المنشورات

نظام وترتيب الموجودات

- لما قايسوا (الفلاسفة) بين هذه العقول المفارقة وبين العقل الإنساني رأوا أن هذه العقول أشرف من العقل الإنساني وإن كانت تشترك مع العقل الإنساني في أن معقولاتها هي صور الموجودات، وأن صورة واحد واحد منها هو ما يدركه من صور الموجودات ونظامها. لكن الفرق بينهما أن صور الموجودات هي علّة للعقل الإنساني، إذا كان يستكمل بها على جهة ما يستكمل الشيء الموجود بصورته، وأما تلك فمعقولاتها هي العلّة في صور الموجودات، وذلك أن النظام والترتيب في الموجودات إنما هو شيء تابع ولازم للترتيب الذي في تلك العقول المفارقة، وأما الترتيب الذي في العقل الذي فينا فإنما هو تابع لما يدركه من ترتيب الموجودات ونظامها، ولذلك كان ناقصا جدا لأن كثيرا من الترتيب والنظام الذي في الموجودات لا يدركه العقل الذي فينا (ش، ته، 130، 28) - المبادئ المفارقة ترجع إلى مبدأ واحد مفارق هو السبب في جميعها، وأن الصور التي في هذا المبدأ والنظام والترتيب الذي فيه هو أفضل الوجودات التي للصور والنظام والترتيب الذي في جميع الموجودات، وأن هذا النظام والترتيب هو السبب في سائر النظامات والترتيبات التي فيما دونه، وأن العقول تتفاضل في ذلك بحسب حالها منه في القرب والبعد (ش، ته، 131، 19) - إذا لم يكن هاهنا نظام ولا ترتيب لم يكن هاهنا دلالة على أن لهذه الموجودات فاعلا مريدا عالما، لأن الترتيب والنظام وبناء المسبّبات على الأسباب هو الذي يدلّ على أنها صدرت عن علم وحكمة (ش، م، 202، 19) 

- لا فاعل إلّا اللّه هو مفهوم يشهد له الحس والعقل والشرع. أما الحس والعقل فإنه يرى أن هاهنا أشياء تتولّد عنها أشياء، وأن النظام الجاري في الموجودات إنما هو من قبل أمرين:
أحدهما ما ركّب اللّه فيها من الطبائع والنفوس.
الثاني من قبل ما أحاط بها من الموجودات من خارج. وأشهر هذه هي حركات الأجرام السماوية، فإنه يظهر أن الليل والنهار والشمس والقمر وسائر النجوم مسخّرات لنا، وأنه لمكان النظام والترتيب الذي جعله الخالق في حركاتها كان وجودنا ووجود ما هاهنا محفوظا بها، حتى أنه لو توهّم ارتفاع واحد منها، أو توهّم في غير موضعه، أو على غير قدره، أو في غير السرعة التي جعلها اللّه فيه، لبطلت الموجودات التي على وجه الأرض، وذلك بحسب ما جعل اللّه في طباعها من ذلك وجعل في طباع ما هاهنا أن تتأثّر عن تلك. وذلك ظاهر جدا في الشمس والقمر، أعني تأثيرهما فيما هاهنا (ش، م، 229، 10)











مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید