عطف الفعل وحده على كذلك
عرفنا فيما سبق أن عطف الاسم وحده على الاسم يعد من عطف المفردات2 بعضها على بعض، كقول الشاعر: وكل زاد عرضة للنفاد … غير التقى، والبر، والرشاد وكما يجوز عطف الاسم وحده على نظيره في الاسمية عطف مفردات يجوز عطف الفعل -وحده من غير مرفوعه3- على الفعل وحده عطف مفردات أيضا؛ نحو: "إذا تعرض وتصدى المرء لكشف معايب الناس مزقوه بسهام أقوالهم وأعمالهم. وهي سهام لن يستطيع أو يقدر احد على احتمالها4". فالفعل: "تصدى" معطوف وحده على الفعل: "تعرض" وكذا الفعل: "يقدر" معطوف وحده على الفعل "يستطيع5" وكل هذا من عطف المفردات؛ إذ لم يشترك الفاعل -هنا- مع فعله في العطف. فلو اشترك معه لكان العطف عطف جملة فعلية على جملة فعلية6 … ويشترط لعطف الفعل على الفعل أمران أولهما: اتحادهما في الزمن1؛ بأن يكون زمنهما معا ماضيا، أو حالا، أو مستقبلا؛ سواء أكانا متحدين في النوع "أي: ماضيين، أو: مضارعين2" أم مختلفين: فلا يمنع من عطف أحدهما على الآخر تخالفهما في النوع3. وإذا اتحدا زمانا. فمثالا تحادها زمانا ونوعا، قوله تعالى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} 4. وقول الشاعر في مدح عالم: سعى وجرى5 للعلم شوطا يروقه … فأدرك حظا لم ينله أوائله ومثال اتحادهما زمانا مع اختلافهما نوعا: عطف الماضي على المضارع في قوله تعالى بشأن فرعون: {يَقْدُمُ 6 قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} ، فالفعل: "أورد" ماض، معطوف بالفاء على الفعل المضارع: "يقدم" وهما مختلفان نوعا، لكنهما متحدان زمانا؛ لأن مدلولهما لا يتحقق إلا في المستقبل "يوم القيامة"7 … ومثال عطف المضارع على الماضي قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} فالفعل: "يجعل" مضارع مجزوم؛ لأنه معطوف على الفعل الماضي: "جعل" المبني في محل جزم1؛ لأنه جواب الشرط. وصح العطف لاتحاد زمانيهما الذي يتحقق فيه المعنى2، وهو الزمن المستقبل … ثانيهما: اتحادهما إن كان مضارعين في العلامة الدالة على الإعراب -"من حركة أو سكون، أو غيرهما"- ويتبع هذا اتحاد معنيهما في النفي والإثبات؛ فإذا كان "المعطوف عليه" مضارعا مرفوعا، أو منصوبا، أو مجزوما، وجب أن يكون المضارع "المعطوف". كذلك وأن يكون معنى المعطوف كالمعطوف عليه في النفي والإثبات؛ فكما يتبعه في علامات الإعراب يتبعه فيهما معنى. فمثال المرفوعين: يفيض فيغدق نهرنا الخير على الوادي. ومثال المنصوبين: لن يفيض النهر فيغرق الساحل. ومثال المجزومين: لم يفض نهرنا فيغرق ساحله3 …