المنشورات

نفس ناطقة

- أما القوى الطبيعية والأخلاق الغريزية التي تشبه القبائل والشعوب فهي ثلاثة أجناس: فمنها قوى النفس النباتية ونزعاتها وشهواتها فضائلها و رذائلها ومسكنها الكبد وأفعالها تجري مجرى الأوراد إلى سائر أطراف الجسد. ومنها قوى النفس الحيوانية وحركاتها وأخلاقها وحواسها وفضائلها ورذائلها ومسكنها القلب وأفعالها تجري مجرى العروق الضوارب إلى سائر أطراف الجسد. ومنها قوى النفس الناطقة وتمييزاتها ومعارفها وفضائلها ورذائلها ومسكنها الدماغ وأفعالها تجري مجرى الأعصاب إلى سائر أطراف الجسد (ص، ر 2، 325، 15) - إنّ النفوس المتجسّدة لما كانت ثلاثة أنواع كما قالت الحكماء والفلاسفة صارت معشوقاتها أيضا ثلاثة أنواع: فمنها النفس النباتية الشهوانية وعشقها يكون نحو المأكولات والمشروبات والمناكح، ومنها النفس الغضبية الحيوانية وعشقها يكون نحو القهر والغلبة وحب الرئاسة، ومنها النفس الناطقة وعشقها يكون نحو المعارف واكتساب الفضائل (ص، ر 3، 263، 8) - من أتمّ حالات النفس الناطقة أن تكون موجودة أبدا مدركة لحقائق الأشياء متصوّرة لها ملتذّة بها مسرورة فرحانة بلا عائق ولا تنغيص (ص، ر 3، 270، 20) - إنّ العقل للإنسان- إذا تبيّن- ليس هو شيء سوى النفس الناطقة إذا تصوّرت رسوم المحسوسات في ذاتها ميّزت بفكرها بين أجناسها وأنواعها وأشخاصها، وعرفت جواهرها وأعراضها، وجرّبت أمور الدنيا واعتبرت تصاريف الأيام بين أهلها (ص، ر 3، 394، 10) - من الحيوان الإنسان: يختصّ بنفس إنسانية تسمّى نفسا ناطقة، إذ كان أشهر أفعالها وأوّل آثارها الخاصّة بها النطق. وليس يعنى بقولهم (الفلاسفة): نفس ناطقة أنّها مبدأ المنطق فقط، بل جعل هذا اللفظ لقبا لذاتها (س، ع، 40، 17) - أما الذي يخصّها (النفس الناطقة) - وهو الإدراك- فهو التصوّر للمعاني الكلّية (س، ع، 41، 10) - الشيء في الإنسان الذي تصدر عنه هذه الأفعال (المدركة) يسمّى نفسا ناطقة، وله قوّتان:
إحداهما معدّة نحو العمل ووجهها إلى البدن وبها يميّز بين ما ينبغي أن يفعل وبين ما لا ينبغي أن يفعل، وما يحسن ويقبح من الأمور الجزئية- ويقال له العقل العمليّ، ويستكمل في الناس بالتجارب والعادات، والثانية قوّة معدّة نحو النظر والعقل الخاص بالنفس ووجهها إلى فوق، وبها ينال الفيض الإلهي.
و هذه القوة قد تكون بعد بالقوة لم تفعل شيئا ولم تتصوّر، بل هي مستعدّة لأن تعقل المعقولات، بل هي استعداد ما للنفس نحو تصوّر المعقولات- وهذا يسمّى العقل بالقوة والعقل الهيولاني. وقد تكون قوة أخرى أخرج منها إلى الفعل، وذلك بأن تحصل للنفس المعقولات الأولى على نحو الحصول الذي نذكره، وهذا يسمّى العقل بالملكة. ودرجة ثالثة هي أن تحصل للنفس المعقولات المكتسبة فتحصل النفس عقلا بالفعل، ونفس تلك المعقولات تسمّى عقلا مستفادا. ولأنّ كل ما يخرج من القوة إلى الفعل فإنّما يخرج بشيء يفيده تلك الصورة، فإذن العقل بالقوة إنّما يصير عقلا بالفعل بسبب يفيده المعقولات ويتّصل به أثره، وهذا الشيء هو الذي يفعل العقل فينا. وليس شيء من الأجسام بهذه الصفة. فإذن هذا الشيء عقل بالفعل وفعّال فينا فيسمّى عقلا فعّالا، وقياسه من عقولنا قياس الشمس من أبصارنا (س، ع، 42، 15) - أما النفس الناطقة الإنسانية فتنقسم قواها إلى قوة عاملة وقوة عالمة. وكل واحدة من القوتين تسمّى عقلا باشتراك الاسم أو تشابهه (س، شن، 37، 7) - إنّ القوى الحيوانية تعين النفس الناطقة في أشياء منها: أن يورد الحسّ من جملتها عليها الجزئيات فتحصل لها من الجزئيات أمور أربعة: أحدها انتزاع الذهن الكليات المفردة عن الجزئيات على سبيل تجريد لمعانيها عن المادة وعلائق المادة ولواحقها ... والثاني إيقاع النفس مناسبات بين هذه الكليات المفردة على مثل سلب أو إيجاب ... والثالث تحصيل المقدمات التجربية، وهو أن نجد بالحسّ محمولا لازم الحكم لموضوع ما كان حكمه إيجابا أو سلبا أو تاليا موجب الاتصال أو مسلوبه أو موجب العناد أو مسلوبه ...
و الرابع الأخبار التي يقع بها التصديق لشدّة التوتر (س، شن، 197، 4) - عند (النفس) الناطقة يقف ترتّب وجود الجواهر العقلية، وهي المحتاجة إلى الاستكمال بالآلات البدنية، وما يليها من الإضافات العالية (س، أ 2، 238، 1) - لما كانت النفس الناطقة التي هي موضوع ما للصور المعقولة، غير منطبعة في جسم تقوم به، بل إنّما هي ذات آلة بالجسم، فاستحالة الجسم عن أن يكون آلة لها، وحافظا للعلاقة معها بالموت، لا يضرّ جوهرها، بل يكون باقيا بما هو مستفيد الوجود من الجواهر الباقية (س، أ 2، 242، 3) - إذا كانت النفس الناطقة قد استفادت ملكة الاتصال بالعقل الفعّال، لم يضرها فقدان الآلات، لأنّها تعقل بذاتها ... لا بآلتها (س، أ 2، 244، 3) - إنّ النفس الناطقة، إذا عقلت شيئا، فإنّما تعقل ذلك الشيء باتّصالها بالعقل الفعّال (س، أ 2، 270، 3) - من الحيوان الإنسان يختصّ بنفس إنسانية تسمّى نفسا ناطقة إذ كان أشهر أفعالها وأول آثارها الخاصة بها النطق. وليس يعنى بقولهم (الفلاسفة) النفس الناطقة أنّها مبدأ النطق فقط، بل جعل هذا اللفظ لفظا يدلّ به على ذاتها. ولها خواص منها ما هو من باب الإدراك ومنها ما هو من باب الفعل ومنها ما هو من باب الانفعال (س، ر، 31، 4) - إنّ في الإنسان قوة تباين به سائر الحيوان وغيره وهي المسمّاة بالنفس الناطقة وهي موجودة في جميع الناس على الإطلاق (س، ر، 121، 10) - أما النفس الناطقة الإنسانية فتنقسم قواها أيضا إلى قوة عاملة، وقوة عالمة. وكل واحدة من القوتين تسمّى عقلا باشتراك الاسم (س، ف، 63، 1) - إنّ النفس الناطقة كمالها الخاص بها أن تصير عالما عقليّا مرتسما فيها صورة الكل، والنظام المعقول في الكل، والخير الفائض في الكل، مبتدئا من مبدأ الكل، وسالكا إلى الجواهر الشريفة التي هي مبدأ لها الروحانية المطلقة، ثم الروحانية المتعلقة نوعا ما في الأبدان، ثم الأجسام العلوية بهيئاتها وقواها، ثم كذلك حتى تستوفي في نفسها هيئة الوجود كله، فتنقلب عالما معقولا موازيا للعالم الموجود كله، مشاهدا لما هو الحسن المطلق، والخير المطلق، والجمال الحق، ومتّحدا به، ومنتقشا بمثاله وهيئته، ومنخرطا في سلكه، وصائرا في جوهره (س، ف، 130، 10) 

- لا شكّ أنّ نوع الحيوان الناطق يتميّز من غير الناطق بقوة بها يتمكّن من تصوّر المعقولات، وهذه القوة هي المسمّاة بالنفس النطقية. وقد جرت العادة بتسميتها العقل الهيولاني، أي العقل بالقوة، تشبيها لها بالهيولى. وهذه القوة في النوع الإنساني كافة. وليس لها في ذاتها شيء من الصور المعقولة، بل يحصل فيها ذلك بضربين من الحصول، أحدهما بإلهام إلهي من غير تعلّم ولا استفادة من الحواس، كالمعقولات البديهية، مثل اعتقادنا أنّ الكل أعظم من الجزء، وأنّ النقيضين لا يجتمعان في شيء واحد معا، فالعقلاء البالغون مشتركون في نيل هذه الصور. والثاني باكتساب قياسي، واستنباط برهاني، كتصوّر الحقائق المنطقية، مثل الأجناس والأنواع، والفصول والخواص، والألفاظ المفردة والمركّبة بالضروب المختلفة من التركيب، والقياسات المؤلّفة الحقيقية والكاذبة (س، ف، 168، 4) - النفس الناطقة إذا أقبلت على العلوم سمّي فعلها عقلا، وسمّيت بحسبه عقلا نظريّا (س، ف، 170، 19) - الجوهر الذي تحلّ فيه الصورة العقلية الكلّية جوهر روحاني غير موصوف بصفات الأجسام، وهو الذي نسمّيه بالنفس الناطقة (س، ف، 174، 3) - إنّ الإنسان مختصّ من بين سائر الحيوانات بقوة درّاكة للمعقولات، تسمّى تارة نفسا ناطقة، وتارة نفسا مطمئنّة، وتارة نفسا قدسية، وتارة روحا روحانية، وتارة روحا أمريّا، وتارة كلمة طيّبة، وتارة كلمة جامعة فاصلة، وتارة سرّا إلهيّا، وتارة نورا مدبّرا، وتارة قلبا حقيقيّا، وتارة لبّا، وتارة نهى، وتارة حجى (س، ف، 195، 9) - أما النفس الناطقة الإنسانية فتنقسم قواها أيضا إلى قوة عاملة وقوة عالمة وكل واحدة من القوتين تسمّى عقلا باشتراك الاسم (س، ن، 163، 20) - إنّ محل المعقولات أعني النفس الناطقة ليس بجسم (س، ن، 183، 9) - النفس الناطقة فيه (الإنسان) كالأمير يدبّر ويسوس ويرعى ويأمر وينهى ويمحو ما يشاء ويثبت، وهي خليفة اللّه في الأرض البدن، وحكمة اللّه على القالب الكثيف، وحجّة اللّه على العبد الضعيف، وصراط اللّه الممدود بين البهيمية التي هي الشرّ المحض، وبين الملائكية التي هي الخير الصرف (غ، ع، 37، 6) - أمّا النفس الناطقة، فلبعدها عن الهيولى تبقى بحال واحدة لا ضدّ عندها إلّا أنّها تتكثّر (ج، ر، 141، 6) - إنّ من القوى السارية في الأجسام الفعّالة فيها ما يفعل أفعالها ويحرّك على نهج واحد إلى جهة واحدة من غير شعور ولا معرفة وهي الطبيعة. ومنها ما يحرّك إلى جهات مختلفة من غير رويّة ولا معرفة ولا شعور أيضا وهي النفس النباتية. ومنها ما يحرّك إلى جهات مختلفة وعلى أنحاء متفنّنة مع شعور ومعرفة ورويّة وهي النفس الحيوانية، ولبعض هذه الإحاطة بحقائق الموجودات على سبيل الفكرة والبحث وهي النفس الناطقة الإنسانية. ومنها ما يفعل ويحرّك على سنن واحد بإرادة متّجهة على سنّة واحدة لا تتعدّاها مع معرفة ورويّة وتسمّى نفسا سمائية (بغ، م 1، 302، 9) - النفس الناطقة التي هي عقل الإنسان تعقل ذاتها (بغ، م 1، 357، 14) - إنّ النفس الناطقة التي هي محل المعقولات ولو كانت قوة جسمانية لحلّت معقولاتها الجسم الذي هو محلّها فامتنع عليها إدراك المتضادّين وجمعهما في التصوّر معا، ونفس الإنسان تعقل المتضادّين معا وتقيس أحدهما إلى الآخر وتحكم عليهما (بغ، م 1، 357، 16) - إنّ النفس الناطقة أيضا تعلم العلم المجرّد الكلّي الذي لا ينقسم، فلو كانت جسمانية لقد كان العلم الكلّي يحلّ محلّها الذي هو الجسم المنقسم وما لا ينقسم لا يحلّ في منقسم (بغ، م 1، 357، 21) - قالوا (الفلاسفة) إنّ النفس الناطقة التي هي نفس الإنسان هي عقل هيولاني وعقل بالقوة ومن شأنها أن تصير عقلا بالفعل إذا تصوّرت بصور المعلومات وقبل ذلك فهي نفس محرّكة للبدن، فكأنهم سمّوها عقلا هيولانيّا لكونها تكتسب الصور بعد ما لم تكن حاصلة لها وفيها (بغ، م 2، 142، 13) - إذا ظهر أن الإنسان خلق من أجل أفعال مقصودة به، فظهر أيضا أن هذه الأفعال يجب أن تكون خاصة، لأنّا نرى أن واحدا واحدا من الموجودات إنما خلق من أجل الفعل الذي يوجد فيه، لا في غيره، أعني الخاص به. وإذا كان ذلك كذلك فيجب أن تكون غاية الإنسان في أفعاله التي تخصّه دون سائر الحيوان، وهذه أفعال النفس الناطقة. ولما كانت النفس الناطقة جزءين: جزء عملي وجزء علمي، وجب أن يكون المطلوب الأول منه هو أن يوجد على كماله في هاتين القوتين، أعني الفضائل العملية والفضائل النظرية، وأن تكون الأفعال التي تكسب النفس هاتين الفضيلتين هي الخيرات والحسنات، والتي تعوقها هي الشرور والسيئات (ش، م، 240، 11) - النفس الناطقة ... يظنّ بها من بين قوى النفس أنها تفارق (ش، ن، 33، 14) - وجود النفس الناطقة أيضا في هيولى هو من جهة الضرورة، فنسبة النفس الناطقة هنا إلى ما دونها من الصور هي نسبة الناطقة إلى العقل المستفاد ونسبة الحاسة ونسبة المتشابهة الأجزاء إلى الغاذية هي نسبة الهيولى أيضا إلى الصورة، وهي بعينها نسبة صور المتشابهة الأجزاء إلى الاسطقسّات من الإنسان (ش، ما، 168، 17) - النفس الناطقة جوهر بسيط ولو كان مركّبا من مقوّمات فلا تبلغ كثرتها إلى أن تساوي كثرة أفاعيلها الغير المتناهية (ر، م، 352، 9) - إنّ النفس الناطقة هي المحل للتعقّلات والإدراكات الكلّية. والسبب الفياض لتلك الإدراكات جوهر مفارق مجرّد عن المادة ولواحقها (ر، م، 354، 21) - النفس الناطقة غنيّة في أفعالها عن البدن فتكون غنيّة في ذاتها عنه (ر، ل، 108، 19) - إنّ النفس الناطقة للإنسان إنّما توجد فيه بالقوة، وإنّ خروجها من القوة إلى الفعل إنّما هو بتجدّد العلوم والإدراكات عن المحسوسات أولا ثم ما يكتسب بعدها بالقوة النظرية إلى أن يصير إدراكا بالفعل وعقلا محضا فتكون ذاتا روحانية ويستكمل حينئذ وجودها (خ، م، 339، 24) - النفس الناطقة هي الجوهر المجرّد عن المادّة في ذواتها مقارنة لها في أفعالها وكذا النفوس الفلكيّة. فإذا سكنت النفس تحت الأمر وزائلها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سمّيت مطمئنّة، وإذا لم يتمّ سكونها ولكنّها صارت موافقة للنفس الشهوانيّة ومتعرّضة عليها سمّيت لوّامة لأنّها تلوم صاحبها عن تقصيرها في عبادة مولاها وإن تركت الاعتراض، وإذا عنت و أطاعت لمقتضى الشهوات ودواعي الشيطان سمّيت أمّارة (جر، ت، 263، 19) - قالوا (الفلاسفة): النفس الناطقة للإنسان، لكونها في جوهرها من عالم التجرّد، كان ينبغي لها أن ينتقش فيها صور الكائنات، كما في النفوس الفلكية. لكن لانهماكها في التفكّر فيما تورده الحواس عليها من المشتهيات والمستكرهات، وفرط اشتغالها بجذب الأولى ودفع الثانية، خلت عنها (ط، ت، 292، 7) - استدلّوا (الفلاسفة) على أنّ النفس الناطقة الإنسانية مجرّدة بوجوه: بعضها يدلّ على أنّها ليست هي البدن ولا جزءا منه، ولا المزاج، إذ كل واحد منها ممّا توهّمه بعض. وبعضها يدلّ على أنّها ليست جسما ولا جسمانية مطلقا (ط، ت، 323، 4)












مصادر و المراجع :

١- موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب

المؤلف: جيرار جهامي (معاصر)

عدد الأجزاء: 1

الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

الطبعة: الأولى/ 1998 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید