أمْ: نوعان1؛ متصلة، ومنقطعة، "أو: منفصلة"
النوع الأول: "المتصلة"، وهي المسبوقة بكلام مشتمل على همزة التسوية2، أو على همزة استفهام يراد منها ومن "أمْ" التعيين "ويكون معناهما في هذه الحالة هو: "أيّ" الاستفهامية"3. فالمتصلة قسمان4، ولكل منهما علامة تميزه من الآخر: أ- علامة: "أمْ" المتصلة بهمزة التسوية أن تكون متوسطة بين جملتين خبريتين، قبلهما معًا همزة تسوية5، وكلتا الجملتين صالحة لأن يحل محلها هي والأداة التي تسبقها6 مصدر مؤول من هذه الجملة؛ فهما جملتان في تأويل مفردين ويبين هذه المفردين "واو" عاطفة تُغْنى عن "أم"؛ كقولهم: على العقلاء أن يعملوا برأي الخبير الأمين، فإن العمل برأيه غُنْم؛ سواءٌ أيوافق الرأيُ هواهم أم يخالفه". والتقدير: موافقةُ الرأي هواهم ومخالفتُه سواء. ومثل: "سؤال الناس مَذَلة وهوان؛ سواء أكان المسؤول قريبًا أم كان غريبًا". أي: سواءٌ كونُ المسؤول قريبًا وكونه غريبًا. فقد حل محل الجملة الفعلية الأولى في المثالين ومعها همزة التسوية، مصدر مؤول من الهمزة والجملة معًا؛ هو مصدر الفعل1 المذكور فيها مع إضافته إلى مرفوعه "فاعلًا كان، أو اسمًا لناسخ … " وحل محل الجملة الفعلية الثانية في المثالين ومعها "أمْ" مصدر مؤول هو مصدر الفعل المذكور فيها مع إضافته إلى مرفوعه كذلك، وجاءت "الواو" بدلًا من "أمْ" في المثالين؛ لتعاطف المصدر الثاني المؤول على نظيره المصدر الأول. ويعرب المصدر الأول على حسب حاجة الجملة … فيعرب في المثالين السالفين خبرًا، مبتدؤه كلمة: "سواء" أو العكس. وقد يعرب في غيرهما مفعولًا به، أو … أو.. على حسب الموقع … ويعرب المصدر المؤول الثاني معطوفًا على الأول بالواو. والجملتان إما فعليتان كما رأينا –وهو الأكثر، ومنه قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} ، والتقدير: إنذارك2 وعدنُه سواءٌ. وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} ، والتقدير: جزعنا وصبرنا سواء3 وإما اسميتان كقول الشاعر وَلَسْتُ أُبالي بعد فقْديَ مالكًا … أَمَوْتِيَ ناءٍ أَم هُوَ الآَنَ واقعُ والتقدير: لست أبالي نَأىَ1 موتى وقوعه الآن. وإما مختلفتان بأن تكون الأولى "وهي المعطوف عليها" فعلية: والثانية "وهي المعطوفة" اسمية كقوله تعالى عن الأصنام: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} ، والتقدير: سواء عليكم دعاؤُكُم إياهم وصمْتُكُم. أو العكس، نحو: لا يبالي الحرّ في إنجاز العمل أرئيسهُ حاضر أم يغيب. والتقدير: لا يبالي الحرُّ حضورَ رئيسه وغيابه2. والمصدر المؤول هنا مفعول به … والجملة بمعنى: سواءٌ على الحرّ أرئيسه حاضر أم غائب. وليس من اللازم أن تكون همزة التسوية مسبوقة بكلمة "سواء" فقد يغنى عنها ما يدل دلالتها في التسوية؛ نحو: "ما أبالي" … أو ما يشبهها من هذه الناحية3 إنما اللازم أن تكون مسبوقة بكلمة: "سواء" أو بما يؤدي معناها؛ كما في بعض الأمثلة السابقة. هذا، ولا شأن لهمزة التسوية بالاستفهام فقد تركته نهائيًا وتمضحت للتسوية