المنشورات

الخطر الأبيض

النزاع بين آسية وأوربا - البرتغاليون - الأسبان - الهولنديون -
الإنجليز - تجارة الأفيون - حروب الأفيون - فتنة بنج تاي - منج-
حرب اليابان - محاولة تمزيق الصين- "الباب المفتوح" - الإمبراطورة
الوالدة - إصلاحات كوانج شو - عزله - الملاكون - الغرامة الحربية
اتخذت هذه القوى شكل الانقلاب الصناعي. فقد نشطت أوربا وتجدد شبابها على أثر كشف القوى الآلية واستخدامها في صنع الآلات ومضاعفة الإنتاج. وما لبثت أوربا أن وجدت نفسها قادرة على إنتاج سلع أرخص من التي تنتجها أية أمة أو قارة ظلت تعتمد على الصناعات والحرف اليدوية. وعجزت أوربا عن تصريف منتجات آلاتها بين سكانها، لأنها كانت تؤدي لعمالها أجوراً أقل بعض الشيء من القيمة الكاملة لجهودهم، واضطرت من أجل ذلك إلى البحث عن أسواق خارجية لتصرف فيها ما زاد من منتجاتها على حاجتها، فكان لا بد لها أن تستعمر ودفعها الاستعمار إلى الحروب. وأصبح القرن التاسع عشر بحكم الظروف القائمة فيه وبدافع الاختراعات الكثيرة التي تعاقبت في خلاله لا ينقطع فيه النظام بين ما كان في آسية من حضارة قديمة ناضجة منهوكة، وما قام في أوربا الصناعية من حضارة فتية، قوية منهومة. 

وكان الانقلاب التجاري الذي حدث في أيام كولمب هو الذي أفسح الطريق ومهد السبيل للانقلاب الصناعي. فقد كشف الرحالة عن أراضي قديمة، وفتحوا ثغوراً جديدة، ونقلوا إلى الثقافات القديمة منتجات الغرب وأفكاره. وكان البرتغاليون المغامرون في أوائل القرن السادس عشر قد استولوا على جزائر ملقا، وكانوا من قبل قد ثبتوا أقدامهم في بلاد الهند، ثم طافوا حول شبه جزيرة الملايو، ووصلوا بسفائنهم الجميلة ومدافعهم الرهيبة إلى كانتون (1517).
وكان أولئك القادمون خلقاً متوحشين لا يخضعون لقانون، ويعدون كل الشعوب الشرقية فريسة مشروعة مباحة لهم، ولم يكونوا يفترقون إلا قليلاً عن القراصنة .. إن كان بين هؤلاء وبينهم فرق على الإطلاق (1) ... ، وعاملهم الصينيون معاملة القرصان فألقوا بممثليهم في السجون، ورفضوا ما عرضوه عليهم من تجارة حرة، وكثيرا ما طهر الصينيون الغضاب الحانقون الأحياء التي استقر فيها البرتغاليون بذبح ساكنيها. ولكن البرتغاليين أعانوا الصينيين على قتال غيرهم من القرصان، فكان جزاؤهم على هذه المعونة أن منحتهم بيكين حق الإقامة في مكاو وحكمها كأنها ملك لهم، فشادوا في تلك المدينة مصانع كبيرة لصنع الأفيون، وأجازت لهم أن يستخدموا في هذه المصانع الرجال والنساء والأطفال. ودرت عليهم هذه الصناعة أرباحاً عظيمة يكفي لمعرفة مقدارها أن نقول أن مصنعاً واحداً كان يعود على الحكومة البرتغالية التي أنشئت في هذا الإقليم بربح مقداره 000ر560ر1 دولار في كل عام (2).
ثم جاء الأسبان وفتحوا جزائر الفلبين في عام 1571م واستقروا في جزيرة فرموزا الصينية؛ وأعقبهم الهولنديون، وفي عام 1637م أقبلت خمس سفن إنجليزية وصعدت في النهر إلى كانتون وأسكتت بمدافعها القوية المدافع التي قاومتها وأنزلت في المدينة بضائعها (3). وعلم البرتغاليون الصينيين شراء الدخان وشربه، ثم بدأ في مستهل القرن الثامن عشر استيراد الأفيون من الهند إلى الصين. وحرمت الحكومة الصينية على الشعب تعاطي الأفيون، ولكن عادة تعاطيه انتشرت انتشار النار في الهشيم حتى بلغ ما استورد منه إلى الصين في عام 1795م أربعة آلاف صندوق (1). وحرمت الحكومة استيراده في تلك السنة وكررت هذا التحريم في عام 1800م ولجأت إلى المستوردين وإلى الأهلين على السواء تبين لهم ما لهذا المخدر القوي من أثر في إضعاف حيوية الأمة. ولكن تجارة الأفيون لم تنقطع رغم هذا التحريم، ولم تكن رغبة الصينيين في شرائه أقل من رغبة الأوربيين في بيعه، ولم يجد الموظفون حرجاً في تناول الرشاوي التي كانت تقدم إليهم ليتغاضوا عن أوامر التحريم بل كانوا يتقبلونها شاكرين.
وأصدرت حكومة بيكين في عام 1838م أمراً بالتشديد في تنفيذ قرار تحريم استيراد الأفيون، وجاء موظف قوي يدعى لن تزه- شو فأمر من في كانتون من المستوردين الأجانب أن يسلموا ما في مخازنهم منه. فلما أبوا حاصر الأحياء الأجنبية وأرغمهم على أن يسلموه عشرين ألف صندوق من هذا المخدر، ثم أقام في كانتون شبه حفلة أفيونية أتلف فيها هذه الكمية كلها. وعلى أثر هذا انسحب البريطانيون إلى هنج كنج وبدأت "حرب الأفيون" الأولى. وقال الإنجليز إن الحرب لم تكن حرب أفيون، بل كان سببها أنهم غضبوا لما أظهرته الحكومة الصينية من قحة وغطرسة في استقبالها ممثليهم أو برفضها استقبالهم، وما وضعته أمامهم من عقبات في صورة ضرائب باهظة ومحاكم فاسدة مرتشية أقامتها القوانين والعادات الصينية تعطل بها تجارة منظمة مشروعة. وأطلقوا المدافع على المدن الصينية التي كان في وسعهم أن يصلوا إليها من الشاطئ وأرغموا الصين على طلب الصلح باستيلائهم على مصب القناة الكبيرة عند شنكيانج. ولم تذكر معاهدة نانكنج شيئاً عن الأفيون، وتخلت الصين بمقتضاها عن هنج كنج إلى البريطانيين، وأرغمت الصين على تخفيض الضرائب إلى 5%، وفتحت للتجارة الأجنبية خمسة "ثغور معاهدات" (كانتون، وأموي، وفوتشو، وتنجبو، وشنغهاي)، وفرضت على الصين غرامة حربية لتغطية نفقات الحرب وما أتلفته من أفيون، واشترطت أن يحاكم الرعايا البريطانيون في الصين، إذا اتهموا بمخالفة قوانين البلاد، أمام محاكم بريطانية (5). وطلبت عدة دول أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا أن تطبق هذه "الامتيازات الأجنبية" على تجارها ورعاياها المقيمين في الصين وأجيبت إلى طلبها.
وكانت هذه الحرب بداية انحلال النظام القديم. ذلك أن الحكومة خذلت أشد الخذلان في نزاعها مع الأوربيين، فقد سخرت منهم أولاً، ثم تحدتهم بعدئذ، ثم خضعت لهم آخر الأمر، ولم تفد الألفاظ الظريفة المعسولة في إخفاء الحقائق عن الوطنيين المتعلمين أو الأجانب المتربصين.
وسرعان ما ضعف سلطان الحكومة في كل مكان تسربت إليه أخبار هزيمتها، وما لبثت القوى التي كانت من قبل صامتة خاضعة والتي كانت تظل صامتة خاضعة لولا هذه الهزيمة- ما لبثت هذه القوى أن ثارت علناً على حكومة بيكين. من ذلك أن وطنياً متحمساً يدعى هونج سيو- شوان، بعد أن تعلم طرقاً من البروتستنتية وتراءت له بعض الخيالات الوهمية اعتقد في عام 1843م أن الله قد اختاره ليطهر الصين من عبادة الأوثان ويحولها إلى المسيحية. وبعد أن بدأ هونج عمله بهذه الدعوة المتواضعة تزعم آخر الأمر حركة ترمي إلى القضاء على أسرة المنشو الحاكمة وإيجاد أسرة جديدة هي أسرة التاي بنج أي السلم العظيم، وحارب أتباعه حرب الأبطال البواسل يحدوهم التعصب الديني من جهة والرغبة في إصلاح الصين على غرار الدول الأوربية من جهة أخرى، وحطموا الأصنام، وقتلوا المخالفين من الصينيين، وأتلفوا كثيراً من دور الكتب والمجامع العلمية القديمة ومصانع الخزف القائمة في جنج ده- جَن، واستولوا على نانكنج وظلت في أيديهم اثنتي عشرة سنة (1853 - 1865م)، وزحفوا على بيكين وزعيمهم من خلفهم في مأمن من الأعداء منغمس في ترفه وملذاته؛ ولكنهم هزموا وتشتتوا لعجز قادتهم، وارتدوا إلى أحضان إخوانهم مئات الملايين الصينيين (6).
وبينما كانت فتنة تاي- بنج الصماء تمزق الصين وتقطع أوصالها اضطرت الحكومة إلى مواجهة أوربا مرة أخرى في "حرب الأفيون" الثانية (1856 - 1860م). وكان سببها أن بريطانيا العظمى، تعاونها فرنسا والولايات المتحدة معاونة تقوى تارة وتضعف تارة أخرى، طلبت إلى الصين أن تجعل تجارة الأفيون تجارة مشروعة (وكانت هذه التجارة قد ظلت قائمة بين الحربين رغم ما صدر من الأوامر بتحريمها)، وأن تسمح لها بالدخول في مدن جديدة غير التي كانت قد سمح لها بدخولها، وأن يستقبل الرسل الغربيون بما يليق بهم من التكريم في بلاط بيكين. فلما رفض الصينيون هذه المطالب استولى البريطانيون والفرنسيون على كانتون، وأرسلوا حاكمها مقيداً بالأغلال إلى الهند، واقتحموا حصون تينتسين وزحفوا على العاصمة، ودمروا القصر الصيفي انتقاماً لما نال مبعوثي الحلفاء من تعذيب وقتل على يد الصينيين في بيكين. وأملى الغزاة الظافرون على المهزومين معاهدة فتحت لهم بمقتضى شروطها ثغور جديدة كما فتح نهر جنج- دزه للتجارة الأجنبية، وحددت طريقة لاستقبال الوزراء الأمريكيين والأوربيين في الصين على قدم المساواة مع الوزراء الصينيين، ووضعت الضمانات القوية لسلامة المبشرين والتجار الأجانب والسماح لهم بممارسة نشاطهم في جميع أجزاء الصين، وأخرجت البعثات التبشيرية من اختصاص المحاكم والموظفين، وزادت في امتيازات أبناء الأمم الغربية وتحررهم من الخضوع لقوانين البلاد، وأعطت بريطانيا قطعة من الأرض مقابلة لهنج كنج؛ وجعلت استيراد الأفيون عملاً مشروعاً، وفرضت على الصين غرامة حربية لينفق منها على إخضاعها لسلطان الغربيين وتدريبها على أساليبهم. 

وشجعت الأمم الأوربية انتصاراتها السهلة فأخذت تقتطع من الصين قطعة بعد قطعة، فاستولت الروسيا على الأراضي التي تقع في شمال نهر عامور وشرق نهر الأوسوري (1860م)، وانتقم الفرنسيون لموت أحد المبشرين بالاستيلاء على الهند الصينية (1885م)، وانقضت اليابان على جارتها ومصدر حضارتها وأثارت عليها حرباً فجائية (1894م)، وهزمتها بعد عام واستولت على فرموزا وحررت كوريا من الصين لتستولي عليها فيما بعد (1910م)، وفرضت على الصين غرامة حربية تبلغ 000ر000ر170 دولار لما سببته لها من متاعب جمة (7). ومنعت الروسيا اليابان أن تستولي على شبه جزيرة لياتنج على أن تؤدي الصين إلى اليابان غرامة إضافية، فلما انقضت ثلاث سنين من ذلك الوقت استولت الروسيا نفسها على شبه الجزيرة وأقامت فيها عدة حصون منيعة. وكان مقتل اثنين من المبشرين على يد الصينيين سبباً في استيلاء ألمانيا على شبه جزيرة شانتنج (1898م)، ثم قسمت الدولة الصينية التي كانت تحكمها من قبل حكومة قوية إلى "مناطق نفوذ" تستمتع فيها هذه الدولة الأوربية أو تلك بامتيازات في التعدين أو التجارة لا تشاركها فيها غيرها من الدول. وخشيت اليابان أن تقسم الصين تقسيماً حقيقياً بين الدول الغربية، وأدركت شدة حاجتها إلى الصين في مستقبل الأيام، فانضمت إلى أمريكا وطالبت الدولتان بسياسة "الباب المفتوح"، أي بحق الدول جميعاً في الاتجار مع الصين على قدم المساواة رغم اعترافها بما للدول في الصين من "مناطق نفوذ"، على أن تكون الضرائب الجمركية ونفقات النقل واحدة لجميع الدول على السواء. وأرادت الولايات المتحدة أن تضع نفسها في مركز يمكنها من أن تساوم على هذه المسائل، فوضعت يدها على جزائر الفلبين (1898م) وأعلنت بعملها هذا عزمها على أن تشترك في النزاع القائم من أجل الاتجار مع الصين.
وفي هذه الأثناء كان فصل آخر من الرواية يمثل وراء جدران القصر الإمبراطوري في بيكين. ذلك أنه لما دخل الحلفاء عاصمة الصين ظافرين في نهاية "حرب الأفيون" الثانية (1860م) فر الإمبراطور الشاب شيان فنج إلى جيهول حيث توفي بعد عام واحد من ذلك الوقت وترك العرش لابنه البالغ من العمر خمس سنين، فما كان من زوجة الإمبراطور الثانية أم ذلك الغلام إلا أن استولت على مقاليد الحكم وتسمت باسم تزه شي- وعرفها العالم باسم الإمبراطورة الوالدة- وحكمت الصين حكماً طيباً صارماً مجرداً من الرحمة دام جيلاً كاملاً. وكانت هذه السيدة في شبابها قد حكمت البلاد بقوة جمالها، أما الآن فقد حكمتها بقوة إرادتها. ولما مات ولدها عند بلوغه سن الرشد (1875م) لم تعبأ الإمبراطورة بالسوابق ولم تأبه بالمعارضين وأجلست على العرش غلاماً قاصراً- جوانج تشو- واستبقت مقاليد الحكم في يدها. وحافظت هذه الإمبراطورة الجريئة على السلام في بلاد الصين نحو ثلاثين عاماً مستعينة في ذلك برجال من دهاقين السياسة أمثال لي هونج- جانج، وأرغمت الدول الجشعة على أن تحسب للصين بعض الحساب. فما أن انقضت اليابان على الصين فجأة، وأسرعت الدول الأوربية إلى تقطيع أوصال البلاد تقطيعاً جديداً بعد انتصار اليابانيين عليها، قامت في عاصمة الصين حركة قوية تطالب بأن تحذو حذو اليابان التي أخذت بأساليب الدول الغربية- أي أن تجيش جيشاً قوياً، وأن تنشئ المصانع وتمهد الطرق وأن تحاول الحصول على الثروة الصناعية التي مولت بها اليابان وأوربا حروبهما الظافرة. وقاومت الإمبراطورة ومستشاروها هذه الحركة بكل ما لديهم من قوة، ولكن جوانج شو انضم إليهم سراً، وكان قد أذن له أن يتربع على العرش وأن يكون إمبراطوراً بحق. فلم تشعر الإمبراطورة ومستشاروها إلا وقد أصدر جوانج إلى الشعب الصيني (في عام 1898م) من غير أن يستشير "بوذا العجوز" (وهو الاسم الذي كانت حاشية الإمبراطورة تطلقه عليها) عدة مراسيم عجيبة لو أن البلاد قبلتها وعملت بها لسارت سيراً حثيثاً سلمياً في طريق الأخذ بأساليب الغرب ونظمه، ولحال أخذها بها دون سقوط الأسرة المالكة وتدهور الأمة في هاوية الفوضى والشقاء. 

فقد أمر الإمبراطور الشاب بإقامة نظام جديد للتعليم وإنشاء مدارس لا يقتصر التعليم فيها على كتب كنفوشيوس وأتباعه القدماء بل تدرس فيها أيضاً الثقافة الغربية في العلوم والآداب والفنون الصناعية؛ وشجع على إنشاء الطرق وإصلاح الجيش والبحرية، وكان يهدف بهذا إلى الاستعداد لمواجهة "الأزمة" المقبلة على حد قوله هو "لأننا محاطون من كل ناحية بجيران أقوياء يريدون بختلهم أن يظفروا بنا، ويحاولون بتألبهم علينا أن يغلبونا على أمرنا" (7). وهال الإمبراطورة الوالدة أن يصدر الإمبراطور هذه المراسيم التي رأت فيها تطرفاً لا تحمد مغبته فسجنت جوانج شو في أحد القصور الإمبراطورية، ونقضت مراسيمه، وقبضت بيدها مرة أخرى على أزمة الحكم في الصين.
وبدأ في ذلك الوقت رد فعل عنيف ومعارضة قوية لجميع الأفكار الغربية اتخذتهما الإمبراطورة الداخلية عوناً لها على الوصول إلى أغراضها. وكان بعض العصاة قد أقاموا في البلاد جماعة تعرف باسم أي هو- جوان؛ أي قبضات التوافق الصالحة. ويطلق عليهم المؤرخون اسم "الملاكمين" (البكسر). وكانت هذه الجماعة تهدف في الأصل إلى خلع الإمبراطورة والأسرة المالكة. ولكن الإمبراطورة أفلحت في إقناع زعمائها بأن يوجهوا هذه الحركة وقوّتها لمقاومة الغزاة الأجانب بدل أن يوجهوها لمقاومتها هي. وقبل الملاكمون أن يصدعوا بأمرها ونادوا بإخراج جميع الأجانب من بلاد الصين، وجرفهم تيار الوطنية العارمة فشرعوا يذبحون المسيحيين بلا تفريق بين الطيب منهم والخبيث في كثير من أنحاء الصين (1900م). فما كان من الجيوش المتحالفة إلا أن زحفت مرة أخرى على بيكين، وكان زحفها في هذه المرة لحماية مواطنيها الذي استولى عليهم الرعب فاختبئوا في أركان دور السفارات الأجنبية. وفرت الإمبراطورة وحاشيتها إلى شيانغو، وانقضت جيوش إنجلترا وفرنسا والروسيا وألمانيا واليابان والولايات المتحدة على المدينة، وأعملت فيها السلب والنهب، وقتلت كثيراً من الصينيين انتقاماً منهم لمواطنيها، وخربت كثيراً من الممتلكات القيمة أو نهبتها (1). وفرض الحلفاء على عدوهم المهول المغلوب غرامة حربية مقدارها 000ر000ر330 دولار يجمعها الأوربيون من المكوس المفروضة على الواردات الصينية وعلى احتكار الملح. على أن جزءاً كبيراً من هذه الغرامة قد رفعته فيما بعد الولايات المتحدة، وبريطانيا العظمى، والروسيا، واليابان، عن الصين. وكانت هذه الدول تشترط عليها عادة أن تنفق الأموال التي نزلت عنها على تعليم الطلبة الصينيين في جامعات الدول التي كانت هذه الأموال من حقها. وكان هذا منها عملاً كريماً كان له من الأثر في تحطيم الصين القديمة أقوى مما كان لأي عمل آخر بمفرده في الصراع التاريخي المرير بين الشرق والغرب.













مصادر و المراجع :

١- قصة الحضارة

المؤلف: وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م)

تقديم: الدكتور محيي الدّين صَابر

ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين

الناشر: دار الجيل، بيروت - لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس

عام النشر: 1408 هـ - 1988 م

عدد الأجزاء: 42 وملحق عن عصر نابليون

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید