيها.
و الذي عنه تصدر الأفعال يسمّى فاعلا، والذي فيه يسمّى قابلا. والقابل هو المحل والهيولى والموضوع لوجود ما يوجد فيه ... والحاصلة عن الفاعل في الموضوع منها ما يسمّى صورة وهي التي بها الشيء هو كالبياض للأبيض والحرارة للحار بل والإنسانية للإنسان والتربيع للمربّع، ومنها ما يسمّى عرضا كالبياض للإنسان والحرارة في الماء والتربيع في الشمع والخشب مثلا (بغ، م 1، 15، 5) - إنّ الموجودات بعضها بالفعل من كل وجه، وبعضها من جهة بالفعل ومن جهة بالقوة، ولا يكون في الموجودات ما هو بالقوة من كل جهة ولا ذات له بالفعل البتّة كما يتّضح عن قريب (بغ، م 1، 28، 5) - إنّ الموجودات قسمان: ذوات وأفعال والتفاضل فيما بينهما والشرف لبعضها على بعض (بغ، م 2، 76، 4) - الغاية العامة للموجودات الوجود ودوام الوجود وحصول ما بالقوة بالفعل (بغ، م 2، 116، 2) - إنّ الموجودات منها جسمانية محسوسة، ومنها روحانية تبعد عن نيل الحواس وتخفى عنها، ومنها إلهية عن الحواس أبعد وأخفى (بغ، م 2، 215، 21) - أما الفيثاغوريون فإنه إنما دعاهم إلى القول بأن الموجودات أعداد أنهم شبّهوا الأعداد بالموجودات فاعتقدوا أنها الموجودات أنفسها، فلم يلزمهم وجود اسم مشترك بين الأعداد وبين الموجودات ولا دعاهم القول إلى زيادة اسم مشترك في الأنواع (ش، ت، 67، 17) - إن الموجودات تعرف بصورها التي تنعت بها وتوصف من طريق ما هي (ش، ت، 223، 8) - الموجودات: إما أن تكون أضدادا، وإما مركّبة من أضداد، ورأس هذه الأضداد هو الواحد والكثير (ش، ت، 333، 7) - الموجودات توجد بهاتين الحالتين: أعني صورة بغير عنصر، وصورة في عنصر، كان بعضها لا يدخل في حدودها شيء واحد من حدود الأشياء التي هي عنصر وهي التي أجزاؤها أجزاء صورية ولا توجد في غيرها إلّا بالعرض، وبعضها لا بد أن يدخل في حدّها العنصر وهي الأشياء التي لا يوجد واحد منها إلّا وهو في شيء بالضرورة وبالذات (ش، ت، 900، 15) - كل الموجودات تشترك في أن كمالها وتمامها هو في العمل الخاص بها. وهذه قسمان: إما أن تكون الغاية منها هو العمل مثل الحال في البصر مع النظر، وإما أن تكون الغاية منها من العمل هو مفعول ما مثل ما أن الغاية من عمل صناعة البنّاء هو أن يصنع بيتا (ش، ت، 1194، 12) - لا يمكن ... أن تكون الموجودات بأعيانها محرّكة لذواتها أي تكون الأشياء تتحرّك من غير محرّك. ومثال ذلك كما قال (أرسطو) أن المادة الموضوعة للنجار وهي الخشب لا يمكن أن تحرّك نفسها إن لم يحرّكها النجار، وكذلك دم الحيض لا يمكنه أن يكون منه إنسان إن لم يحرّكه المني، ولا الأرض يمكن أن يكون منها نبات إن لم يحرّكها البزر (ش، ت، 1570، 6) - مقايسة الموجودات بعضها إلى بعض في التقدّم والتأخّر (حاصلة) إذا كانت مما شأنها أن تكون في زمان. فأما إذا لم تكن في زمان فإن لفظ" كان" وما أشبهه ليس يدل في أمثال هذه القضايا إلّا على ربط الخبر بالمخبر، مثل قولنا: وكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وكذلك إن كان أحدهما في زمان والآخر ليس في زمان مثل قولنا: كان اللّه تعالى ولا عالم، ثم كان اللّه تعالى والعالم. فلذلك لا يصحّ في مثل هذه الموجودات هذه المقايسة التي تمثّل بها. وإنما تصحّ المقايسة صحة لا شك فيها إذا ما قسنا عدم العالم مع وجوده، لأن عدمه مما يجب أن يكون في زمان، إن كان العالم وجوده في زمان. فإذا لم يصحّ أن يكون عدم العالم في وقت وجود العالم نفسه، فهو ضرورة قبله.
