المنشورات

مذهب نيايا

منطق هندي
أول المذاهب "البرهمية" بالترتيب المنطقي للتفكير الهندي (لأننا لا ندري في يقين ترتيبه الزمني، وكل المذاهب في أجزائها الجوهرية متعاصرة) مجموعة من النظريات المنطقية تمتد إلى ألفي عام؛ فكلمة (نيايا) معناها تدليل، أو طريقة لهداية العقل حتى ينتهي إلى نتيجة، وأهم نصوصه هو النص المسمى (سوترا نيايا) الذي يعزى في غير تأكيد الواثق إلى رجل يسمى (جوتاما) عاش في زمن يختلف فيه المؤرخون، وتتراوح تقديراتهم بين القرن الثالث قبل المسيح والقرن الأول بعده (63)، ويفصح جوتاما عن الغاية من مؤلفه فيقول - كما يقول كل مفكري الهنود - إنها تحقيق النرفانا، أو الخلاص من طغيان الشهوات، وإنما تتحقق هذه الغاية في مجال المنطق بالتفكير الواضح المتسق؛ لكنا نشك في أن غايته المباشرة كانت هداية الحائرين في الصراع الذي كان يقوم به المتناظرين من فلاسفة الهنود؛ فهو يصوغ لهم مبادئ الحِجَاج، ويعرض عليهم أحابيل النقاش، ويحصر المغالطات الشائعة في التفكير؛ وتراه - كأنما هو أرسطو آخر - يلتمس بناء التدليل العقلي في طريقة القياس، ويجد عقدة كل تدليل في الحد الأوسط من حدود القياس (1) وكذلك تراه - كأنما هو جيمس آخر أو ديوى آخر، يعتبر المعرفة والفكر أداتين عمليتين ووسيلتين فعالتين يستخدمها الإنسان في إشباع حاجاته وقضاء إرادته، ومقياس صحتهما هو قدرتهما على الوصول إلى فعل ناجح (64) فهو واقعي، ولا شأن له قط بالفكرة السامية التي تزعم أن العالم ينعدم وجوده إذا لم يعد هناك من يدركه، والظاهر أن أسلاف جوتاما في مذهب نيايا كانوا ملاحدة، وأما أتباعه فقد شغلوا أنفسهم بنظرية المعرفة (65) وكانت مهمته أن يقدم للهند دستوراً جديداً للبحث والتفكير، وقاموساً غنياً بالألفاظ الفلسفية.













مصادر و المراجع :

١- قصة الحضارة

المؤلف: وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م)

تقديم: الدكتور محيي الدّين صَابر

ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين

الناشر: دار الجيل، بيروت - لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس

عام النشر: 1408 هـ - 1988 م

عدد الأجزاء: 42 وملحق عن عصر نابليون

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید