ترى كيف نستطيع أن نعيد تصوير حياة بلاد اليونان الآخية (1300 - 1100 ق. م) بالاستناد إلى أقاصيصها؟ أن أكثر ما نعتمد عليه من المصادر في رسم هذه الصورة هو أشعار هومر، وهو إنسان قد لا يكون له وجود، وقد قيلت ملاحمه بعد عصر الآخيين بثلاثة قرون على أقل تقدير. نعم إن علم الآثار قد أدهش الأثريين بأن أثبت أن طروادة، وميسيني، وتيرينز، ونوسس وغيرها من المدائن التي وضعتها الإلياذة كلها مدن حقيقية، كما أدهشتهم بالكشف عن حضارة ميسينية تشبه شبهاً عجيباً تلك الحضارة التي تتشكل من تلقاء نفسها بين أشعار هومر؛ ومن أجل هذا ينزع العلماء في هذه الأيام إلى أن يعدوا بعض الأشخاص المهمين الذين ورد ذكرهم في هذه القصص الخلابة أشخاصاً حقيقيين. لكننا مع هذا لا نستطيع أن نقول إلى أي حد تعكس قصائد هومر حال العصر الذي كان يعيش فيه الشاعر لا العصر الذي يكتب عنه. إذن فكل الذي في وسعنا أن نسأل عنه هو: ما هي الصورة التي كانت تتخيلها الرواية اليونانية كما جمعها هومر في أشعاره عن العصر الهومري؟ ومهما تكن هذه الصورة فإنا سنحصل منها على صورة من بلاد اليونان في طور الانتقال الظريف من الثقافة الإيجية إلى حضارة اليونان في العصور التاريخية.
مصادر و المراجع :
١- قصة الحضارة
المؤلف: وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م)
تقديم: الدكتور محيي الدّين صَابر
ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين
الناشر: دار الجيل، بيروت - لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس
عام النشر: 1408 هـ - 1988 م
عدد الأجزاء: 42 وملحق عن عصر نابليون
تعليقات (0)