و العدم يتقدّم عليه والعالم متأخّر عنه، لأن المتقدّم والمتأخّر في الحركة لا يفهمان إلّا مع الزمان (ش، ته، 61، 20) - إن كانت الموجودات إنما تبقى بصفة باقية في نفسها فهل عدمها انتقالها من جهة ما هي موجودة أو معدومة، ومحال ان يكون لها ذلك من جهة أنها معدومة، فقد بقي أن يكون البقاء لها من جهة ما هي موجودة. فإذا كل موجود يلزم أن يكون باقيا من جهة ما هو موجود، والعدم أمر طارئ عليه (ش، ته، 93، 21) - الفلاسفة تزعم أن من الموجودات ما فصولها الجوهرية في الحركة كالرياح وغير ذلك، وإنما السماوات وما دونها هي من هذا الجنس من الموجودات التي وجودها في الحركة، وإذا كان ذلك كذلك فهي في حدوث دائم لم يزل ولا يزال (ش، ته، 107، 16) - للموجودات وجودين: وجود محسوس ووجود معقول، وأن نسبة الوجود المحسوس من الوجود المعقول هي نسبة المصنوعات من علوم الصانع (ش، ته، 130، 18) - الموجودات قد تفعل بعضها بعضا ومن بعض، وأنها ليست مكتفية بأنفسها في هذا الفعل، بل بفاعل من خارج، فعله شرط في فعلها بل في وجودها فضلا عن فعلها (ش، ته، 292، 24) - إن الموجودات تنقسم: إلى متقابلات، وإلى متناسبات. فلو جاز أن تفترق المتناسبات، لجاز أن تجتمع المتقابلات، لكن لا تجتمع المتقابلات فلا تفترق المتناسبات. هذه هي حكمة اللّه تعالى في الموجودات وسنته في المصنوعات فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [سورة فاطر: 43] (ش، ته، 302، 19) - إن كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات، واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع، أعني من جهة مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع لمعرفة صنعتها. وأنه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة بالصانع أتم، وكان الشرع قد ندب إلى اعتبار الموجودات، وحثّ على ذلك (ش، ف، 27، 14) - من الموجودات ما أعطي من أسباب الهداية أسباب لا يعرض منها إضلال أصلا، وهذه هي حال الملائكة، ومنها ما أعطي من أسباب الهداية يعرض فيها الإضلال في الأقل، إذ لم يكن في وجودهم أكثر من ذلك لمكان التركيب، وهذه هي حال الإنسان (ش، م، 236، 10) - إن الموجودات منها صناعية، ومنها طبيعية، ومنها ما ينسب إلى البخت والاتفاق، فالصناعية منها كالكرسي والسرير وبالجملة فكل ما هو من فعل الصناعة. والطبيعية كالحيوان والنبات وكل ما هو من فعل الطبيعية (ش، سط، 37، 7) - تقدّر الموجودات من حيث هي متحرّكة أو يتخيّل فيها إمكان حركة (ش، سط، 75، 21) - لما تصفّحت الموجودات وجد بعضها قوامها إنما هو في هيولى، فجعل النظر في هذا النوع من الموجودات في لواحقها على حدة، وذلك بيّن لمن زاول العلم الطبيعي، ووجد أيضا بعضها ليس يظهر في حدودها الهيولى وإن كانت موجودة في هيولى، وذلك بيّن أيضا لمن نظر في التعاليم (ش، ما، 30، 6) - الموجودات بما هي موجودات ... تقال بتقديم وتأخير (ش، ما، 119، 10) - الموجودات صنفان: صنف إنما أعدّ ليخدم غيره على أنه غايته، وصنف يتمّ غيره ويكمّله على أنه رئيس لا على أنه من أجله. وهذان الصنفان موجودان في الملكات والصنائع الإرادية (ش، ما، 149، 12) 

- أمّا الفلاسفة، فإنّهم ذهبوا إلى أنّ الموجودات من حيث ذواتها، بعضها علّة حقيقيّة لبعض.
و أثبتوا بين الممكنات أيضا تلك العلّية. فكلهم متّفقون على أنّ العلّة الأولى هي واجب الوجود (ط، ت، 305، 4)
موجودات أوّلية
- النفس الكلّية هي فيض فاض من العقل الكلّي الذي هو أول فيض فاض من الباري جلّ وعزّ وهي كلها تسمّى موجودات أولية (ص، ر 3، 228، 10)
موجودات بسائط
- الموجودات البسائط فأسبابها بسائط (ش، سم، 84، 6)
موجودات تحت فلك القمر
- إنّ الموجودات التي تحت فلك القمر نوعان:
بسيطة ومركّبة. فالبسائط هي الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض، والمركّبات هي الموّلدات الكائنات الفاسدات أعني الحيوان والنبات والمعادن (ص، ر 3، 19، 3)
موجودات ثلاثية
- إنّ من الموجودات الثلاثية الهيولى والصورة والمركّب منهما، والجواهر والأعراض والمؤلّف منهما، والروحاني والجسماني والمجموع منهما (ص، ر 3، 204، 19)
موجودات جزئية
- الموجودات الجزئيات دائمة في الكون متوجّهة نحو التمام لأنّها تبتدئ بالكون من أنقص الوجود متوجّهة إلى أتمّ الوجود ومن أدون الأحوال مترقية إلى أشرفها وأتمّها (ص، ر 3، 49، 20)
موجودات جسمانية
- إنّ الموجودات الجسمانية لكل واحد منها أربع علل: علّة فاعلة، وعلّة صورية، وعلّة تمامية، وعلّة هيولانية، مثال ذلك السرير فإنّه أحد الموجودات الجسمانية له أربع علل: فعلّته الفاعلة النجار، والهيولانية الخشب، والصورية التربيع، والتمامية القعود عليه (ص، ر 3، 233، 1)
موجودات حادثة
- الموجودات المحدثة لها أربعة أسباب: فاعل، ومادة، وصورة، وغاية ... وكذلك كونها ضرورية في وجود المسبّبات وبخاصته التي هي جزء من الشيء المسبّب، أعني التي سمّاها قوم مادة وقوم شرطا ومحلّا، والتي يسمّيها قوم صورة، وقوم صفة نفسية (ش، ته، 291، 19) - إن الموجودات الحادثة منها ما هي جواهر وأعيان، ومنها ما هي حركات وسخونة وبرودة، وبالجملة أعراض. فأما الجواهر والأعيان فليس يكون اختراعها إلا عن الخالق سبحانه. وما يقترن بها من الأسباب فإنما يؤثّر في أعراض تلك الأعيان لا في جواهرها. مثال ذلك أن المنيّ إنما يفيد من المرأة أو دم الطمث حرارة فقط. وأما خلقة الجنين ونفسه التي هي الحياة فإنما المعطي لها اللّه تبارك وتعالى (ش، م، 230، 17)
موجودات خارجية
- الموجودات الخارجية متشخّصة بموادّها (خ، م، 430، 12) - إنّ الموجودات الخارجية، كل واحد منها متميّز عن كل ما عداه ومباين له. وأنّ بينها مشاركات بوجوه، على مراتب متفاوتة في العموم والخصوص (ط، ت، 184، 4)
موجودات ضرورية بالحقيقة
- الموجودات الضرورية بالحقيقة هي التي هي ضرورية بذاتها ومن غير علّة. ولذلك كان قولنا في رسم الضروري إنه الذي لا يمكن أن يكون بنوع آخر. وينقسم قسمين: أحدهما ما لا يمكن أن يكون بنوع آخر من قبل ذاته وهو هو الضروري المطلق وهو الذي يعبّر عنه قوم في زماننا بواجب الوجود. والنوع الثاني ما هو كذلك من قبل غيره وهذا هو الذي يقال فيه عند قوم إنه واجب وضروري من قبل غيره (ش، ت، 520، 18)
موجودات طبيعية
- الموجودات الطبيعية: إما أن يوجد مبدأ جميع ضروب التغاير في واحد منها، أو يوجد بعضها في بعض. مثال ذلك الحيوان فإنه يوجد فيه مبادئ جميع ضروب التغاير الأربعة، أعني النقلة والنمو والاستحالة والكون والفساد (ش، سط، 37، 14)
موجودات في الأعيان
- الموجودات في الأعيان ... الموجود منها:
إما أن يكون موجودا بذاته وعن ذاته، وإما أن يكون وجوده وجب عن غيره ولم يجب له بذاته. وهذه قسمة عقلية تعتبر في الأذهان في كل موجود ولا يخرج عنها موجود وإن لم تتحقّق المعرفة بتفاصيلها في الموجودات (بغ، م 2، 22، 10)
موجودات في العالم
- إذا تؤمّلت جميع الموجودات التي في العالم وجدت قد رتّبت كلّها على وتيرة واحدة بل بعضها في ذلك أكثر من بعض مثل الجمال في السابح من الحيوان والطائر والنبات (ش، ت، 1713، 3)
موجودات في النفس
- إنه ليس يقال في الموجودات التي ليست خارج النفس إنها موجودة بإطلاق وإنما يقال فيها إنها موجودة في النفس المفكّرة أو النفس الشهوانية. وأما أن يقال إنها موجودة كما يقال في المتحرّكة فلا (ش، ت، 1138، 3)
موجودات كلّية
- الموجودات الكلّية الدائمة الوجود والبقاء لأنّها ابتدأت في الترتيب من أشرفها وأتمّها إلى أدونها وأنقصها (ص، ر 3، 49، 18)
موجودات ليست في مادة
- لما تقرّر أنه لا فرق بين العلم والمعلوم إلّا أن المعلوم في مادة والعلم ليس في مادة وذلك في كتاب النفس، فإذا وجدت موجودات ليست في مادة وجب أن يكون جوهرها علما أو عقلا أو كيف شئت أن تسميها، وصحّ عندهم (الفلاسفة) أن هذه المبادئ مفارقة للمواد من قبل أنها التي أفادت الأجرام السماوية والحركة الدائمة التي لا يلحقها فيها كلال ولا تعب، وأن كل ما يفيد حركة دائمة بهذه الصفة فإنه ليس جسما ولا قوة في جسم، وأن الجسم السماوي إنما استفاد البقاء من قبل المفارقات، و صح عندهم أن هذه المبادئ المفارقة وجودها مرتبط بمبدإ أول فيها، ولو لا ذلك لم يكن هاهنا نظام موجود (ش، ته، 116، 4)
موجودات متحرّكة
- إن تلازم الحركة والزمان صحيح. وإن الزمان هو شيء يفعله الذهن في الحركة لأنه ليس يمتنع وجود الزمان إلّا مع الموجودات التي لا تقبل الحركة. أما وجود الموجودات المتحرّكة، أو تقدير وجودها، فيلحقها الزمان ضرورة، فإنه ليس هاهنا إلّا موجودان: موجود يقبل الحركة، وموجود ليس يقبل الحركة.
و ليس يمكن أن ينقلب أحد الموجودين إلى صاحبه إلّا لو أمكن أن ينقلب الضروري ممكنا. فلو كانت الحركة غير ممكنة، ثم وجدت لوجب أن تنقلب طبيعة الموجودات التي لا تقبل الحركة إلى طبيعة التي تقبل الحركة، وذلك مستحيل (ش، ته، 63، 7)
موجودات متغيّرة
- الموجودات المتغيّرة من ضرورة وجودها الزمان والمكان (ش، سط، 45، 11)
موجودات متقابلة
- إنّما يمكن أن توجد الموجودات المتقابلة على أحد ثلاثة أوجه: إمّا في وقتين أو في وقت واحد من جهتين مختلفتين. أو أن يكون شيئان يوجد كلّ واحد منهما وجودا مقابلا لوجود الآخر. والشيء الواحد إنّما يمكن أن يوجد الوجودين المتقابلين بوجهين فقط إمّا في وقتين أو من جهتين مختلفتين (ف، سم، 57، 8) - الموجودات المتقابلة إنّما تكون بالصور المتضادّة. وحصول الشيء على أحد المتضادّين هو وجوده على التحصيل. والذي به يمكن أن يوجد الوجودين المتضادّين هو المادّة. فبالمادّة يكون وجوده الذي يكون له على غير تحصيل وبالصورة يكون وجوده المحصّل. فله وجودان: وجود محصّل بشيء ما ووجود غير محصّل بشيء آخر (ف، سم، 57، 12)
موجودات محسوسة
- لو كانت الموجودات المحسوسة بسيطة لما تكوّنت ولا فسدت إلّا لو تعلّق فعل الفاعل أولا وبالذات بالعدم، وإنما يتعلّق فعل الفاعل بالعدم بالعرض، وثانيا، وذلك بنقله المفعول من الوجود الذي بالفعل إلى وجود آخر فيلحق عن هذا الفعل العدم مثل تغيّر النار إلى الهواء فإنه يلحق ذلك عدم النار. وهكذا هو الأمر عند الفلاسفة في الوجود والعدم (ش، ته، 95، 21) - جميع الموجودات المحسوسة مؤلّفة من مادة وصورة (ش، ما، 65، 22) - الموجودات المحسوسة كلّها مشروطة بوجود المدرك الحسّي بل والموجودات المعقولة والمتوهّمة أيضا مشروطة بوجود المدرك العقلي (خ، م، 374، 10)
موجودات معقولة
- الموجودات المحسوسة كلّها مشروطة بوجود المدرك الحسّي بل والموجودات المعقولة والمتوهّمة أيضا مشروطة بوجود المدرك العقلي (خ، م، 374، 11)
موجودات ممكنة
- الموجودات الممكنة هي الموجودات المتأخّرة التي هي أنقص وجودا وهي مختلطة من وجود ولا وجود (ف، سم، 56، 13) - الموجودات الممكنة على مراتب: فأدناها مرتبة ما لم يكن له وجود محصّل ولا بواحد من الضدّين، وتلك هي المادّة الأولى. والتي في المرتبة الثانية ما حصلت لها وجودات بالأضداد التي تحصل في المادّة الأولى- وهي الأسطقسّات. وهذه إذا حصلت موجودة بصور ما، حصل لها بحصول صورها إمكان أن توجد وجودات أخر متقابلة أيضا، فتصير موادّ لصور أخر. حتى إذا حصلت لها أيضا تلك الصور، حدث لها بالصور الثواني إمكان أن توجد أيضا وجودات أخر متقابلة بصور متضادّة أخر (ف، سم، 58، 3) - الموجودات الممكنة لمّا لم يكن لها في أنفسها كفاية في أن تسعى من تلقاء أنفسها إلى ما بقي عليها من الوجودات، إذ كانت إنّما أعطيت المادّة الأولى فقط، ولا إذا حصل لها وجود كان فيها كفاية أن تحفظ وجوداتها على أنفسها، ولا أيضا إذا كان لها قسط وجود عند ضدّها أمكنها من تلقاء نفسها أن تسعى لاستيفائه (ف، سم، 60، 3)
موجودات ممكنة الوجود
- إن الموجودات الممكنة الوجود في جوهرها خروجها من القوة إلى الفعل إنما يكون ضرورة من مخرج هو بالفعل، أعني فاعلا يحرّكها ويخرجها من القوة إلى الفعل (ش، ته، 223، 1)
موجودات هيولانية
- الأسطقسّات غير كائنة بكلّها كائنة بأجزائها، وذلك أنواع الموجودات الهيولانية (ج، ر، 107، 12)
موجودان
- تقدّم أحد الموجودين على الآخر، أعني الذي ليس يلحقه الزمان، ليس تقدّما زمانيا، ولا تقدّم العلّة على المعلول اللذين هما من طبيعة الموجود المتحرّك، مثل تقدّم الشخص على ظله. ولذلك كل من شبّه تقدّم الموجود الغير متحرّك على المتحرّك بتقدّم الموجودين المتحرّكين أحدهما على الثاني، فقد أخطأ.
و ذلك أن كل موجودين من هذا الجنس، هو الذي إذا اعتبر أحدهما بالثاني صدق عليه أنه:
إما أن يكون معا، وإما متقدّما عليه بالزمان، أو متأخّرا عنه. والذي سلك هذا المسلك من الفلاسفة هم المتأخّرون من أهل الإسلام، لقلة تحصيلهم لمذهب القدماء. فإذن تقدّم أحد الموجودين على الآخر هو تقدّم الوجود الذي هو ليس بمتغيّر، ولا في زمان، على الوجود المتغيّر الذي في الزمان، وهو نوع آخر من التقدّم. وإذا كان ذلك كذلك، فلا يصدق على الوجودين لا أنهما معا، ولا أن أحدهما متقدّم على الآخر (ش، ته، 59، 18)











مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید